< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

42/10/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الأطعمة والاشربة

 

القول: في الحيوان

كتاب الأطعمة والاشربة

والمقصود من هذا الكتاب بيان المحلّل والمحرّم من الحيوان وغير الحيوان

القول في الحيوان[1]

كلمة لا بد منها:

اعلم وفقك الله تعالى وإيانا بأن الطعام والشراب من النّعم الإلهية العظيمة على الانسان أن جعل الله تعالى له غذاءً للبدن والذي له الأثر الكبير فيه على روحه وروحانيته وأنه من الألطاف الإلهية أيضًا أن جعل تعالى اصلًا من الأصول المهمّة والعظيمة في الطعام والشراب وهو أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل خاص على الحرمة والنهي الصريح على ترك ما لا يحل من الطعام والشراب، ومن الالطاف أيضًا أن العقل يقضي بالإباحة المطلقة للقاعدة العقلائية المشهورة (قبح العقاب بلا بيان والمؤاخذة بلا برهان).

وإليه تشير بعض الروايات المعتبرة في هذا الباب منها:

(محمّد بن يعقوب، عن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن مسلم، عن عبد الرحمان بن سالم، عن مفضّل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه‌ السلام): أخبرني ـ جعلني الله فداك ـ لمَ حرّم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ قال: إنَّ الله تبارك وتعالى لم يحرّم ذلك على عباده وأحلّ لهم ما سواه من رغبة منه فيما (حرّم عليهم)، ولا زهد فيما (أحلّ لهم)، ولكنّه خلق الخلق، (فعلم) ما تقوم به أبدانهم، وما يصلحهم، فأحلّه لهم وأباحه؛ تفضّلاً منه عليهم به لمصلحتهم، وعلم ما يضرّهم فنهاهم عنه وحرّمه عليهم، ثمَّ أباحه للمضطرّ، وأحلّه له في الوقت الّذي لا يقوم بدنه إلاّ به، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك، ثمَّ قال: أمّا الميتة فانّه لا يدمنها أحد إلاّ ضعف بدنه، ونحل جسمه، ووهنت قوَّته، وانقطع نسله، ولا يموت آكل الميتة الاّ فجأة، وأمّا الدم فانّه يورث أكله الماء الأصفر، (ويبخر الفم، وينتن الريح، ويسيء الخلق)، ويورث الكلب، والقسوة في القلب، وقلّة الرأفة والرحمة، حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه، ولا يؤمن على حميمه، ولا يؤمن على من يصحبه، وأمّا لحم الخنزير فانّ الله تبارك وتعالى مسخ قوماً في صور شتّى مثل الخنزير والقرد والدبّ، (وما كان من المسوخ) ثمَّ نهى عن أكله للمثلة لكيلا ينتفع الناس (به، ولا يستخفوا بعقوبته)، وأمّا الخمر فانَّه حرَّمها لفعلها وفسادها، وقال: مدمن الخمر كعابد وثن يورثه الارتعاش، ويذهب بنوره، ويهدم مروءته، ويحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء، وركوب الزنا، ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك، والخمر لا يزداد شاربها إلاّ كلّ شرّ)[2] .

(محمد بن عليّ بن الحسين في (العلل) و (عيون الأخبار) بأسانيده عن محمد بن سنان، عن الرضا (عليه‌ السلام) فيما كتب إليه من جواب مسائله: وحرَّم الخنزير؛ لأنّه مشوّه، جعله الله عظة للخلق وعبرة وتخويفاً، ودليلاً على ما مسخ على خلقته؛ لأنَّ غذاءه أقذر الأقذار، مع علل كثيرة، وكذلك حرَّم القرد؛ لأنَّه مسخ مثل الخنزير، وجعل عظة وعبرة للخلق، ودليلاً على ما مسخ على خلقته وصورته، وجعل فيه شبهاً من الإنسان؛ ليدلّ على أنّه من الخلق المغضوب عليهم، وحرّمت الميتة؛ لما فيها من فساد الأبدان والآفة، ولما اراد الله عزّ وجلّ أن يجعل تسميته سبباً للتحليل وفرقاً بين الحلال والحرام، وحرّم الله الدم كتحريم الميتة؛ لما فيه من فساد الأبدان، وأنّه يورث الماء الأصفر، ويبخر الفم، وينتن الريح، ويسيء الخلق ويورث قساوة القلب، وقلّة الرأفة والرحمة، حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالده وصاحبه)[3] .

(وفي العلل، عن أبيه، عن محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمد بن عليّ الكوفي، عن عبد الرحمن بن سالم، عن المفضّل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه‌ السلام) لِمَ حرَّم الله لحم الخنزير؟ قال: إنَّ الله مسخ قوماً في صور شتّى مثل الخنزير والقرد والدبّ، ثمَّ نهى عن أكل المثلة؛ لكيلا ينتفع الناس، ولا يستخف بعقوبته)[4] .

(أحمد بن عليّ بن أبي طالب الطبرسي في (الاحتجاج) عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام): أنَّ زنديقاً قال له: لِمَ حرّم الله الدم المسفوح؟ قال: لأنّه يورث القساوة، ويسلب الفؤاد الرحمة، ويعفّن البدن، ويغيّر اللون، وأكثر ما يصيب الإِنسان الجذام يكون من أكل الدم، قال: فأكل الغدد؟ قال: يورث الجذام، قال: فالميتة لِمَ حرّمها؟ قال: فرقاً بينها وبين ما ذكر اسم الله عليه، والميتة قد جمد فيها الدم، وترجع إلى بدنها، فلحمها ثقيل غير مريء؛ لأنّها يؤكل لحمها بدمها)[5] .

-(عليُّ بن إبراهيم في (تفسيره)، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: يا حفص! ما أنزلت الدنيا من نفسي إلاّ بمنزلة الميتة، إذا اضطررت اليها أكلت منها)[6] .

ويمكن تقسيم المأكول والمشروب بأنهما إما يكونا من الطيبات أو من الخبائث كما تشير الآية الكريمة:

(الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[7]

وعليه الكثير من الروايات الواردة عن اهل بيت العصمة والطهارة (عليهم السلام).

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo