< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/04/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في احكام القضاء.

مسألة (9): لو افتقر الحاكم إلى مترجم لسماع الدعوى أو جواب المدّعى عليه أو الشهادة، يعتبر أن يكون شاهدين عدلين[1] .

وذلك لأن الموضوعات كما حقق في محله لا تثبت إلا بالبينة وهي شهادة العدلين وهذا ما عليه ضرورة الدين، ولا يُقاس عليه بحجية الخبر الواحد لإختلافهما وتغايرهما في العرف والدليل، فإن أدلة الأول مغايره لأدلة الثاني كما هو واضح.

القول: في صفات القاضي وما يناسب ذلك‌.

مسألة (1): يشترط في القاضي: البلوغ، والعقل، والإيمان، والعدالة، والاجتهاد المطلق، والذكورة، وطهارة المولد، والأعلمية ممّن في البلد أو ما يقربه على الأحوط. والأحوط أن يكون ضابطاً غير غالب عليه النسيان، بل لو كان نسيانه بحيث سلب منه الاطمئنان فالأقوى عدم جواز قضائه. وأمّا الكتابة ففي اعتبارها نظر. والأحوط اعتبار البصر؛ وإن كان عدمه لا يخلو من وجه)[2] .

 

هذه جملة الشرائط التي ذكرها الفقهاء (اعلى الله مقامهم) في كونها شرائط لصحة حكم القاضي ونفوذه عند ترافع الخصمين لديه، وإن من الواضح أنه لا بد من ثبوت الدليل على تحقق الشرط المقوّم لولاية القاضي على غيره، ونفوذ حكمه، وإلا فالأصل عدم ثبوت ولاية القضاء لأحد إلا بدليل معتبر، كما أن الأصل عدم نفوذ الحكم على الآخرين إلا بدليل أيضًا.

والملاحظ من طي المباحث الآتية أن بعض هذه الشرائط التي ذكرها مشهور الفقهاء (اعلى الله مقامهم) – في كتبهم – قد دلّ عليها الدليل المعتبر وبعضها الآخر لم يثبت بوجه وجيه كما سنعرف من خلال نقاش كل شرط على حدة.

-1- البلوغ: فليس للصبي ولاية القضاء على أحد ولا ينفذ حكمه لو حكم، ويمكن الإستدلال عليه:

أولًا: بالأصل، وهو عدم ثبوت ولاية القضاء لأحد إلا بدليل، وعدم إعتبار حكمه كذلك.

ثانيًا: للعديد من الروايات في المقام ومنها خبر سالم بن مكرم:

-(محمّد بن عليّ بن الحسين بإسناده عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال، قال: قال أبو عبد الله جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام): إيّاكم أن يحاكم بعضكم بعضاً إلى أهل الجور، ولكن انظروا إلى رجل منكم، يعلم شيئاً من قضايانا، فأجعلوه بينكم، فأنّي قد جعلته قاضياً، فتحاكموا إليه)[3] .

فقول الامام (عليه السلام): (انظروا إلى رجل منكم). صريح في اشتراط الرجولة وهي عرفًا مغايرة لمفهوم الصبي.

إن قلت: إن آخر رواية عمر بن حنظلة حيث يقول الإمام (عليه السلام): (ينظران من كان منكم ممّن قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكمًا، فإني قد جعلته عليكم حاكمًا... الخ). وهو شامل للصبي أيضًا.

قلت: إن إطلاق كلمة (من) وغيرها من الاطلاقات منصرفة إلى البالغين دون سواهم.

ثالثًا: الإجماع.

رابعًا: إن من خصائص القاضي أن يكون له الولاية والإمرة وليس هو من المولّى عليه والمسلوب العبارة كما في الصبيان وعليه فلا يصح أن يكون في هذه المرتبة العالية والمقام الكبير لمنصب القضاء مع ما فيه من الأهمية والخطر.

نعم اللهّم إلا في المعصومين (عليهم السلام) وذلك لقيام الدليل على إخراجهم موضوعًا عن ذلك كما في قوله تعالى: ﴿يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا﴾[4] ، والحال في بعض أئمة أهل الهدى (عليهم السلام) فإنهم قد تصدوا إلى منصب الإمامة وهي أكبر خطرًا وأهميةً من منصب القضاء.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo