< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

43/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الأطعمة والاشربة.

القول: في غير الحيوان.

مسألة (1): يحرم تناول الأعيان النجسة، وكذا المتنجّسة ما دامت باقية على النجاسة؛ مائعة كانت أو جامدة[1] .

 

وهذا ما قام الاجماع عليه، وعليه الروايات الكثيرة ومنها الصحيح والصريح في ذلك بل عدّ من الضرورات والاخبار منها:

-(الحسن بن عليّ بن شعبة في (تحف العقول) عن الصادق (عليه ‌السلام) ـ في حديث ـ قال: وأمّا وجوه الحرام من البيع والشراء ـ إلى أن قال: ـ والبيع للميتة أو الدم أو لحم الخنزير أو الخمر أو شيء من وجوه النجس فهذا كلّه حرام ومحرّم؛ لأنَّ ذلك كلّه منهيّ عن أكله وشربه ولبسه وملكه وإمساكه والتقلّب فيه، فجميع تقلّبه في ذلك حرام)[2] .

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد، عن حريز، عن الفضل أبي العباس قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): إن أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله، وإن مسّه جافّاً فاصبب عليه الماء، قلت: لم صار بهذه المنزلة؟ قال: لأن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر بقتلها)[3] .

-(عن الفضل أبي العبّاس ـ في حديث ـ أنّه سأل أبا عبدالله (عليه السلام) عن الكلب؟ فقال: رجس نجس، لا يتوضأ بفضله، واصبب ذلك الماء، واغسله بالتراب أوّل مرّة ثمّ بالماء)[4] .

4-(عن حمّاد، عن حريز، عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الكلب يصيب شيئاً من جسد الرجل؟ قال: يغسل المكان الذي أصابه)[5] .

1-(محمّد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن سنان قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم؟ قال: إن كان علم أنّه أصاب ثوبه جنابة قبل أن يصلّي ثمّ صلّى فيه ولم يغسله فعليه أن يعيد ما صلّى)[6] .

-(عن زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: إن أصاب ثوبك خمر أو نبيذ ـ يعني المسكر ـ فاغسله، وإن صلّيت فيه فأعد صلاتك)[7] غيرها.

 

مسألة (2): يحرم تناول كلّ ما يضرّ بالبدن؛ سواء كان موجباً للهلاك، كشرب السموم القاتلة وشرب الحامل ما يوجب سقوط الجنين، أو سبباً لانحراف المزاج، أو لتعطيل بعض الحواسّ الظاهرة أو الباطنة، أو لفقد بعض القوى، كالرجل يشرب ما يقطع به قوّة الباه و التناسل، أو المرأة تشرب ما به تصير عقيماً لا تلد.[8]

 

فأما الدليل على حرمة ما يضر فعليه الأدلة الأربعة فمن الكتاب العزيز في قوله تعالى:

(وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[9] .

وأما السنة فالاخبار بلغت حد الكثرة منها:

-(محمّد بن يعقوب، عن عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، وعن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه جميعاً، عن عمرو بن عثمان، عن محمّد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله (عليه ‌السلام)، وعن عدَّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن مسلم، عن عبد الرحمان بن سالم، عن مفضّل بن عمر، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه ‌السلام): أخبرني ـ جعلني الله فداك ـ لمَ حرّم الله الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير؟ قال: إنَّ الله تبارك وتعالى لم يحرّم ذلك على عباده وأحلّ لهم ما سواه من رغبة منه فيما (حرّم عليهم)، ولا زهد فيما (أحلّ لهم)، ولكنّه خلق الخلق، (فعلم) ما تقوم به أبدانهم، وما يصلحهم، فأحلّه لهم وأباحه؛ تفضّلاً منه عليهم به لمصلحتهم، وعلم ما يضرّهم فنهاهم عنه وحرّمه عليهم، ثمَّ أباحه للمضطرّ، وأحلّه له في الوقت الّذي لا يقوم بدنه إلاّ به، فأمره أن ينال منه بقدر البلغة لا غير ذلك، ثمَّ قال: أمّا الميتة فانّه لا يدمنها أحد إلاّ ضعف بدنه، ونحل جسمه، ووهنت قوَّته، وانقطع نسله، ولا يموت آكل الميتة الاّ فجأة، وأمّا الدم فانّه يورث أكله الماء الأصفر، (ويبخر الفم، وينتن الريح، ويسيء الخلق)، ويورث الكلب، والقسوة في القلب، وقلّة الرأفة والرحمة، حتى لا يؤمن أن يقتل ولده ووالديه، ولا يؤمن على حميمه، ولا يؤمن على من يصحبه، وأمّا لحم الخنزير فانّ الله تبارك وتعالى مسخ قوماً في صور شتّى مثل الخنزير والقرد والدبّ، (وما كان من المسوخ) ثمَّ نهى عن أكله للمثلة لكيلا ينتفع الناس (به، ولا يستخفوا بعقوبته)، وأمّا الخمر فانَّه حرَّمها لفعلها وفسادها، وقال: مدمن الخمر كعابد وثن يورثه الارتعاش، ويذهب بنوره، ويهدم مروءته، ويحمله على أن يجسر على المحارم من سفك الدماء، وركوب الزنا، ولا يؤمن إذا سكر أن يثب على حرمه وهو لا يعقل ذلك، والخمر لا يزداد شاربها إلاّ كلّ شرّ)[10] .

وأما الاجماع فهو من كافة المسلمين، وأما العقل فهو ثابت عندهم بلا خلاف.

 

مسألة (3): لا فرق في حرمة تناول المضرّ على الأقوى فيما يوجب التهلكة، وعلى الأحوط في غيره، بين معلوم الضرر ومظنونه، بل ومحتمله أيضاً إذا كان احتماله معتدّاً به عند العقلاء؛ بحيث أوجب الخوف عندهم. وكذا لا فرق بين أن يكون الضرر المترتّب عليه عاجلًا أو بعد مدّة[11] .

 

الاحوط في غيره بين معلوم الضرر ومظنونه، بل ومحتمله أيضًا إذا كان إحتماله معتدًا به عند العقلاء وبحيث أوجب الخوف عندهم وكذا لا فرق بين أن يكون الضرر المترتب عليه عاجلًا أو بعد مدة ويستدل عليه بإطلاق الأدلة الشاملة لهذه الموارد مع كونه موجبًا للخوف المعتد به عند العقلاء.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo