< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/03/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: مقدمات القضاء.

القضاء يأخذ الأحكام التكليفية الخمسة.

-أما الوجوب: سواءٌ أكان كفائيًا أو عينيًا بالإضافة إلى الاستدلال بالآيات الكريمة منها: -(يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ)[1] .

فهو من الضروريات الثابتة لأجل تنظيم الأمور في المجتمعات المسكونية وضبطها عن الانحراف ولزوم الفساد بين الناس وإعادة كل ذي حق حقه كي لا ينتشر الظلم في أن يأكل القوي حق الضعيف.

-وأما الحرام: فهو القضاء الفاقد للشرائط المعتبرة شرعًا كما في قضاء غير المجتهد أو غير العادل وما شابه ذلك، وممّا يستدل به على الحرمة بوجه خاص بكل من روايتي عمر بن حنظلة وسالم بن مكرم:

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا، بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى السلطان وإلى القضاة، أيحلّ ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حقّ أو باطل فإنّما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فانما يأخذ سحتاً، وإن كان حقّاً ثابتاً له، لأنّه أخذه بحكم الطاغوت، وما أمر الله أن يكفر به، قال الله تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَن يَكْفُرُوا بِهِ) قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكماً، فإنّي قد جعلته عليكم حاكماً، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه، فإنّما استخفَّ بحكم الله، وعليه ردّ، والرادّ علينا الرادّ على الله، وهو على حدّ الشرك بالله)[2] .

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن محمّد بن عليِّ بن محبوب، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن أبي الجهم، عن أبي خديجة، قال: بعثني أبو عبد الله (عليه السلام) إلى أصحابنا، فقال: قل لهم: إيّاكم إذا وقعت بينكم خصومة، أو تدارى في شيء من الأخذ والعطاء، أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفسّاق، اجعلوا بينكم رجلاً، قد عرف حلالنا وحرامنا، فإنِّي قد جعلته عليكم قاضياً، وإيّاكم أن يخاصم بعضكم بعضاً إلى السلطان الجائر)[3] .

وهذا ما سنتكلم عنه في طي المسائل الآتية.

-وأما المكروه: فهو في موارد عديدة يأتي التعرض لها كما لو خاف القاضي من نفسه الوقوع في الخطر أو كان ممّن لا يثق من نفسه القيام بواجبه في الصورة الصائبة وغيرها إن شاء الله تعالى.

-وأما المستحب: فلأجل أهمية القضاء بين الناس وإصلاح أمور الناس لمن كان به الكفاية ولأجل كون القضاء من أهم الوظائف للأنبياء والمرسلين، ولما روي عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام):

-(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): يد الله فوق رأس الحاكم ترفرف بالرحمة، فإذا حاف وكله الله إلى نفسه)[4] .

والحيف هو الظلم.

-وأما المباح: فربما تُتصور في حالة تعارض المصلحتين من تولي القضاء وعدم المصلحة في توليه. أو كما في حالة ما لم يصل إلى القطع واليقين من سلامة نفسه في هذا المقام الشامخ، حتى ولو ظن بذلك.

كتاب القضاء

وهو الحكم بين الناس لرفع التنازع بينهم بالشرائط الآتية. ومنصب القضاء من المناصب الجليلة، الثابتة من قبل اللَّه تعالى للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ومن قبله للأئمّة المعصومين عليهم السلام، ومن قبلهم للفقيه الجامع للشرائط الآتية. ولا يخفى أنّ خطره عظيم، وقد ورد: «أنّ القاضي على شفير جهنّم»، وعن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: «يا شريح قد جلست مجلساً لا يجلسه إلّانبي أو وصيّ نبيّ أو شقيّ»، وعن أبي عبداللَّه عليه السلام: «اتّقوا الحكومة، فإنّ الحكومة إنّما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين؛ لنبي أو وصيّ نبي»، وفي رواية: «من حكم في درهمين بغير ما أنزل اللَّه- عزّوجلّ- فقد كفر»، وفي اخرى: «لسان القاضي بين جمرتين من نار حتّى‌ يقضي بين الناس؛ فإمّا في الجنّة، وإمّا في النار»، وعن أبي عبداللَّه عليه السلام قال: «القضاة أربعة: ثلاثة في النار وواحد في الجنّة، رجل قضى‌ بجور وهو يعلم فهو في النار، ورجل قضى‌ بجور وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى‌ بالحقّ وهو لا يعلم فهو في النار، ورجل قضى‌ بالحقّ و هو يعلم فهو في الجنّة». ولو كان موقوفاً على الفتوى يلحقه خطر الفتوى أيضاً، ففي الصحيح قال أبو جعفر عليه السلام: «من أفتى الناس بغير علم ولا هدىً من اللَّه، لعنه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، ولحقه وزر من عمل بفتياه[5] .

 

ولقد ذكرنا هذه الروايات في طي المقدمات التي تعرضنا لها في أول الكتاب

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo