< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/03/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في احكام القضاء.

 

مسألة (5): يجوز لمن لم يتعيّن عليه القضاء الارتزاق من بيت المال ولو كان غنيّاً، وإن كان الأولى الترك مع الغنى، ويجوز مع تعيّنه عليه إذا كان محتاجاً، ومع كونه غنيّاً لا يخلو من إشكال؛ وإن كان الأقوى جوازه. وأمّا أخذ الجعل من المتخاصمين أو أحدهما، فالأحوط الترك حتّى مع عدم التعيّن عليه، ولو كان محتاجاً يأخذ الجعل أو الأجر على بعض المقدّمات[1] .

 

يقع الكلام في هذه المسألة من جهتين:

-1- جواز إرتزاق القاضي من بيت المال سواءٌ أكان فقيرًا أم غنيًا أم كان متعينًا عليه أو، لا.

ويمكن الاستدلال عليه بالإضافة إلى الأصل والإجماع بالروايات ومنها:

(محمّد بن الحسين الرضيُّ في (نهج البلاغة) عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في عهد طويل، كتبه إلى مالك الاشتر، حين ولاّه على مصر وأعمالها، يقول فيه: وأعلم أنَّ الرعية طبقا: منها جنود الله، ومنها كتّاب العامّة والخاصّة، ومنها قضاة العدل ـ إلى أن قال: ـ وكلُّ قد سمّى الله له سهمه، ووضعه على حدِّه وفريضته ـ ثمّ قال: ـ ولكلّ على الوالي حقّ بقدر ما يصلحه ـ ثمّ قال: ـ واختر للحكم بين الناس أفضل رعيّتك في نفسك، ممّن لا تضيق به الاُمور ـ ثمّ ذكر صفات القاضي، ثمَّ قال: ـ وأكثر تعاهد قضائه، وافسح له في البذل ما يزيح علّته، وتقلّ معه حاجته إلى الناس، وأعطه من المنزلة لديك ما لا يطمع فيه غيره)[2] .

-(عن علي (عليه السلام)، أنه قال في حديث: « ولا بد من قاض، ورزق للقاضي » وكره أن يكون رزق القاضي على الناس الذين يقضي لهم، ولكن من بيت المال)[3] .

وعليه فلا إشكال في إرتزاق القاضي من بيت مال المسلمين مطلقًا خصوصًا إذا كان محتاجًا، ومفهوم الإرتزاق مغاير للأجرة على القضاء وذلك لإعتبار الإرتزاق من بيت المال المعدّ لهذه الأمور التي تصون المجتمع من الفساد وتُرغب القاضي في التصدي.

-2- الاشكال في أخذ القاضي الجُعل من المتخاصمين أو من أحدهما.

وقد ذهب إلى تحريم الأجرة جمع من الفقهاء (اعلى الله مقامهم) وادعى المحقق الثاني (قده) عليه الاجماع.

واستدلوا على ذلك بصحيح ابن سنان:

(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن عبد الله بن سنان، قال: سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن قاضٍ بين قريتين، يأخذ من السلطان على القضاء الرزق، فقال: ذلك السحت)[4] .

ويمكن النقاش فيها من جهة وضوح ظهور دلالتها في قاضي الجَوّر المعيّن من قبل سلطان الجور ولا دلالة على الالف واللام ب (القضاة) بل هي ناظرة إلى القضاة المعهودين في تلك الحقبة من الزمن وهم قضاة الجور مضافًا إلى كون هذا الرأي مخالفًا للإجماع.

واستدلوا أيضًا:

(في (معاني الأخبار) عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن عبد الله بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب. وفي (الخصال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن إبن محبوب، عن أبي أيوب، عن عمار بن مروان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (كلّ شيء غل من الإِمام فهو سحت)، والسحت أنواع كثيرة، منها ما اُصيب من أعمال الولاة الظلمة ومنها اُجور القضاة واُجور الفواجر، وثمن الخمر والنبيذ المسكر، والربا بعد البيّنة، فأمّا الرشا يا عمار في الأحكام، فإنّ ذلك الكفر بالله العظيم ورسوله (صلى الله عليه وآله).[5]

والكلام فيها هو الكلام في صحيحة ابن سنان.

وكلاهما منصرفان عن قضية الإرتزاق من بيت المال إذا كان القاضي عادلًا جامعًا للشرائط المعتبرة شرعًا.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo