< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/07/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في وظائف القاضي

 

الثاني: لا يجوز للقاضي أن يلقّن أحد الخصمين شيئاً يستظهر به على خصمه؛ كأن يدّعي بنحو الاحتمال، فيلقّنه أن يدّعي جزماً حتّى تسمع دعواه، أو يدّعي أداء الأمانة أو الدين فيلقّنه الإنكار. وكذا لا يجوز أن يعلّمه كيفية الاحتجاج وطريق الغلبة. هذا إذا لم يعلم أنّ الحقّ معه وإلّا جاز، كما جاز له الحكم بعلمه. و أمّا غير القاضي فيجوز له ذلك مع علمه بصحّة دعواه، ولا يجوز مع علمه بعدمها، ومع جهله فالأحوط الترك[1] .

 

الثاني: الظاهر أن طرح المسألة كما هي عليه في المتن لا يخلو من الاضطراب وبعض وجوه التباين في بعض فقراتها، لأنه إن كان تلقين القاضي لأحد المتخاصمين ليستظهر به على خصمه، وهو على غير حق في ما يذهب إليه، فإن ذلك يخدش عدالة القاضي وهذا ما يوجب سقوط العدالة لأنه عين التعاون على الاثم والعدوان وعليه فيخرج القاضي عن أهلية القضاء، وإن كان الملقّن محقًا في دعواه، فلا دليل على حرمة ذلك، وقد تقدم منّا في المسألة الثامنة من صفات القاضي جواز أن يحكم القاضي بعلمه مطلقًا سواءٌ أكان في حقوق الله تعالى أم في حقوق الناس.

ثم أن التلقين له وجوه عديدة وإعتبارات مختلفة بإختلاف الحيثيات والخصوصيات والجهات والافراد فلا بد من النظر في مورد كل أمر على حدة.

إن قلت: أن التلقين غير جائز بطريق الأولوية لإعتبار وجوب التساوي بين الخصمين.

نقول:

أولًا: لا يجب التساوي بين الخصمين فيما لو كانا مسلمين فضلًا عما لو كان أحدهما مسلمًا والآخر كافرًا. وقد تقدم ذلك فراجع.

ثانيًا: فإن من وظيفة القاضي أن يرفع النزاع بين الخصمين بالموازين التي يراها لذلك، فلو أفضى رفع النزاع بتلقين أحد الخصمين لبيان حجته بعد أن رآه محقًا فيما هو عليه، جاز تلقينه لفض النزاع والتوصّل إلى الحق.

هذا مع عدم الدليل على حرمة التلقين اللهم إلا أن يقوم الإجماع على الحرمة ولا بد من تحققه.

هذا كله في ما لو لم يعلم القاضي بالواقعة، وأن الحقّ مع مَن يلقن، وإلا فكما تقدم فلو علم القاضي بالواقعة وبأحقيّة الملقَّن فلا إشكال في جواز ذلك، فإن المختار عندنا كما تقدم في المسألة الثامنة من صفات القاضي هو جواز أن يحكم القاضي بعلمه فراجع.

وأما غير القاضي فلا إشكال في جواز تلقين أحد الخصمين مع علمه بأحقيته، فلا يرد ههنا إشكالية وجوب التساوي بين الخصمين والأولوية المدّعاة كما في القاضي ومع عدم علمه بأحقيته، فلا يجوز تلقينه وذلك لحرمة التعاون على الأثم والعدوان كما هو واضح.

وأما إذا كان القاضي –أو الملقِّن الآخر– جاهلًا بأحقية دعواه وعدمها فقد ذهب المشهور إلى الاحتياط بترك التلقين للحفاظ على مقام القضاء الشامخ والمكانة الخطيرة التي لا ينبغي أن يلوثها شيء، ولا تكون مدعاة للتهمة والتشويه، وهذا وإن كان هو الأولى إلا أنه لا يجب، وذلك لأن كل الشبهات التحريمية المصداقية مجرى أصالة البراءة، وعليه فلا مانع من التلقين بعد عدم الدليل على التحريم. والله العالم.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo