< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/04/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في احكام القضاء.

 

مسألة (6): أخذ الرشوة وإعطاؤها حرام إن توصّل بها إلى الحكم له بالباطل. نعم، لو توقّف التوصّل إلى حقّه عليها جاز للدافع وإن حرم على الآخذ. وهل يجوز الدفع إذا كان محقّاً ولم يتوقّف التوصّل إليه عليها؟ قيل: نعم، والأحوط الترك، بل لا يخلو من قوّة. ويجب على المرتشي إعادتها إلى‌ صاحبها؛ من غير فرق -في جميع ذلك- بين أن يكون الرشى بعنوانه أو بعنوان الهبة أو الهديّة أو البيع المحاباتي ونحو ذلك[1] .

 

الحديث عن الرشوة يقع في عدة جهات:

-1- معنى الرشوة:

الرشا إن كان معناه اللغوي أعم وأوسع من المعنى الإصطلاحي الشرعي بإعتبار أن معناه اللغوي يشمل جميع حالات إعطاء المال من الراشي إلى المرتشي لتحويل رأيه أو قوله أو فعله من حالة إلى حالة أخرى، إلا أن معناه الإصطلاحي هو دفع الرشا للقاضي لتحويل رأيه وحكمه من الباطل إلى الحق أو العكس.

-2- الأدلة: هي حرام بالأدلة الأربعة:

فأما من الكتاب يمكن الاستدلال على حرمته:

-(وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)[2] .

وأما من السّنة فهي كثيرة جدًا قد تبلغ حد التوتر ومنها صحيحة عمار بن مروان:

-(في (معاني الأخبار) عن محمد بن موسى بن المتوكل، عن عبد الله بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب. وفي (الخصال) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمّد، عن إبن محبوب، عن أبي أيوب، عن عمار بن مروان قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): (كلّ شيء غل من الإِمام فهو سحت)، والسحت أنواع كثيرة، منها ما اُصيب من أعمال الولاة الظلمة ومنها اُجور القضاة واُجور الفواجر، وثمن الخمر والنبيذ المسكر، والربا بعد البيّنة، فأمّا الرشا يا عمار في الأحكام، فإنّ ذلك الكفر بالله العظيم ورسوله (صلى الله عليه وآله)[3] .

-(الفضل بن الحسن الطبرسي في (مجمع البيان) قال: روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) إنّ السحت هو الرشوة في الحكم وهو المروي عن علي (عليه السلام)[4] .

-(وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنّ السحت أنواع كثيرة، فأما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله)[5] .


-(عن محمّد بن عليِّ بن محبوب، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن أحمد بن إبراهيم، عن عبد الرحمن، عن يوسف بن جابر ، قال: قال أبو جعفر (عليه السلام): لعن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من نظر إلى فرج امرأة لا تحلّ له، ورجلاً خان أخاه في امرأته، ورجلاً احتاج الناس إليه لتفقّهه، فسألهم الرشوة)[6]

وأما الاجماع: فهو مما لا يخالفه أحد من المسلمين، بل من عقلاء العالم في مقام التقاضي والمرافعات.

وأما العقل: فإنه يستقبح إحقاق الباطل وإبطال الحق، بل هو من أبشع صور القباحة عند العقل لأنه ظلم بيّن لذي كل ذي لب.

وعليه فالرشا حرام لكل من الدافع والآخذ لإطلاق الأدلة المتقدمة الشاملة للإثنين معًا.

-3- متى تجوز الرشوة؟:

نعم لو توقف التوصل إلى حقه عليها جاز للدافع وإن حُرم على الآخذ بل في حالات الإكراه والاجبار والضرورة في المقام.

فأما التفريق بين الدافع والآخذ فيجوز في هذه الحالات للدافع لدفع الضرورة بنفي الضرر (رفع عن أمتي ما اضطروا إليه).

ويحرم على الآخذ لعدم وجود المسوّغ الشرعي أو العقلي لذلك فتشمله أدلة حرمة الرشا بلا خلاف.

-4- وهل يجوز الدفع إذا كان محقًا ولم يتوقف التوصل إليه عليها؟.

قيل نعم، والأحوط الترك، بل لا يخلو من قوة.

وهو الأقوى وذلك لبقاء صدق عنوان الرشوة في المقام فتدخل تحت عموم الأدلة.

 


[1] - تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص434، ط نشر آثار الإمام الخميني.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo