< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/03/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: مقدمات القضاء.

 

وأما ما ذهب إليه جمعٌ من العلماء (اعلى الله مقامهم) بوجود قسم ثالث تحت مسمى (قاضي التحكيم) فلا وجه له ولا دليل عليه.

وقاضي التحكيم كما المتعارف عليه بينهم أنه: أنه من تراضى به الخصمان وترافعا إليه ليحكم بينهم.

ولا أريد ههنا أن أدخل في إعتبار رأيه وعدمه، أو في ما يُشترط فيه، أو في الدليل عليه وما شابه.

وذلك لأن الفقهاء (اعلى الله مقامهم) اتفقوا على أن قاضي التحكيم يشترط فيه كل ما يشترط في مطلق القاضي من الشرائط ومنها الاجتهاد.

كما أنهم إتفقوا على أنه يُعتبر فيه ما يُعتبر في القاضي المنصوب من الشرائط.

وعليه فقاضي التحكيم مختص بحال حضور الامام (عليه السلام). وقد تقدم قولنا في التنصيب في زمن حضوره (عليه السلام) أما في زمن الغيبة فلا حاجة لهذا القسم الثالث إذ أن القاضي الجامع للشرائط بما فيها الاجتهاد فحكمه نافذ لعموم الإذن من الإمام (عليه السلام).

بقي أخيرًا أن الفقهاء (اعلى الله مقامهم) إتفقوا على أن القضاء منصب إلهيٌ خطيرٌ وصحته وصحة حكم القاضي ونفوذه إنما هو متقوم بالإذن من الله ورسوله وأهل بيته المعصومين (عليهم السلام)، وإلا فهو باطل مؤداه النار وغضب الجبار.

ومما يُستدل على ذلك:

فمن الكتاب العزيز:

-(كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [1] .

-(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)[2] .وغيرها.

-(عدَّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن عيسى، عن أبي عبد الله المؤمن، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال: اتّقوا الحكومة، فإنَّ الحكومة إنّما هي للإِمام العالم بالقضاء، العادل في المسلمين لنبي، أو وصيّ نبيّ)[3] .

عن مولانا الصادق (عليه السلام) في صحيح ابن خالد (إتقوا الحكومة، فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء، العادل في المسلمين، لنبي أو وصي أو نبي . . .).

-(محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام): إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم، يعلم شيئاً من قضايانا، فأجعلوه بينكم، فأنّي قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه)[4] .

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا، بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحلّ ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فانما يأخذ سحتاً، وإن كان حقّاً ثابتاً له، لأنّه أخذه بحكم الطاغوت، وما أمر الله أن يكفر به، قال الله تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ) قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فإنّما استخفَّ بحكم الله، وعليه ردّ، والرادّ علينا الرادّ على الله، وهو على حدّ الشرك بالله)[5] .

وغيرها من الروايات في المقام إضافة إلى الاجماع والسيرة المتحققة الموصولة بزماننا الحاضر.

فضلًا عن حكم العقل القاضي عند الدوران في إرجاع الحوادث الواقعة بين الناس فإما أن نتركها ونهملها وإما أن نرجع بها إلى قضاة الظلم والجور أو نرجع بها إلى فقهاء الامامية (أعلى الله مقامهم) حيث أنهم العادلون الموثوقون والمؤتمنون على أموال الناس ودمائها وأعراضها. ولا شك في تعيين الأخير لبطلان الاول والثاني بالبداهة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo