< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

43/07/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الأطعمة والاشربة.

القول: في غير الحيوان.

مسألة (4): يجوز التداوي والمعالجة بما يحتمل فيه الخطر ويؤدّي إليه أحياناً؛ إذا كان النفع المترتّب عليه -حسب ما ساعدت عليه التجربة، وحكم به الحذّاق وأهل الخبرة- غالبياً، بل يجوز المعالجة بالمضرّ العاجل الفعلي المقطوع به؛ إذا يدفع به ما هو أعظم ضرراً وأشدّ خطراً. ومن هذا القبيل قطع بعض الأعضاء دفعاً للسراية المؤدّية إلى الهلاك وبطّ الجرح، والكيّ بالنار، وبعض العمليات المعمولة في هذه الأعصار؛ بشرط أن يكون الإقدام على ذلك جارياً مجرى العقلاء؛ بأن يكون المباشر للعمل حاذقاً محتاطاً مبالياً غير مسامح ولا متهوّر[1] .

 

ما ذكره سيدنا الماتن (قده) في هذه المسألة هو موضع اتفاق واجماع بين الفقهاء (اعلى الله مقامهم) بل هو ما عليه سيرة العقلاء الذين يدركون لا بديّة دفع الأكثر ضررًا بالمضر والاعظم خطرًا بالخطير، فإن المتسالم عندهم أن قطع القدم إذا كان لدفع سراية المرض إلى تمام البدن -كمرض السكري مثلًا – ومن ثم هلاك الانسان هو اهم وأولى من قطع القدم في المقام وإن كان قطعها يسبّب إذية وضررًا لصاحبها، وهكذا في بقيّة الموارد والمصاديق.

ويمكن الاستدلال على ذلك من روايات اهل بيت العصمة (عليهم السلام):

-(عن أحمد، عن محمد بن خالد، عن محمد بن يحيى، عن أخيه العلاء، عن إسماعيل بن الحسن المتطبِّب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إنّي رجل من العرب، ولي بالطبّ بصر، وطبّي طبّ عربي، ولست آخذ عليه صفداً، قال: لا بأس، قلت: إنا نبطّ الجرح، ونكوي بالنار، قال: لا بأس، قلت: ونسقي السموم الاسمحيقون[2] والغاريقون[3] ، قال: لا بأس، قلت: إنّه ربما مات، قال: وإن مات، قلت: نسقي عليه النبيذ، قال: ليس في حرام شفاء)[4] .

-(عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن يونس بن يعقوب، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): الرجل يشرب الدواء، ويقطع العرق، وربّما انتفع به، وربّما قتله، قال: يقطع، ويشرب)[5] .

-(الحسين بن بسطام، وأخوه في (طبّ الائمّة) (عليهم السلام) عن محمد بن إبراهيم العلوي، عن أبيه إبراهيم بن محمد، عن أبي الحسن العسكري، عن آبائه (عليهم السلام)، قال: قيل للصادق (عليه السلام): الرجل يكتوي بالنار، وربما قتل، وربما تخلّص، قال (قد) اكتوى رجل على عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وهو قائم على رأسه)[6] .

-(عن جعفر بن عبد الواحد، عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن محمد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) هل يعالج بالكي؟ فقال: نعم إنَّ الله جعل في الدواء بركة وشفاء وخيراً كثيراً، وما على الرجل أن يتداوى، ولا بأس به)[7] .

-(عن إبراهيم بن مسلم، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن يونس بن يعقوب، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرّجل يشرب الدواء، وربما قتل، وربما سلم منه، وما يسلم منه أكثر، قال: فقال: أنزل الله الدواء، وأنزل الشفاء، وما خلق الله داء إلاّ وجعل له دواء، فاشرب وسم الله تعالى)[8] .

-(عبد الله بن جعفر في (قرب الإِسناد) عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر، قال: قيل: يا رسول الله أنتداوى؟ قال: نعم فتداووا، فإنّ الله لم ينزل داء إلاّ وقد أنزل له دواء، وعليكم بألبان البقر، فإنَّها ترعى من كلّ الشجر)[9] .

نعم يشترط في ذلك أن تكون الطبابة من حُذّاق ماهرين كي لا يسبب ضررًا زائدًا اكثر من النفع وذلك لعموم الاخبار الناهية عن الضرر بالإضافة إلى السيرة العقلائية الناهية عن ذلك أيضًا.


[2] دواء جُعل لداء المعدة وهي كلمة يونانية.
[3] فطر ينبت في أصول الشجر.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo