< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

43/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:كتاب الأطعمة والاشربة.

القول: في الحيوان.

مسألة (30): يؤكل من الذبيحة غير ما مرّ، فيؤكل القلب والكبد والكرش والأمعاء والغضروف والعضلات وغيرها. نعم، يكره الكليتان واذنا القلب والعروق، خصوصاً الأوداج. وهل يؤكل منها الجلد والعظم مع عدم الضرر أم لا؟ أظهرهما الأوّل، وأحوطهما الثاني. نعم، لا إشكال في جلد الرأس وجلد الدجاج وغيره من الطيور، وكذا في عظم صغار الطيور كالعصفور.[1]

اما قوله (قده): (فيؤكل القلب والكبد والكرش والأمعاء والغضروف والعضلات وغيرها).

فذلك لأصالة الحلية، واطلاق دليل حليّة أكل الانعام الثلاثة بما فيها عدا ما خرج بالدليل ممّا يحرم منها ولا يشمل المذكورات في متن المسألة، هذا مضافًا للاجماع بلا خلاف.

وأما قوله (قده): (يكره الكليتان واذنا القلب والعروق) فهو لأجل ورود الاخبار بما هو ظاهر الكراهة فيها فأما الكليتان فقد ورد:

-(عن سهل، عن بعض أصحابنا، أنّه كره الكليتين وقال: إنّما هما مجتمع البول)[2] .

-(وفي (عيون الأخبار) بأسانيد تقدَّمت في إسباغ الوضوء، عن الرضا، عن آبائه، عن رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله)، أنّه كان لا يأكل الكليتين من غير أن يحرّمهما؛ لقربهما من البول)[3] .

وأما اذنا القلب، وقد ورد ذكرها في الروايات باسم (آذان الفؤاد) كما في رواية عيسى بن عبد الله الهاشمي:

-(وعن محمد بن الحسن، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن عيسى بن عبد الله الهاشمي، عن أبيه، عن آبائه: أنَّ رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) كان يكره أكل خمسة: الطحال، والقضيب، والانثيين، والحياء، وآذان القلب)[4] .

وفيها تصريح بالكراهة مع البناء على التجزئة في الرواية مع كونها ضعيفة سندًا مع ضمها إلى رواية النهي عن بيع آذان الفؤاد فيما روي عن مولانا امير المؤمنين (عليه السلام):

-(عن (محمد بن أحمد)، عن أبي يحيى الواسطي رفعه، قال: مرَّ أمير المؤمنين (عليه‌ السلام) بالقصّابين، فنهاهم عن بيع سبعة أشياء من الشاة، نهاهم عن بيع: الدمّ والغدد، وآذان الفؤاد، والطحال، والنخاع، والخصي، والقضيب، فقال له بعض القصّابين: يا أمير المؤمنين ! ما الطحال والكبد إلاّ سواء، فقال:كذبت يا لكع إيتني بتورين من ماء، أُنبّئك بخلاف ما بينهما، فأُتي بكبد وطحال وتورين من ماء فقال: شقوا الكبد من وسطه والطحال من وسطه، ثم أمر فمرسا في الماء جميعاً، فابيضّت الكبد، ولم ينقص منها شيء، ولم يبيض الطحال، وخرج ما فيه كله، وصار دماً كلّه، (وبقى جلد وعروق)، فقال له: هذا خلاف ما بينهما، هذا لحم، وهذا دم)[5] .

وأما كراهة العروق والاوداج فلذكرها في بعض الروايات التي تنهى عن أكل العروق بالجملة ومنها رواية إسماعيل بن مرّار:

-(عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عنهم (عليهم‌ السلام)، قال: لا يؤكل ممّا يكون في الإِبل والبقر والغنم وغير ذلك ممّا لحمه حلال: الفرج بما فيه ظاهره وباطنه، والقضيب، والبيضتان، والمشيمة، وهي موضع الولد، والطحال ؛ لأنّه دم، والغدد مع العروق، والمخّ الذي يكون في الصلب، والمرارة، والحدق، والخرزة التي تكون في الدماغ، والدم)[6] .

-(محمد بن عليّ بن الحسين، قال: قال الصادق (عليه‌ السلام): في الشاة عشرة أشياء لا تؤكل: الفرث، والدم، والنخاع، والطحال، والغدد، والقضيب، والانثيان، والرحم، والحياء، والأوداج)[7] .

وما يهوّن الامر أن الروايات ضعيفة في المقام ولا بأس بإجتناب المذكورات على سبيل التنزّه والاحتياط.

وأما قوله (قده): (وهل يؤكل منها الجلد والعظم مع عدم الضرر أم لا؟ أظهرهما الأوّل، وأحوطهما الثاني).

فالأظهرية لأجل أصالة الإباحة واطلاق دليل حليّة كل ذلك الحيوان بما فيه عدا ما قام الدليل على حرمته بالخصوص ولا دليل ههنا، والاحتياط إنما لإحتمال الضرر ونفور النفوس من أكلها وهو كما ترى.

نعم، لا اشكال في جلد الرأس وجلد الدجاج وغيره من الطيور وكذا في عظم صغار الطيور كالعصفور وذلك لأصالة الاباحة من جهة وأيضًا لما قامت عليه السيرة دون النهي عن ذلك.

 

مسألة (31): يجوز أكل لحم ما حلّ أكله نيّاً ومطبوخاً، بل ومحروقاً إذا لم يكن مضرّاً. نعم، يكره أكله غريضاً؛ أي‌كونه طريّاً لم يتغيّر بالشمس ولا النار، ولا بذرّ الملح عليه وتجفيفه في الظلّ وجعله قديداً.[8]

أما جواز أكل اللحم الحلال بلا فرق بين كونهم نيئًا ومطبوخًا لإطلاق الأدلة في ذلك وللاصل بلا خلاف من احد من الفقهاء (اعلى الله مقامهم) والمحروق منه جائز ما لم يكن مضرًا للنهي عن أكل ما هو مضرٌ بالضرر المعتد به عقلائيًا.

نعم يكره أكله غريضًا بمعنى كون طريًا لم يتغير بشمس ولا نار ولا بذّر الملح عليه وتجفيفه في الظل وجعله قديدًا فكراهة أكل اللحم الغريض ما لم تغيّره الشمس أو النار فلصحيح زرارة (ره):

-(عن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام): أنَّ رسول الله (صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله) نهى أن يؤكل اللحم غريضاً، وقال: إنّما تأكله السباع ولكن حتّى تغيّره الشمس أو النار)[9] .

وكراهة أكله ما لم يُذر عليه الملح فلمفهوم قول مولانا الصادق (عليه السلام):

-(وعنه، رفعه الى أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قلت له: اللحم يقدد، ويذرّ عليه الملح، ويجفّف في الظلّ، فقال: لا بأس)[10] .

وكراهة أكل اللحم قديدًا ويُعبّر عنه باليابس إذا وُضع في الظل حتى يَبُس وصار قديدًا

فهو لما ورد من الاخبار ومنها:

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن موسى بن الحسن، عن محمّد بن عيسى، عن أبي الحسن الثالث (عليه السلام)، قال: كان يقول: ما أكلت طعاماً أبقى، ولا أهيج للداء من اللحم اليابس، يعني: القديد)[11] .

-(وبالإِسناد عن محمد بن عيسى، عن أبي الحسن (عليه السلام)، أنّه كان يقول: القديد لحم سوء، وأنه يسترخي في المعدة، ويهيج كلّ داء، ولا ينفع من شيء، بل يضرّه)[12] .

-(عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن بعض أصحابه رفعه، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): شيئان صالحان لم يدخلا جوف واحد قطّ فاسداً إلاّ أصلحاه، وشيئان فاسدان لم يدخلا جوفاً صالحاً قطّ إلاّ أفسداه، فالصالحان: الرمّان، والماء الفاتر، والفاسدان: الجبن، والقديد)[13] .

-(عنهم، عن أحمد قال: روي عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: ثلاثة يهدمن البدن وربّما قتلن: أكل القديد الغاب، ودخول الحمّام على البطنة، ونكاح العجائز. وزاد فيه أبو إسحاق النهاوندي: وغشيان النساء على الامتلاء)[14] .

-(وفي حديث آخر الجزر والكسب، واللذان ينفعان من كلّ شيء ولا يضرّان من شيء، فالرمّان، والماء الفاتر، واللذان يضرّان من كلّ شيء ولا ينفعان: اللحم اليابس، والجبن، قلت: جعلت فداك ثُمّ قلت: يهزلن، وقلت هٰهنا: يضرّان فقال: أما علمت أنَّ الهزال من المضرَّة ؟)[15] .

وغيرها من الاخبار في هذا الباب .


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo