< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

43/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:كتاب الأطعمة والاشربة.

القول: في الحيوان.

مسألة (7): الأحوط التنزّه والاجتناب عن الغراب بجميع أقسامه حتّى الزاغ، وهو غراب الزرع، والغداف الذي هو أصغر منه أغبر اللون كالرماد، ويتأكّد الاحتياط في الأبقع الذي فيه سواد وبياض، ويقال له: العقعق، والأسود الكبير الذي يسكن الجبال، وهما يأكلان الجيف، ويحتمل قويّاً كونهما من سباع الطير، فتقوى فيهما الحرمة، بل الحرمة في مطلق الغراب لا تخلو من قرب.[1]

 

ذهب جمع من الفقهاء الامامية (اعلى الله مقامهم) قديمًا وحديثًا إلى تحريم الغراب بأقسامه المذكورة في المسألة وأدعّى الشيخ (قده) في خلافه إجماع الفرقة وأخبارها على الحرمة في مطلق الغراب وقال بالاجماع غيره أيضًا.

واستدل مشهور الفقهاء الامامية (اعلى الله مقامهم) على التحريم تارة بالروايات العديدة وطورًا بأصالة عدم التذكية.

ومن الروايات التي تمسّك بها القوم للحكم بالتحريم:

-(محمد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن العمركي بن علي، عن عليّ بن جعفر، عن أخيه أبي الحسن (عليه‌ السلام)، قال: سألته عن الغراب الأبقع والأسود، أيحلُّ أكلهما؟ فقال: لا يحلّ أكل شيء من الغربان، زاغ ولا غيره)[2] .

-(عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيى الواسطي، قال: سئل الرضا (عليه‌ السلام) عن الغراب الأبقع؟ قال: إنّه لا يؤكل، ومن أحلّ لك الأسود ؟!.)[3]

-(عن عبد الله بن محمد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي إسماعيل، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه‌ السلام) عن بيض الغراب، فقال: لا تأكله)[4] .

-(محمّد بن عليِّ بن الحسين قال: قال الصادق (عليه‌ السلام): لا يؤكل من الغربان شيء، زاغ ولا غيره، ولا يؤكل من الحيّات شيء)[5] .

ولكن يمكن المناقشة في ذلك كلّه:

فأما الاجماع: نقول كيف يمكن تحقق الاجماع مع خروج جمع من الفقهاء (اعلى الله مقامهم) عن ذلك بما فيهم مدِّعي الاجماع الاول وهو الشيخ (قده) في نهايته وفي كتابيه التهذيب والاستبصار لذهابه إلى الحلية مطلقًا ولكن على كراهته.

هذا وقد فصّل في الغراب من جهة الحلية والحرمة وقال بحرمته فيما يأكل الميتة والحلية فيما لا يأكلها فراجع.

وإذا كان الامر كذلك فلا يمكن الركون إلى الاجماع واعتباره مع خروج الشيخ فيما ذكرناه.

وأما الاخبار فهي معارضة بروايات لا تقل إعتبارًا من السابقة الظاهرة في التحريم بل غايتها الدلالة على الكراهية ليس أكثر ومنها:

-(محمد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن فضالة، عن أبان بن عثمان، عن زرارة، عن أحدهما (عليهما‌ السلام) أنّه قال: إنَّ أكل الغراب ليس بحرام، إنّما الحرام ما حرّم الله في كتابه، ولكن الأنفس تتنزّه عن كثير من ذلك تقزّزاً)[6] .

-(عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن غياث بن إبراهيم، عن جعفر ابن محمد (عليهما‌ السلام)، أنّه كره أكل الغراب؛ لأنّه فاسق)[7] .

والحديث الثاني صحيحٌ سندًا وواضحٌ دلالةً.

لا يقال بكون الاخبار الدالة على الحلية أنها للتقية لموافقتها للعامة: بل يُقال بإمكان الجمع العرفي بين الاخبار المتعارضة ولها أمثلة كثيرة على ذلك، والا لزم الخروج عن اهم موارد الجمع بين المتعارضين من الأدلة في حالات كثيرة.

خصوصًا مع كون صحيح زرارة معلّل في دلالته على الكراهة لإعتبار أن الانفس تتنزه عن كثير من ذلك.

وأما استدلالهم (اعلى الله مقامهم) بأصالة عدم التذكية فقد تقدم الكلام حولها بالإضافة إلى الرجوع لأصالة الحلية الموافقة للكتاب والسّنة.

والمحصل أن الأقوى القول بالحلية مع الكراهة لما تقدم، بل هو الاحوط الذي لا ينبغي تركه. والله العالم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo