< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

42/10/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الأطعمة والاشربة

 

القول: في الحيوان

كتاب الأطعمة والاشربة

وقد وقع الخلاف في تحديد الطيب والخبيث مع اختلاف الاذواق والامزجة والطباع عند الناس لاختلاف بلدانهم واديانهم وثقافتهم الموروثة بيئيًا وتربويًا قديمًا وحديثًا.

ولكن قبل تحديد الضابطة في ما هو الطيب والخبيث لا بد من إخراج ما دل الدليل الشرعي على حرمته عن محل النزاع لأنه مع نهي الشارع الاقدس عن شيء بأنه يكشف ذلك عن كونه خبيثًا محرّمًا ولا كلام في ذلك للقاعدة المشهورة (الاجتهاد في مقابل النص باطل) فلا اجتهاد في مقابل النص الصريح على الحرمة أو الحلية.

وما عدا ذلك فإنه من المعلوم أن الطيب والخبيث من الأمور النسبية الإضافية التي تختلف بإختلاف الزمان والمكان والحال والاحوال الشخصية والمجتمعية، وبينها مراتب كثيرة من الصعوبة بمكان نصب الحدود وتعيينها بحد محدود.

اللهم إلا أن نرجع الضابطة في ذلك إلى أصحاب القريحة الصافية المعتدلة بلا إفراط ولا تفريط ولا تهاون فلا تأخذ بقول المتسامحين الذين يأكلون كل شيء ويرونه طيبًا ولو كان من الجيف والحشرات كما لا تأخذ بقول المترفين المتألقين الذين لا يأكلون إلا أحسن ما يقدرون عليه. ولا لخصوصية زمان ما أو شياعه في مكان ما، بل نأخذ بقول أولئك الذين يميزون بأذواقهم المعتدلة السليمة بين الطيب والخبيث وهو ما عليه العرف السديد. في عالم المأكول والمشروب.

وأما لو اختلفوا في ذلك ايضًا ووقع الشك والتردد فيما بينهم وتعسّر ترجيح أحد الاقوال، على غيرها فالمرجح عندئذ هو اصالة الحلية في ما شك في حليته والله العالم

 

مسألة (1): لا يؤكل من حيوان البحر إلّا السمك والطير في الجملة، فيحرم غيره من أنواع حيوانه حتّى ما يؤكل مثله في البرّ كبقره على الأقوى[1] .

 

ما يوجد في البحر من حهة ما يحل وما يحرم أكله على ثلاثة أنواع:

1 – الأسماك.

2 – الحيوانات من غير السمك.

3 – الأعشاب.

فأما الأعشاب فلا كلام في حلية أكلها من البحر كما البر ما لم يقم الدليل على حرمتها بالخصوص أو كانت مضرّة ضررًا معتدًا به عقلائيًا وفاقًا لما تقتضيه الأدلة والقواعد في المقام.

وهو موضع اتفاق وتسالم بين الاعلام (اعلى الله مقامهم).

وأما الحيوانات البحرية غير الأسماك فقد ذهب علماؤنا (اعلى الله مقامهم) إلى حرمتها لما سيأتي بعد قليل.

وأما الأسماك فقد تضافرت الروايات الصحيحة والمعتبرة على حرمة ما ليس له فَلس (قشر) منه وإنحصار الحلية فيما كان له فلس، مضافًا للإجماع وما قامت عليه سيرة المتشرعة.

ومنها صحيحة حماد بن عثمان:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه‌ السلام): الحيتان ما يؤكل منها؟ فقال: ما كان له قشر، قلت: ما تقول في الكنعت؟ قال: لا بأس بأكله، قال: قلت: فانّه ليس له قشر، فقال:

بلى، ولكنّها حوت سيّئة الخلق تحتكّ بكلِّ شيء، فإذا نظرت في أصل أُذنها وجدت لها قشراً)[2] .

ومنها رواية يونس:

-(وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن صالح بن السندي، عن يونس، قال: كتبت الى الرضا (عليه‌ السلام): السمك لا يكون له قشور أيؤكل؟ قال: إنّ من السمك ما يكون له زعارة، فيحتكّ بكلّ شيء، فتذهب قشوره، ولكن إذا اختلف طرفاه، يعني: ذنبه ورأسه فكل)[3] .

ومنها مصححة محمد بن مسلم:

-(محمّد بن يعقوب، عن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد جميعاً، عن ابن محبوب، وأحمد بن محمد بن أبي نصر جميعاً، عن العلاء، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) ـ في حديث ـ قال: قلت له: رحمك الله، إنّا نؤتى بالسمك ليس له قشر، فقال: كل ما له قشر من السمك، وما ليس له قشر فلا تأكله)[4] .

ومنها صحيحة حماد الثانية:

-(الحسن بن عليّ، عن حمّاد بن عثمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه‌ السلام): جعلت فداك، الحيتان ما يؤكل منها؟ قال: ما كان له قشر).[5]

ومنها مرسلة حماد عن حريز:

-(عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد، عن حريز، عمّن ذكره عنهما (عليهما‌ السلام): أنّ أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) كان يكره الجرّيث، ويقول: لا تأكل من السمك إلاّ شيئاً عليه فلوس، وكره المارماهي)[6] .

ومنها صحيحة عبد الله بن سنان:

-(عن عبد الله بن المغيرة، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: كان عليّ (عليه‌ السلام) بالكوفة يركب بغلة رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، ثمَّ يمرّ بسوق الحيتان، فيقول: لا تأكلوا، ولا تبيعوا ما لم يكن له قشر من السمك)[7] .

-(عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) ـ في حديث قال: ما لم يكن له قشر من السمك فلا تقربه).[8]

-(عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام): أنَّ أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) كان يركب بغلة رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، ثمَّ يمرّ بسوق الحيتان، فيقول: ألا لا تأكلوا، ولا تبيعوا ما لم يكن له قشر)[9] .

-(محمّد بن عليِّ بن الحسين قال: قال الصادق (عليه‌ السلام): كل من السمك ما كان له فلوس، ولا تأكل منه ما ليس له فلس)[10] .

-(الحسن بن الفضل الطبرسي في (مكارم الأخلاق) عن أحمد بن إسحاق، قال: كتبت إلى أبي محمد (عليه‌ السلام) أسأله عن الاسقنقور يدخل في دواء الباه، وله مخاليب وذنب، أيجوز أن يشرب؟ فقال: إذا كان لها قشور فلا بأس)[11] .

وأما ورود بعض الروايات التي ظاهرها حلية مطلق ما في البحر سواءٌ أكان من الحيوان وغيره من الأسماك. فهي إما ضعيفة سندًا أو ضعيفة لإرسالها كما في (ئل ب 22 من أبواب الأطعمة والاشربة ح 2 ).

(قال: وقال الصادق (عليه‌ السلام): كلُّ ما كان في البحر ممّا يؤكل في البرّ مثله فجائز أكله، وكلُّ ما كان في البحر ممّا لا يجوز أكله في البرّ لم يجز أكله)[12] .

 

-(عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن الحلبي، قال: قال أبو عبد الله (عليه‌ السلام): لا تأكل الجريّ، ولا الطحال، فان رسول الله (صلى‌ الله ‌عليه‌ وآله) كرهه، وقال: إنَّ في كتاب عليّ (عليه‌ السلام) ينهى عن الجرّيّ، وعن جماع من السمك)[13] .

(ن م ب 39 ح 3 ).

-(عن أحمد بن حمزة، عن محمد بن خلف، عن محمد بن سنان، عن عبد الله بن سنان، عن ابن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد الله (عليه‌ السلام) عن أكل لحم الخز؟ قال: كلب الماء ان كان له ناب فلا تقربه، وإلاّ فاقربه)[14] .

والصحيح منها فيمكن ردّه لموافقته للتقية من جهة ومخالفته لمشهور ما ذهب إليه الاصحاب (قده) أو لمعارضته بما هو اقوى منه دلالة وإعتبارًا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo