< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/04/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

 

القول: في احكام القضاء.

تابع مسألة (6): أخذ الرشوة وإعطاؤها حرام إن توصّل بها إلى الحكم له بالباطل. نعم، لو توقّف التوصّل إلى حقّه عليها جاز للدافع وإن حرم على الآخذ. وهل يجوز الدفع إذا كان محقّاً ولم يتوقّف التوصّل إليه عليها؟ قيل: نعم، والأحوط الترك، بل لا يخلو من قوّة. ويجب على المرتشي إعادتها إلى‌ صاحبها؛ من غير فرق -في جميع ذلك- بين أن يكون الرشى بعنوانه أو بعنوان الهبة أو الهديّة أو البيع المحاباتي ونحو ذلك[1] .

 

-5- ويجب على المرتشي إعادتها إلى صاحبها، من غير فرق في جميع ذلك بين أن يكون الرشا بعنوانه، أو بعنوان الهبة، أو الهدية، أو البيع المحاباتي ونحو ذلك، فيجب على القاضي المرتشي أن يعيد المال لصاحبه لبقاء المال على ملك صاحبه في هذه الحالة وعدم شرعية تمّلك القاضي للمال بوجه صحيح وأما إعطاء المال للقاضي بعنوان الهدية ونحوها فيمكن الاستدلال عليه بأن ذلك لا يُغّير مفهوم الرشا عند الصدق العرفي في المقام فعنوان الهدية ونحوها مع قصد الرشوة ملحوق بها إما حكمًا أو موضوعًا وهو حرام شرعًا. مضافًا إلى ما ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):

-(‌حَدَّثَنَا‌ ‌عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ‌حَدَّثَنَا ‌سُفْيَانُ ‌عَنْ ‌الزُّهْرِيِّ ‌أَنَّهُ سَمِعَ ‌عُرْوَةَ ‌أَخْبَرَنَا ‌أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ ‌ ‌قَالَ ‌اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ ‌صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‌رَجُلًا مِنْ ‌بَنِي أَسْدٍ ‌يُقَالُ لَهُ ‌ابْنُ الْأُتَبِيَّةِ ‌عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي فَقَامَ النَّبِيُّ ‌ ‌صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ (وآله) وَسَلَّمَ ‌عَلَى الْمِنْبَرِ ‌قَالَ ‌سُفْيَانُ ‌أَيْضًا فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ ‌فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ‌ ‌مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ هَذَا لَكَ وَهَذَا لِي فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَيَنْظُرُ أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَأْتِي بِشَيْءٍ إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ إِنْ كَانَ بَعِيرًا لَهُ رُغَاءٌ أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ أَوْ شَاةً تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عُفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ ثَلَاثًا ‌قَالَ ‌سُفْيَانُ ‌قَصَّهُ عَلَيْنَا ‌الزُّهْرِيُّ ‌وَزَادَ ‌هِشَامٌ ‌عَنْ ‌أَبِيهِ ‌عَنْ ‌أَبِي حُمَيْدٍ ‌قَالَ ‌سَمِعَ أُذُنَايَ وَأَبْصَرَتْهُ عَيْنِي وَسَلُوا ‌ ‌زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ ‌فَإِنَّهُ سَمِعَهُ مَعِي ‌وَلَمْ يَقُلْ ‌الزُّهْرِيُّ سَمِعَ أُذُنِي ‌ {خُوَارٌ‌} ‌صَوْتٌ وَالْجُؤَارُ مِنْ ‌ {‌تَجْأَرُونَ‌} ‌كَصَوْتِ الْبَقَرَةِ)[2] .

-6- لو أن القاضي أخذ الرشوة تسقط عدالته وبذلك ينتفي أحد اهم شرائط القاضي بل يصير القاضي بمرتبة الكافر والمشرك كما ورد في الاخبار المتقدمة، وعليه فلا يكون حكمه نافذَا.

-7- ما يبذل من المال بأزاء الحلال لا يكون من الرشا وإن أطلق عليها الرشوة لغة أو عرفًا.

وذلك لما تقدم من تعريف الرشوة بأنها تحويل حكم القاضي من الحق إلى الباطل أو العكس، وعليه فهي مختصة بالأمر المحرم فلا تشمله صورة ما لو كان متعلق المسألة الأمور المحلّلة ويُستدل عليه:

أولًا: بالأصل.

وثانيًا: قاعدة السلطنة (الناس مسلطون على أموالهم).

ولرواية مولانا الصادق (عليه السلام):

(عن محمّد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يرشو الرجل الرشوة على أن يتحول من منزله فيسكنه؟ قال: لا بأس به)[3] .

وهي أمثلة المقام كما لو دفع شخص المال لتسهيل الطريق أو لإرضاء شخص عليه أو على آخر.

بقي شيئ لو شك في المال المدفوع هو رشا محرم أو لا فالأصل عدم التحريم.

ولكن مع هذا كله فالأحوط الأولى الإحتياط والتنزه عن كل شبهة وريبة.

 


[1] - تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ج2، ص434، ط نشر آثار الإمام الخميني.
[2] - السنن الكبرى للبهيقي : 6 ص88 ح7758. – صحيح البخاري، أبواب (كتاب الأحكام)، أبواب هدايا الحكام، ح6791.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo