< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

43/07/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الأطعمة والاشربة.

القول: في غير الحيوان.

مسألة(5): ما كان يضرّ كثيره دون قليله يحرم كثيره المضرّ، دون قليله غير المضرّ، ولو فرض العكس كان بالعكس، وكذا ما يضرّ منفرداً لا منضمّاً مع غيره يحرم منفرداً، وما كان بالعكس كان بالعكس[1] .

 

في المسألة صورتان:

الصورة الأولى: فوجهها أن المدار في حرمة المضر هو الضرر المعتد به عقلائيًا وهو الضرر الكثير الذي يفضي إلى الهلاك أو ما يقاربه دون الضرر القليل الموجود في أغلب ما يباشره الانسان، حتى في الكثير من المأكول والمشروب فإن فيه الضرر فإذا ما كان قليلًا غير معتد به أو تسامح به العقلاء فإنه جائز غير منهي عنه.

الصورة الثانية: (ما يضر منفردًا لا مستقلًا أو العكس) ووجهها أيضًا كون المناط في حرمة الضرر هو نفسه حينما وجد سواءٌ أكان منفردًا أم مستقلًا.

 

مسألة(6): ما لا يضرّ تناوله مرّة أو مرّتين -مثلًا- لكن يضرّ إدمانه وزيادة تكريره والتعوّد به يحرم تكريره المضرّ خاصّة[2] .

 

إن كل ما دلّ الدليل الشرعي على حرمته فهو حرام للنص الوراد وما لم يدل عليه دليل من الشرع فإن قامت عليه سيرة المتشرعة أو السيرة العقلائية وحكم العقل فهو أيًضا حرام وإلا فالمرجع في ذلك هو الأصول العامة ولا عبرة بالمرة والمرتين كما ورد في المسألة.

لا بد من حمل المضر بالتكرار ليصير إدمانًا على المضر المهلك أو ما يقاربه ممّا يسبب عادة بالتعود عليه البلاء العظيم والفساد الكبير كالاعتياد على شرب الأفيون والهيروئين مثلًا مما يُذهب العقل والشخصية المتزنة ويفضي إلى إرتكاب الجرائم والموبقات، وليس منه أكل ما فيه الدهون والزيوت أو الاكثار من شرب المياه الغازية المتداولة في زماننا مع ما فيها من الضرر ولو مع التكرار، وأيضًا ليس منه شرب الادخنة المتعارفة فإنها وإن كانت مضرة للكثير من الناس إلا أنها ما لم تخرج بمدها عن حدها المتعارف فلا بأس به لأن ضررها مع ثبوتها لبعض الناس فإنه عبر المديد من السنوات كالأربعين والخمسين سنة مثلًا، هناك الكثير من المأكولات والمشروبات تضر البدن مع تعاقب السنوات الكثيرة من عمر الانسان قطعًا بما فيها الحمضيات والحلويات والدهنيات وغيرها ولكن هي من المباحات ما لم يلزم منها الضرر المتقدم وصفه.

نعم يستشكل فيها إذا صارت تضره مباشرة ولو بعد عشرات السنين. كمن يُصاب بمرض السكري مثلًا فإنه يحرم عليه تناول السكريات والنشويات إذا سببت هلاكه بحسب حاله.

وخلاصة القول: أن كل ما يسبب ضررًا عقلائيًا مباشرًا يفضي إلى الهلاك أو ما يقاربه فهو حرام وإلا فيرجع إلى الأصول العامة من قبيل أصالة الحلية لكونها من الشبهات الحكمية في المقام.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo