< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/07/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في وظائف القاضي

 

القول: في وظائف القاضي‌

و هي امور:

الأوّل: يجب التسوية بين الخصوم -وإن تفاوتا في الشرف والضعة- في السلام والردّ والإجلاس والنظر والكلام والإنصات وطلاقة الوجه وسائر الآداب وأنواع الإكرام، والعدل في الحكم. وأمّا التسوية في الميل بالقلب فلا يجب. هذا إذا كانا مسلمين. وأمّا إذا كان أحدهما غير مسلم يجوز تكريم المسلم زائداً على خصمه. وأمّا العدل في الحكم فيجب على أيّ حال.[1]

 

المسألة لها صور ثلاث:

1 – لا إشكال ولا خلاف بين الأعلام (اعلى الله مقامهم) في وجوب العدل بين الخصوم، وإعطاء كل ذي حق حقّه، بلا فرق ولا تمييز في اللون أو اللغة أو العرق وكذا لا فرق بين كون أحدهما مسلمًا والآخر غير مسلم.

ويدل عليه عمومات وإطلاقات الأدلة الشرعية من الكتاب الكريم والسّنة النبوية الشريفة بوجوب إقامة العدل والقسط بين الناس بلا تمييز ولا ترجيح لأحد الخصوم على الآخر.

2 – وأما التسوية بين الخصوم إذا كانوا مسلمين في السلام والرد والإجلاس والنظر والكلام والانصات وطلاقة الوجه وسائر الآداب، وأنواع الاكرام، فقد ذهب المشهور إلى وجوب التسوية بين الخصوم في هذه القضايا إذا كانوا مسلمين، ومنهم الصدوقين كما في المقنع[2] حيث قال: "وإن ابتليت بالقضاء فساو بين النّاس في الاشارة، والنّظر في المجلس"

وفي المختلف[3] : "مسألة: ذهب الصدوق وأبوه إلى أنه يجب على الحاكم التسوية بين الخصمين حتى بالنظر إليهما، لا يكون نظره إلى أحدهما أكثر من نظر إلى آخر"

ومنهم صاحب المسالك والروضة (الشهيد الثاني (قده)) في مسالك الأفهام[4] حيث قال: "ومعنى التسوية بينهما في المجلس أن يجلسهما بين يديه معا، لما فيه- مع التسوية بينهما- من سهولة النظر إليهما و الاستماع لهما"

وفي الروضة البهيّة[5] . حيث قال: "ويجب على القاضي التسوية بين الخصمين في الكلام، معهما، (والسلام) عليهما، ورده إذا سلما، (والنظر) إليهما"

ومنهم صاحب الرياض[6] . حيث قال: "ومنها القوي بالسكوني وصاحبه: من ابتلي بالقضاء فليواس بينهم في الإشارة والنظر والمجلس"

ويمكن الاستدلال عليه لرأي المشهور بالروايات ومنها:

-(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت عليّاً (عليه السلام) يقول لشريح: انظر إلى (أهل المعك والمطل، ودفع) حقوق الناس من أهل المقدرة واليسار، ممّن يدلي بأموال الناس إلى الحكّام، فخذ للناس بحقوقهم منهم، وبع فيها العقار والديار فإنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: مطل المسلم الموسر ظلم للمسلم. ومن لم يكن له عقار، ولا دار، ولا مال فلا سبيل عليه. واعلم أنّه لا يحمل الناس على الحقّ، إلاّ من ورعهم عن الباطل. ثمّ واسِ بين المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك، حتّى لا يطمع قريبك في حيفك، ولا ييأس عدوّك من عدلك. ورد اليمين على المدّعي مع بيّنته، فإنَّ ذلك أجلى للعمى، وأثبت في القضاء.

واعلم أنَّ المسلمين عدول بعضهم على بعض، إلاّ مجلود في حدّ لم يتب منه، أو معروف بشهادة زور، أو ظنين. وإيّاك والتضجّر والتأذّي في مجلس القضاء، الّذي أوجب الله فيه الأجر، ويحسن فيه الذخر لمن قضى بالحقِّ.

واعلم أنَّ الصلح جائز بين المسلمين إلاّ صلحاً حرَّم حلالاً، أو أحلّ حراماً. واجعل لمن ادّعى شهوداً غيّباً أمداً بينهما، فإن أحضرهم أخذت له بحقّه، وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضيّة. وإيّاك أن تنفذ قضيّة في قصاص، أو حدّ من حدود الله، أو حقّ من حقوق المسلمين، حتّى تعرض ذلك عليَّ إن شاء الله، ولا تقعد في مجلس القضاء حتّى تطعم)[7] .

-(عن إسماعيل بن مرار، عن يونس، عن عبيد الله بن عليّ الحلبي، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): قال أمير المؤمنين (عليه السلام) لعمر بن الخطّاب: ثلاث إن حفظتهنَّ، وعملت بهنَّ كفتك ما سواهنّ، وإن تركتهنّ لم ينفعك شيء سواهنّ، قال: وما هنّ يا أبا الحسن؟ قال: إقامة الحدود على القريب والبعيد، والحكم بكتاب الله في الرضا والسخط، والقسم بالعدل بين الأحمر والأسود، قال عمر: لعمري لقد أوجزت وأبلغت)[8] .

-(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من ابتلي بالقضاء فليواسِ بينهم في الإِشارة، وفي النظر، وفي المجلس)[9] .

ويمكن النقاش في هذه الروايات بكونها ضعيفة إما سندًا أو دلالة.

فالرواية الأولى ضعيفة بسلمة بن كهيل كما عن أكثر من واحد ومنهم المحقق الحلي (قده) في شرائعه[10] حيث قال: "التسوية بين الخصمين، في السلام، والجلوس، والنظر، والكلام، والإنصات، والعدل في الحكم"

والرواية الثانية فللخلاف في توثيق إسماعيل بن مزار ولكون الرواية أجنبية عمّا نحن فيه فإنها ناظرة إلى وجوب العدل في الحكم بين الخصوم وليس وجوب التسوية في المذكورات أعلاه.

 


[5] الروضة البهية، الشهيد الثاني، ج3، ص72، ط منشورات جامعة النجف الدينية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo