< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

43/09/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الأطعمة والاشربة.

القول: في غير الحيوان.

مسألة (32): في كلّ مورد يتوقّف حفظ النفس على ارتكاب محرّم يجب الارتكاب، فلا يجوز التنزّه والحال هذه، ولا فرق بين الخمر والطين وبين سائر المحرّمات، فإذا أصابه عطش حتّى خاف على نفسه جاز شرب الخمر بل وجب. وكذا إذا اضطرّ إلى غيرها من المحرّمات[1] .

 

إنما يجوز بل يجب ارتكاب المحرّم إذا توقف عليه حفظ نفسه من الهلاك لما تقدم من الأدلة سواءٌ أكان ذلك من الكتاب العزيز والسُّنة الشريفة بل الاجماع وحكم العقل القاضي بتقديم الأهم على المهم دون نزاع ولا خلاف، وعليه فلا بد من تناول المحرّم وإن لزم منه الضرر.

ولم أجد في المأثور فرقًا بين الخمر والطين وسواهما، واطلاقات ادلة التحليل عند الاضطرار غير قابلة للتقييد كما سبق من الاستدلال على ذلك من الأدلة الأربعة.

وقد ورد في الخمر ما عن مولانا الصادق (عليه السلام):

-(محمد بن الحسن بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن أحمد بن الحسن عن عمرو بن سعيد، عن مصدّق، عن عمّار، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ـ في حديث ـ أنّه سأله عن الرّجل أصابه عطش حتّى خاف على نفسه، فأصاب خمراً، قال: يشرب منه قوته)[2] .

وما رواه الشيخ الصدوق (قده) في عيون الاخبار:

-(محمّد بن عليِّ بن الحسين في (عيون الأخبار) بأسانيده الآتية عن الفضل بن شاذان، عن الرضا (عليه السلام) في كتابه الى المأمون: والمضطرّ لا يشرب الخمر، لأنّها تقتله)[3] .

يمكن حمله على خوف الضرر المعتد به أيضًا من شربه للخمر لقرينة التعليل الوارد في الرواية وهي (لأنها تقتله) مع أنه لا تقتل بل تسكر وربما تقتل أو كما روي:

-(لا تزيده إلاّ عطشاً)[4] .

وعليه فلا بد من حملها على ذلك لمعارضتها للمعقول والمنقول.

 

مسألة (33): لو اضطرّ إلى محرّم فليقتصر على مقدار الضرورة، ولا يجوز له الزيادة، فإذا اقتضت الضرورة أن يشرب الخمر أو يأكل الميتة؛ لدفع الخوف على نفسه فليقتصر على ذلك، ولا يجوز له الزيادة[5] .

 

ويمكن الاستدلال على ذلك بأن إباحة التحريم إنما لأجل رفع الضرورة فلا بد من الاقتصار على مقدار الحاجة التي يرفع به الاضطرار إليه، وما زاد عن ذلك تشمله أدلة التحريم وأصالة التحريم في حرمة تناول المحرّم، وقد اُشتهر على ألسنة الفقهاء (اعلى الله مقامهم) بأن: (الضرورات تُقدر بقدرها). وعليه فإذا اقتضت الضرورة لأن يأكل الميتة لسد رمقه مع عدم وجود الطعام المحلل فليقتصر على ما يسد به رمقه ولا يجوز له أن يأكل إلى حد الشبع إلا إذا افترضنا عدم ارتفاع الضرورة إلا بالشبع جاز له ذلك.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo