< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

42/07/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصيد والذباحة

القول: في الذباحة

مسألة (21): لو خرج جنين أو اخرج من بطن امّه، فمع حياة الامّ أو موتها بدون التذكية، لم يحلّ أكله إلّا إذا كان حيّاً ووقعت عليه التذكية، وكذا إن خرج أو اخرج حيّاً من بطن امّه المذكّاة، فإنّه لا يحلّ إلّا بالتذكية، فلو لم يذكّ لم يحلّ وإن كان عدمها من جهة عدم اتّساع الزمان لها على الأقوى. وأمّا لو خرج أو اخرج ميّتاً من بطن امّه المذكّاة، حلّ أكله، وكانت تذكيته بتذكية امّه، لكن بشرط كونه تامّ الخلقة وقد أشعر أو أوبر وإلّا فميتة، ولا فرق في حلّيته‌ مع الشرط المزبور بين ما لم تلجه الروح وبين ما ولجته ومات في بطن امّه على الأقوى[1] .

 

أما قول سيدنا (قده) في الفقرة الاولى بالحكم بعدم حلية أكله وذلك لعدم تحقق التذكية في كل من الأم والجنين، هذا مضافًا إلى الاصل، نعم لو كان الجنين حيًا ووقعت التذكية عليه فيحل عندئذ.كما أنه يحلّ أيضًا فيما لو خرج أو اُخرج حيًا من بطن أمِّه المذكاة فإنه لا يحل إلا بالتذكية وذلك لإطلاق الدليل الدال على وقوع التذكية على الحي وأن ظاهر الأدلة هو إنحصار الحلية في التذكية إما على نحو الاستقلال بتذكية الجنين فيما لو خرج حين وإما بتبعية التذكية من الأم إلى الجنين فيما لو ماتت الأم وخرج الجنين أو أُخرج ميتًا فذكاته بذكاة أمه، وأما لو خرج حيًا فلا بد من تذكيته في المقام.وأما لو لم يذكّ فلا يحكم بحليته وذلك للاصل وإجماع الفقهاء (أعلى الله مقامهم) بعد إنتفاء التذكيتين.وحكمه (قده) بعدم التذكية من جهة عدم إتساع الزمان لها على الأقوى فيمكن الاستدلال عليه بالاجماع أولًا وبإطلاق النصوص الواردة في المقام منها موثقة عمار بن موسى:

-(عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام)ـ في حديثـ أنّه سأله عن الشاة تذبح فيموت ولدها في بطنها ؟ قال: كله فانّه حلال؛ لأنَّ ذكاته ذكاة أُمّه، فإن هو خرج وهو حيّ فاذبحه وكل، فان مات قبل أن تذبحه فلا تأكله، وكذلك البقر والإبل)[2] .

وقوله (قده): (وأما لو خرج أو أُخرج ميتًا من بطن أمّه المذكاة حلّ أكله وكانت تذكيته بتذكية أُمه. لكن بشرط كونه تام الخلقة وقد اُشعر أو اُبر وإلا فميتة).

وهذا للنصوص العديدة في المقام ومنها ما هو المشهور عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بل قيل إنه متواتر بين الفريقين. قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): (ذكاة الجنين ذكاة اُمه).

-( عوالي اللآلي: روى أبو سعيد الخدري قال: سألنا النبي (صلى الله عليه وآله)، فقلنا: يا رسول الله، إنا نذبح الناقة ونذبح البقرة، وفي بطنها الجنين، أنلقيه أم نأكله؟ قال: « كلوه إن شئتم، فإن ذكاة الجنين ذكاة أمه » فروي ذكاة الثاني بالرفع وروي بالنصب، وعلى الأول لا يحتاج على ذكاة، وعلى الثاني لا بد من تذكيته)[3] .

وأيضًا:

-(محمد بن عليّ بن الحسين في (عيون الأخبار) بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه ‌السلام) في كتابه إلى المأمون، قال: وذكاة الجنين ذكاة أُمّه إذا أشعر وأوبر)[4] .

وقد فسّر الائمة (عليهم السلام) (البهيمة) بالجنين بقوله تعالى: (اُحلت لكم بهيمة الانعام).كما في صحيحة محمد بن مسلم:

-(عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أُذينة، عن محمّد بن مسلم، قال سألت أحدهما (عليهما السلام) عن قول الله عزّ وجلّ: (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ) ؟ قال: الجنين في بطن أُمّه إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة أُمّه، فذلك الذي عنى الله عزّ وجلّ)[5] .

ومرسلة البزنطي المصحّحة:

-(عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) في قول الله عزّ وجلّ: (أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ) قال: الجنين في بطن أمّه إذا أشعر وأوبر فذكاته ذكاة أُمّه)[6] .

بالإجماع أولًا وبكل من صحيحة عبد الله بن مسكان:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن ابن المغيرة، عن ابن مسكان عن أبي جعفر (عليه ‌السلام)، أنّه قال في الذبيحة تذبح، وفي بطنها ولد، قال: إن كان تامّاً فكله، فإنَّ ذكاته ذكاة أُمّه، وإن لم يكن تامّاً فلا تأكله)[7] .

وأيضًا:

-(عن النضر بن سويد، عن القاسم بن سليمان، عن جرّاح المدايني، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) قال: إذا ذبحت ذبيحة، وفي بطنها ولد تامّ، فانَّ ذكاته ذكاة أُمّه، فان لم يكن تامّاً فلا تأكله)[8] .

وأيضًا كما عن الشيخ الصدوق (ره) في (عيون الاخبار) بإسناده عن الفضل بن شاذان عن مولانا الرضا (عليه السلام) في كتابه إلى المأمون:

-(محمد بن عليّ بن الحسين في (عيون الأخبار) بإسناده عن الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه ‌السلام) في كتابه إلى المأمون، قال: وذكاة الجنين ذكاة أُمّه إذا أشعر وأوبر)[9] .

وعليه فإن لم تتم خلقته ولم يشعر ولم يوبر كان ميتة وحرامًا وهذا ما عليه الاجماع وقول مولانا الصادق (عليه السلام): (فإن لم يكن تامًا فلا تأكله).وأما قوله (قده): (ولا فرق في حليته مع الشرط المذكور بين ما لم تلجه الروح وبين ما ولجته ومات في بطن اُمه على الأقوى).ويدل عليه إطلاق رواية عمار بن موسى الشامل له في المقام:

-(عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن، عن عمرو بن سعيد عن مصدِّق بن صدقة، عن عمّار بن موسى، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام) في حديثـ أنّه سأله عن الشاة تذبح فيموت ولدها في بطنها ؟ قال: كله فانّه حلال؛ لأنَّ ذكاته ذكاة أُمّه، فإن هو خرج وهو حيّ فاذبحه وكل، فان مات قبل أن تذبحه فلا تأكله، وكذلك البقر والإبل)[10] .

لا يُقال إن ما ولجته الروح لا بد من تذكيته وإلا فهو حرام تمسكًا بإطلاق بعض الروايات من جهة أنه مع عدم ولوج الروح يكون الجنين تبعًا لأمّه فيشمله قوله (صلى الله عليه وآله وسلم):(ذكاة الجنين ذكاة اُمه). وعليه يكون ولوج الروح كاشفًا عن الاستقلالية وعندئذ يُشك في شمول الحديث له والمرجع هو أصالة عدم التذكية بل يقال: إن الدليل في المقام كما في رواية عمار بن موسى حاكمة على هكذا إطلاق. وإطلاق الدليل يشمل ما ولجته الروح فلا شك حينئذ، حتى يٌتمسك بالأصل.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo