< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/05/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في صفات القاضي وما يناسب ذلك‌.

 

مسألة (2): تثبت الصفات المعتبرة في القاضي بالوجدان، والشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان، والبيّنة العادلة. والشاهد على الإجتهاد أو الأعلمية لا بدّ وأن يكون من أهل الخبرة[1] .

 

أما ثبوت الصفات المعتبرة في القاضي كما تقدم في طي المسائل السابقة من الإجتهاد والأعلمية والبلوغ وغيرها بالوجدان الذي هو العلم فلإعتباره عرفًا وشرعًا وأنه من أقوى ما يمكن الاستناد عليه في جميع العلوم وإلا فلا يبقى أي حجية لأي مستند آخر لكونه من أعلى مراتب الأدلة، ولولا ذلك لبطلت الشرائع وضاعت الحقائق كلّها.

ويقوم مقامه البينة الشرعية وهي شهادة الشهود المعتبرة وقد أنزلها الشارع الأقدس منزلة العلم من حيث الحجية.

بقي الكلام في (الشياع) وقد اختلف الإصحاب فيه من جهة حجيته بنفسه أو أنه حجة فيما لو أفاد العلم أو الاطمئنان المتاخم للعلم، وعلى الثاني فلا يكون الشياع حجةً بذاته بل بلحاظ إفادته للعلم أو الاطمئنان.

وقد استدل جمعٌ من الفقهاء على الرأي الأول (حجة بذاته) موثقة حماد:

-(عن حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن حمّاد بن بشير، عن أبي عبد الله (عليه السلام )، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): من شرب الخمر بعد أن حرّمها الله على لساني فليس بأهل أن يزوّج إذا خطب، ولا يصدَّق إذا حدَّث، ولا يشفَّع إذا شفع، ولا يؤتمن على أمانة، فمن ائتمنه على أمانة فأكلها أو ضيّعها فليس للذي ائتمنه على الله أن يأجره، ولا يخلف عليه، وقال أبو عبد الله (عليه السلام): إنّي أردت أن أستبضع بضاعة الى اليمن، فأتيت أبا جعفر (عليه السلام) فقلت له: إنّي أريد أن أستبضع فلاناً، فقال: أما علمت أنّه يشرب الخمر؟ فقلت: بلغني من المؤمنين أنّهم يقولون ذلك، فقال: صدّقهم، فإنَّ الله عزّ وجلّ يقول: (يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) ثم قال: إنّك إن استبضعته فهلكت أو ضاعت فليس لك على الله أن يأجرك، ولا يخلف عليك، فاستبضعته فضيّعها فدعوت الله عزّ وجلّ أن يأجرني، فقال: أي بنيّ! مه، ليس لك على الله أن يأجرك ولا يخلف عليك، قال: قلت: وَلِمَ؟ قال: لأنَّ الله عزّ وجلّ يقول: (وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ لَكُمْ قِيَامًا )فهل تعرف سفيهاً أسفه من شارب الخمر؟ قال: ثمَّ قال: لا يزال العبد في فسحة من الله حتّى يشرب الخمر، فإذا شربها خرق الله عنه سرباله، وكان وليّه وأخوه إبليس، وسمعه وبصره ويده ورجله يسوقه إلى كلّ شرّ، ويصرفه عن كلّ خير)[2] .

وهي قصة ما جرى لإسماعيل ابن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) مع رجل من قريش أراد أن يخرج إلى اليمن وأعطاه إسماعيل دنانيره ليتاجر بها.

والرواية موثقة وإن ناقش المشهور في دلالتها على المراد إلا أن مشهور الفقهاء (اعلى الله مقامهم) ذهب إلى تقييد الشياع بإفادته للعلم أو الإطمئنان وهذا يكشف عن اعراضهم عن الرواية أعلاه.

ولكن على أي حال فالقدر المتيقن هو حجية الشياع فيما لو أفاد علمًا أو اطمئنانًا.

وأما قوله (قده): (والشاهد على الإجتهاد أو الأعلمية لا بد أن يكون من اهل الخبرة).

فهذا واضح لكون الموضوعات يتوقف تشخيصها على إحرازها ومع عدم كون المشخّص من اهل الخبرة فإنه لا يمكن له إحراز الموضوع.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo