< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في صفات القاضي وما يناسب ذلك‌.

 

تابع مسألة (1): يشترط في القاضي: البلوغ، والعقل، والإيمان، والعدالة، والاجتهاد المطلق، والذكورة، وطهارة المولد، والأعلمية ممّن في البلد أو ما يقربه على الأحوط. والأحوط أن يكون ضابطاً غير غالب عليه النسيان، بل لو كان نسيانه بحيث سلب منه الاطمئنان فالأقوى عدم جواز قضائه. وأمّا الكتابة ففي اعتبارها نظر. والأحوط اعتبار البصر؛ وإن كان عدمه لا يخلو من وجه)[1] .

 

- الأحوط أن يكون ضابطاً غير غالب عليه النسيان، بل لو كان نسيانه بحيث سلب منه الإطمئنان فالأقوى عدم جواز قضائه:

 

وقع الكلام فيما بين الأعلام (أعلى الله مقامهم) في قضية الضبط عند القاضي، فذهب بعضهم الى جعله شرطًا من شرائط القاضي، كالسيد الماتن (قده) وبعضهم تحدث عنه لا على نحو الشرط بل أحد الأمور التي تعتبر من المحسنات الشخصية في القاضي دون ان يعده من الشروط، وبعضهم أدرجه

تحت شرطية العقل كما ربما كان مقصود السيد الأستاذ الخوئي (قده) في تكملة مباني المنهاج[2] وما يمكن قوله في المقام، أنه لا بد من التفصيل في قضية الضبط، فتارة يكون ضبطه اقل من المتعارف بين كافة الناس، بحيث أنه كلما علم شيئًا ينساه بعد فترة وجيزة، بحيث يمكن سلب حالة الإطمئنان بما يقول، وهنا لا بد من إعتبار الضبط المتعارف شرطًا في المقام.

ويمكن القول بعدم الإعتبار المذكور مع إمكان نصب من يضبط القضايا والدعاوى وما يستلزم مجريات القضاء، اللهم إلا أن يكون قد وصل القاضي إلى حالة النسيان الشديد الذي يخرجه عن حالة التعقل والوعي والبصيرة التي تخوله أن يكون دائم الإلتفات والنباهة والذكاء بدليل إنصراف الأدلة عن مثل ذلك.

وطورًا يكون نسيانه متعارف كما عند الأعم الأغلب من الناس بحيث لا يكون مسلوب الإطمئنان وهنا لا إشكال في عدم إعتباره فيما لو كان معتمدًا على التسجيل والكتابة وما شابه ذلك مما يقوم مقامهما.

 

10 – الكتابة:

(وأما الكتابة ففي إعتبارها نظر).

ذهب جمع من الفقهاء (اعلى الله مقامهما) إلى اشتراط الكتابة في القاضي خصوصًا منهم المتأخرون كصاحب الرياض (قده)[3] .

والنراقي (قده) في المستند[4] .

والمحقق (قده) في شرائعه حيث قال: (وهل يشترط علمه بالكتابة؟ فيه تردد، نظرًا إلى اختصاص النبي (صلى الله عليه وآله) بالرئاسة العامة مع خلوه أول أمره من الكتابة، والاقرب إشتراط ذلك لما يضطر إليه من الأمور التى لا تتيسر لغير النبي (صلى الله عليه وآله) بدون الكتابة) وغيرهم.

بل يظهر من صاحب السرائر (قده) دعوى الإجماع عليه[5] ، ونسبه إلى مقتضى مذهبنا.

وتنظر سيدنا الماتن (قده) في اشتراط الكتابة في القاضي، وذلك لعدم الدليل عليه، وعدم ثبوت الإجماع المدّعى كما ترى.

بل يمكن القول بأن إطلاق دليل النصب في نائب الغيبة يقتضي عدمه كما ذهب إليه صاحب الجواهر[6] (قده). خصوصًا مع امكان الاستغناء عن الكتابة بوضع كاتب. هذا بمعزل عمّا عليه الواقع من جهة كون القضاة كتّابًا وقارئين، خصوصًا مع حالة تعذر ضبط القضايا والمرافعات وأسماء الشهود وغير ذلك مما يستلزم استكمال حيثيات القضاء التي يتعذر فيها على القاضي أن يعتمد في ذلك كله على ذاكرته.

اللهم إلا أن نقول كما تقدم بوضع كاتب له يضبط ذلك كله، وعليه فالأوفق ما ذهب إليه سيدنا الماتن (قده) من النظر في اعتبار الكتابة.

 

11 – (والأحوط اعتبار البصر؛ وإن كان عدمه لا يخلو من وجه).

 

ذهب سيدنا الماتن (قده) إلى استحباب اشتراط البصر وذلك لعدم الدليل على سلامة البصر بخصوصه، بل إن إطلاقات الأدلة تشمل الأعمى بلا اشكال.

إن قلت: لا بد من اشتراط البصر لكون الأعمى لا يميّز بين الخصوم.

قلت: إن التمييز المذكور غير منحصر بالبصر، بل يمكن وضع المميّز ليفي بالغرض.

وكما قال سيدنا الأستاذ (قده):

(كما لا تعتبر فيه الكتابة و لا البصر، فإن العبرة بالبصيرة)[7]

فالعبرة بالبصيرة لا بالبصر وان كان الاولى ذلك.

والحمد لله رب العالمين أولًا وآخرًا وظاهرًا وباطنًا وصلى الله على نبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 


[5]  .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo