< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

43/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:كتاب الأطعمة والاشربة.

القول: في الحيوان.

مسألة (8): يميّز محلّل الطير عن محرّمه بأمرين، جُعل كلّ منهما في الشرع علامة للحلّ والحرمة فيما لم ينصّ على حلّيته ولا على حرمته، دون ما نصّ فيه على حكمه من حيث الحلّ والحرمة كالأنواع المتقدّمة:

أحدهما: الصفيف والدفيف، فكلّ ما كان صفيفه -وهو بسط جناحيه عند الطيران- أكثر من دفيفه -وهو تحريكهما عنده- فهو حرام، وما كان بالعكبأن كان دفيفه أكثر- فهو حلال.

ثانيهما: الحوصلة والقانصة والصيصية، فما كان فيه أحد هذه الثلاثة فهو حلال، وما لم يكن فيه شي‌ء منها فهو حرام. والحوصلة: ما يجتمع فيه الحبّ وغيره من المأكول عند الحلق. والقانصة: قطعة صلبة تجتمع فيها الحصاة الدقاق التي يأكلها الطير. والصيصية: هي الشوكة التي في رِجل الطير موضع العقب. ويتساوى طير الماء مع غيره في العلامتين المزبورتين، فما كان دفيفه أكثر من صفيفه، أو كان فيه أحد الثلاثة، فهو حلال وإن كان يأكل السمك، وما كان صفيفه أكثر من دفيفه، أو لم يوجد فيه شي‌ء من الثلاثة، فهو حرام[1] .

 

تارة يقوم الدليل على حلية الطير أو على حرمته فهو على ما دل الدليل عليه بلا خلاف ولا إشكال، ولا يُنظر إلى علامة الصفيف والدفيف بعد ذلك، فما دل الدليل على حليته مثلًا فهو حلالٌ وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه، وهكذا لو دل الدليل على حرمته فهو حرام وإن كان دفيفه أكثر من صفيفه.

نعم الكلام فيما لو كان الطير مجهول الحلية والحرمة لعدم ذكره بدليل خاص معتبر وعندئذ نرجع إلى العلامات المذكورة في لسان الأدلة الشرعية التي تحدّد الحرام والحلال منه.

وهناك علامتان لمجهول الطير من جهة الحلية والحرمة.

الأولى: ما كان دفيفه أكثر من صفيفه فهو حلال وما كان بالعكس كأن يكون صفيفه أكثر من دفيفه فهو حرام.

والثانية: مع مجهولية العلامة الأولى نرى اذا كان للطير حوصلة أو قانصة أو صيصية فان وجدت إحدى هذه الثلاثة في الطير المجهول الحال فهو حلال وإن لم يوجد فيه شيء من هذه الثلاثة فهو حرام.

والحوصلة: (قطعة صلبة يجتمع فيه الحب وغيره من المأكول عند الحلق).

والقانصة: (قطعة صلبة تجتمع فيها الحصاة الدقاق التي يأكلها الطير).

والصيصية: (هي الشوكة التي في رجل الطير موضع العقب).

وهاتان العلامتان قد دلت عليهما الاخبار العديدة والمعتبرة مضافًا إلى إجماع مدرسة اهل البيت (عليهم السلام).

ومن الروايات (في العلامة الأولى):

-(محمّد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عليّ بن رئاب، عن زرارة أنّه سأل أبا جعفر (عليه‌ السلام) عمّا يؤكل من الطير؟ فقال: كل ما دفّ، ولا تأكل ما صفّ)[2] .

-(عن بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن محمد بن القاسم، عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه‌ السلام): إنّي أكون في الآجام، فيختلف عليَّ الطير، فما آكل منه؟ قال: كل ما دفّ، ولا تأكل ما صفّ)[3] .

-(محمد بن علي بن الحسين، قال: وفي حديث آخر: إن كان الطير يصفّ ويدفّ فكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه فلا يؤكل، ويؤكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية، ولا يؤكل ما ليس له قانصة أو صيصية)[4] .

ولفظ الأكثرية واضح في ما ورد عن الشيخ الصدوق (قده) في كتابه (من لم يحضره الفقيه).

وهذا ما يشير لنا أنها علامة محض عرفية يلاحظها العرف العام من خلال الدفيف والصفيف على نحو الاعم الأغلب فيها.

وأما العلامة الثانية فقد وردت الاخبار فيها، ومنها:

-(عن ابن محبوب، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) ـ في حديث ـ قال: كل الآن من طير البرّ ما كانت له حوصلة، ومن طير الماء ما كانت له قانصة كقانصة الحمام، لا معدة كمعدة الانسان ـ إلى أن قال: والقانصة والحوصلة يمتحن بهما من الطير ما لا يعرف طيرانه، وكلّ طير مجهول)[5] .

-(عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، قال: كل من الطير ما كانت له قانصة، ولا مخلب له قال: وسئل عن طير الماء؟ فقال مثل ذلك)[6] .

-(عن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام) قال: كل من الطير ما كانت له قانصة، أو صيصية أو حوصلة)[7] .

-(عن بعض أصحابنا، عن ابن جمهور، عن محمد بن القاسم، عن عبد الله بن أبي يعفور ـ في حديث ـ أنّه سأل أبا عبد الله (عليه‌ السلام) عن الطير يؤتى به مذبوحاً؟ قال: كل ما كانت له قانصة)[8] .

وهي معتبرة سندًا وواضحة دلالة ولا خلاف فيها عند مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).

وقوله (قده): (ويتساوى طير الماء مع غيره في العلامتين المزبورتين، فما كان دفيفه أكثر من صفيفه، أو كان فيه أحد الثلاثة، فهو حلال وإن كان يأكل السمك، وما كان صفيفه أكثر من دفيفه، أو لم يوجد فيه شي‌ء من الثلاثة، فهو حرام)

فقضية التساوي بين طير البر وطير الماء لا خلاف فيها من جهة ظاهر الاطلاق في الطير الوارد وفي منطوق الروايات ومن جهة ورود دليل خاص على طير الماء أيضًا كما في:

-(محمد بن علي بن الحسين، قال: وفي حديث آخر: إن كان الطير يصفّ ويدفّ فكان دفيفه أكثر من صفيفه أكل، وإن كان صفيفه أكثر من دفيفه فلا يؤكل، ويؤكل من طير الماء ما كانت له قانصة أو صيصية، ولا يؤكل ما ليس له قانصة أو صيصية)[9] .

هذا وإن كان الطير المحلل الاكل مما يأكل الأسماك لورود الدليل على حليته بعد تحقق احدى العلامات فيه.

وسيأتي الكلام في المسألة اللاحقة عن تعارض العلامتين. والحمد لله رب العالمين.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo