< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

43/04/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:كتاب الأطعمة والاشربة.

القول: في الحيوان.

مسألة (23): الحيوان الموطوء إن كان ممّا يراد أكله كالشاة و البقرة و الناقة، يجب أن يذبح ثمّ يحرق، ويغرم الواطئ قيمته لمالكه إن كان غير المالك، و إن كان ممّا يراد ظهره -حملًا أو ركوباً- وليس يعتاد أكله كالحمار و البغل و الفرس، اخرج من المحلّ الذي فعل به إلى بلد آخر فيباع فيه، فيعطى ثمنه للواطئ، ويغرم قيمته إن كان غير المالك[1] .

تارة يكون الواطئ هو المالك للدابة وعندئذ يُقتصر الحكم على ذبح الحيوان وحرقه وطورًا يكون الفاعل غير المالك وهنا تارة يكون الحيوان ممّا يُراد أكله كالشاة والبقرة والناقة وغيرها وعندئذ فالحكم هو الذبح والاحراق وتغريم الواطئ ثمنها واعطاؤه للمالك، كما دلت عليه الرواية المتقدمة

-(محمد بن الحسن بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن، عن عبدالله بن سنان، عن أبي عبدالله (عليه‌ السلام) وعن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرضا (عليه‌ السلام) وعن صباح الحذاء، عن إسحاق بن عمار، عن أبي إبراهيم موسى (عليه‌ السلام) في الرجل يأتي البهيمة، فقالوا جميعا: إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت، فاذا ماتت احرقت بالنار ولم ينتفع بها، وضرب هو خمسة وعشرين سوطا ربع حد الزاني وإن لم تكن البهيمة له قومت وأخذ ثمنها منه ودفع إلى صاحبها وذبحت وأحرقت بالنار ولم ينتفع بها، وضرب خمسة وعشرين سوطا، فقلت: وما ذنب البهيمة؟ فقال لا ذنب لها ولكن رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) فعل هذا وأمر به لكيلا يجترئ الناس بالبهائم وينقطع النسل)[2] .

وطورًا يكون الحيوان ممّا يُراد ظهره حملًا أو ركوبًا ولا يُعتاد أكله – كالحمار والبغل والفرس – فإن الحكم هو اخراج الحيوان من المحل الذي فُعل به إلى بلد آخر فيباع فيه ويُعطى ثمنه للواطئ ويُغرّم قيمته، كما دلت عليه معتبرة سدير:

-(عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، (عن إسحاق، عن حريز) عن سدير، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام) في الرجل يأتي البهيمة، قال: يجلد دون الحد ويغرم قيمة البهيمة لصاحبها، لأنه أفسدها عليه وتذبح وتحرق إن كانت مما يؤكل لحمه، وإن كانت مما يركب ظهره غرم قيمتها وجلد دون الحد وأخرجها من المدينة التي فعل بها فيها إلى بلاد أخرى حيث لا تعرف، فيبيعها فيها كيلا يعير بها (صاحبها))[3] .

أما أنه يُعطى ثمنه بعد البيع للواطئ ويُغرّم قيمته فذلك بأن يُباع الحيوان بأي ثمن كان ومن ثم يدفع للمالك قيمته السوقية. والحمد لله رب العالمين.

 

مسألة (24): ممّا يوجب عروض الحرمة على الحيوان المحلّل بالأصل، أن يرضع حمل أو جدي أو عجل من لبن خنزيرة؛ حتّى قوي ونبت لحمه واشتدّ عظمه، فيحرم لحمه ولحم نسله ولبنهما. ولا تلحق بالخنزيرة الكلبة ولا الكافرة، وفي تعميم الحكم للشرب من دون رضاع، وللرضاع بعد ما كبر وفطم، إشكال وإن كان أحوط. وإن لم يشتدّ كره لحمه. وتزول الكراهة بالاستبراء سبعة أيّام؛ بأن يُمنع عن التغذّي بلبن الخنزيرة ويعلف إن استغنى عن اللبن، وإن لم يستغن عنه يلقى على ضرع شاة- مثلًا- في تلك المدّة.[4]

 

ثالثًا: يحرم لحم الجدي والحمل ونسلهما ولبنهما بل ويحرم العجل وكل حيوان مأكول اللحم كذلك إذا رضعوا من لبن خنزيرة حتى قويت ونبت اللحم، واشتد العظم من الرضاع.

ويدل عليه بالإضافة إلى الاجماع، الروايات والنصوص العديدة في المقام ومنها:

صحيحة حنان بن سدير:

-(محمد بن يعقوب، عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حنان بن سدير، قال: سئل أبو عبد الله (عليه‌ السلام) ـ وأنا حاضر عنده ـ عن جدي رضع من لبن خنزيرة، حتّى شبّ وكبر، واشتدّ عظمه، ثمَّ إنَّ رجلاً استفحله في غنمه، فخرج له نسل؟ فقال: أمّا ما عرفت من نسله بعينه فلا تقربنّه، وأمّا ما لم تعرفه فكله، فهو بمنزلة الجبن، ولا تسأل عنه)[5] .

-(عن حميد بن زياد، عن عبد الله بن أحمد النهيكي، عن ابن أبي عمير، عن بشر بن مسلمة، عن أبي الحسن (عليه‌ السلام) في جدي رضع من خنزيرة، ثمَّ ضرب في الغنم، فقال: هو بمنزلة الجبن، فما عرفت أنّه ضربه فلا تأكله، وما لم تعرفه فكل)[6] .

-(عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبد الله بن سنان، عن أبي حمزة رفعه، قال: لا تأكل من لحم حمل رضع من لبن خنزيرة)[7] .

وهذه الروايات واضحة وصريحة في النهي عن أكل لحمه ولحم نسله أيضًا نعم فإن الروايات المذكورة وإن كانت مختصة بالجدي والحمل دون غيرهما، إلا أنه من الواضح كونها ناظرة إلى التعميم لوحدة المناط والعلم بعدم الفرق بينها وهو ما ذهب إليه الاصحاب (رضوان الله عليهم).

وأما مسألة عدم الحاق الكلبة والكافرة بالخنزيرة ههنا فهو لعدم وجود الدليل على الالحاق فيقتصر على خصوص ما دلّ عليه الدليل من جهة.

ومن جهة ثانية للرجوع إلى الأصل وهو الحلية في المقام.

وأما مسألة ما لو شرب الجدي أو الحمل مثلًا من لبن الخنزيرة دون رضاع، أو رضع بعد ما كبُر وفُطم، فهل يعم الحكم السابق هاتين الصورتين أو، لا؟.

استشكل سيدنا الماتن (قده) في المسألة، فمن جهة يمكن القول بعدم الالحاق للحكم السابق في الصورتين لكون الالحاق مما يحتاج إلى دليل ومع عدمه نرجع إلى الأصل وهو الحلية، ومن جهة ثانية يمكن القول بالالحاق لتحقق المناط في الملحق والملحق به، وهو التغذي على لبن الخنزيرة، والاحتياط لا ينبغي تركه.

وأما مسألة مالم يشتد ولم ينبت اللحم ولم يقوَ العظم فإنه يكره لحمه، وتزول الكراهة بالاستبراء سبعة أيام بأن يمنع عن التغذي بلبن الخنزيرة، ويعلف إن استغنى عن اللبن، وإن لم يستغن عن اللبن يلقى على ضرع شاة مثلًا في تلك المدة.

فهذا مما يمكن الاستدلال عليه برواية السكوني:

-(عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام): أنَّ أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) سئل عن حمل غذي بلبن خنزيرة؟ فقال: قيّدوه، واعلفوه الكسب والنوى والشعير والخبز إن كان استغنى عن اللبن، وإن لم يكن استغنى عن اللبن فيلقى على ضرع شاة سبعة أيّام، ثمَّ يؤكل لحمه)[8] .

والكُسب: ما يتبقى من الزيت بعد خروج الدهن.

وذلك لعدم تقيد الرضاع بالاشتداد ما يحقق عنوان الرضاع به، فيكون الاستبراء ههنا مستحبًا ويكره أكل لحم الحيوان من دون الاستبراء كما عليه رأي جماعة من فقهائنا (اعلى الله مقامهم) ومنهم المحقق الحلي (قده) في شرائع الإسلام[9] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo