< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

43/07/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الأطعمة والاشربة.

القول: في غير الحيوان.

مسألة (7): يحرم أكل الطين، وهو التراب المختلط بالماء حال بلّته، وكذا المدر، وهو الطين اليابس، ويلحق بهما التراب على الأحوط وإن كان عدم الإلحاق لا يخلو من قوّة إلّا مع إضراره. ولا بأس بما يختلط به الحنطة أو الشعير -مثلًا- من التراب والمدر وصارا دقيقاً واستهلك فيه، وكذا ما يكون على وجه الفواكه ونحوها من التراب والغبار. وكذا الطين الممتزج بالماء -المتوحّل- الباقي على إطلاقه. نعم، لو أحسّ ذائقته الأجزاء الطينية حين الشرب فالأحوط الاجتناب إلى أن يصفو؛ وإن كان الأقرب جواز شربه مع الاستهلاك[1] .

 

إنما الفرق بين الطين والمدر لغة واستعمالًا هو في أن الاوّل (الطين): (تراب اختلط بالماء حال بلّته).

وأما الثاني (المدر): (تراب مخلوط بالماء وقد يبس).

ولا فرق بينهما من جهة الحكم الشرعي وهو الحرمة لقيام الأدلة على ذلك وهي:

اولًا: الاجماع.

ثانيًا: الروايات ومنها:

-(محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن معمّر بن خلاد، عن أبي الحسن (عليه‌ السلام) قال: قلت له: ما يروي الناس في أكل الطين وكراهيته؟ قال: إنّما ذلك المبلول، وذاك المدر)[2] .

-(عن أحمد، عن عليّ بن الحكم، عن إسماعيل بن محمّد، عن جدّه زياد بن أبي زياد، عن أبي جعفر (عليه‌ السلام)، قال: إنَّ التمنّي عمل الوسوسة، وأكثر مكائد الشيطان أكل الطين إنَّ الطين، يورث السقم في الجسد، ويهيجّ الداء، ومن أكل الطين فضعف عن قوته التي كانت قبل أن يأكله، وضعف عن العمل الذي كان يعمله قبل أن يأكله، حوسب على ما بين ضعفه وقوّته، وعذّب عليه)[3] .

-(عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن عليّ، عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، قال: إنّ الله عزّ وجلّ خلق آدم من طين فحرّم اكل الطين على ذريّته)[4] .

-(عن سهل، عن ابن فضّال، عن (ابن القداح )، عن أبي عبد الله (عليه‌ السلام)، قال: قيل لأمير المؤمنين (عليه‌ السلام) في رجل يأكل الطين، فنهاه. وقال: لا تأكله، فإن أكلته ومتّ كنت قد أعنت على نفسك)[5] .

-(وفي (عيون الأخبار) عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني، عن عليّ بن إبراهيم، عن ياسر، قال: سأل بعض القوّاد أبا الحسن الرضا (عليه‌ السلام) عن أكل الطين؟ وقال: إنَّ بعض جواريه يأكلن الطين، فغضب، ثمَّ قال: أكل الطين حرام مثل الميتة والدم ولحم الخنزير، فانههنّ عن ذلك)[6] .

-(وفي (معاني الأخبار) عن محمد بن الحسن، عن الصفّار، عن أحمد بن أبي عبد الله، رفعه، قال: إنّ رسول الله (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله) نهى عن أكل المدر)[7] .

وبضم بعض هذه الروايات لبعضها الآخر نستخلص منها الحكم المذكور أعلاه.

وأما أكل التراب وحده والرمل والجص وغير ذلك فمع عدم ورود الدليل الدال على حرمة أكلها فالمتعين الرجوع إلى اصالة الحلية بالعنوان الاوّلي، اللهم إلا أن يلزم الضرر من أكلها فتحرم لحرمة الضرر إذا كان معتدًا به عقلائيًا مما يفضي إلى الهلاك أو ما يقاربه كما تقدم، بخلاف ما لو كان الاكل منها قليلًا بحيث لا يوجب الضرر فلا بأس به.

وعليه فلا بأس بما يختلط به الحنطة أو الشعير بعد صيرورتهما دقيقًا واستهلاك التراب والمدر فيه، وهكذا ما يكون من التراب والمدر والغبار وغير ذلك على الفواكه والخضار وغيرها من المأكول، بل يمكن القول بلابأسية أكل التراب إذا كان ممزوجًا مع الماء الكثير بحيث لا يخرج عن اطلاقه بل يكون مستهلكًا بالماء.

 

مسألة (8): الظاهر أنّه لا يلحق بالطين الرمل والأحجار وأنواع المعادن، فهي حلال كلّها مع عدم الضرر[8] .

 

وذلك لعدم الدليل على الحرمة في ما ذُكر في المسألة فيتعين الرجوع إلى أصالة الاباحة والحلية اللهّم إلا إذا استلزم أكلها الضرر المعتد به فيحرم لأجله.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo