< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/04/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

 

القول: في احكام القضاء.

مسألة (8): لو رفع المتداعيان اختصامهما إلى فقيه جامع للشرائط، فنظر في الواقعة وحكم على موازين القضاء، لا يجوز لهما الرفع إلى حاكم آخر، وليس للحاكم الثاني النظر فيه ونقضه، بل لو تراضى الخصمان على ذلك فالمتّجه عدم الجواز. نعم، لو ادّعى أحد الخصمين: بأنّ الحاكم الأوّل لم يكن جامعاً للشرائط -كأن ادّعى عدم اجتهاده أو عدالته حال القضاء- كانت مسموعة يجوز للحاكم الثاني النظر فيها، فإذا ثبت عدم صلوحه للقضاء نقض حكمه، كما يجوز النقض لو كان مخالفاً لضروري الفقه؛ بحيث لو تنبّه الأوّل يرجع بمجرّده لظهور غفلته. وأمّا النقض فيما يكون نظرياً اجتهادياً فلا يجوز، ولا تسمع دعوى المدّعي ولو ادّعى خطأه في اجتهاده[1] .

 

وذلك لأن الحاكم الشرعي الجامع للشرائط إذا حكم في قضيّة خلافية بين خصمين بمقتضى الموازين الشرعية للقضاء فلا يجوز لهما الرجوع والترافع في نفس هذه القضية إلى أي حاكم آخر، لإعتبار ذلك من رد حكم الحاكم الشرعي ونقض حكمه وهذا حرام نصًا وإجماعًا. وهكذا الحال: فيما لو تراضى الخصمان بذلك لما تقدم.

نعم لو ادعى احد الخصمين ان الحاكم الأول لم يكن جامعًا للشرائط -كأن ادعى عدم إجتهاده أو عدم عدالته حال القضاء- فإنه والحال تسمع دعواه وللحاكم الثاني النظر فيها وذلك لعدم إعتباره نقضًا، بل إن المقتضي موجود والمانع مفقود. وإذا تبين عدم أهلية القاضي للقضاء لأي سبب مخلٍ به ينقض حكمه في المقام وكذلك ينقض حكم الحاكم فيما لو كان حكمه مخالفًا لضروري الفقه على نحوٍ لو تنبه له يرجع بمجرده لظهور غفلته وذلك لعدم تحقق الحكم الشرعي من البداية حتى يحرم ردّه ونقضه، بل يجب تصويبه وإرشاده.

نعم لا يجوز النقض فيما لو كان الاختلاف في الاجتهاد، ولا تسمع دعوى المدعي ولو ادعى خطأه في إجتهاده. وذلك لحجية قول المجتهد مطلقًا، وهذا مع إختلاف آراء العلماء (اعلى الله مقامهم) وليس هناك إجتهاد احد أولى من اجتهاد الآخر مع تحقق الشرائط في الجميع إلا في الأعلمية وهو موضوع آخر. وهو ما عليه الدليل ولعل إقرار الشرع الحنيف لذلك إنما هو من باب التسهيل على الناس.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo