الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في وظائف القاضي

الخامس: إذا بدر أحد الخصمين بالدعوى فهو أولى، ولو ابتدرا معاً يسمع من الذي على يمين صاحبه. ولو اتّفق مسافر وحاضر فهما سواء ما لم يستضرّ أحدهما بالتأخير، فيقدّم دفعاً للضرر. وفيه تردّد[1] .

الخامس: في المسألة صورٌ ثلاث:

الأولى: الأولوية في تقديم المبادر في الدعوى على خصمه مطلقًا سواءٌ أكان مدَّعيًا أم منكرًا ولا خصوصية بوجه في تقديم المدَّعي على المنكر وذلك لما تقدم من أحقية السابق في الكلام.

الثانية: وهي صورة ما لو إبتداءا معًا في الكلام فقد ذهب سيدنا الماتن (قده) إلى تقديم الذي على يمين صاحبه، ويمكن الإستدلال على ذلك:

-(محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا تقدّمت مع خصم إلى والٍ، أو إلى قاض فكن عن يمينه. ـ يعني: عن يمين الخصم)[2] .

-(عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: قضى رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أن يقدّم صاحب اليمين في المجلس بالكلام)[3] .

ويمكن النقاش في كلّ من الروايتين.

فأما الأولى وإن كان سندُها صحيحًا (صحيحة السند) إلا أن الدلالة غير ظاهرة في المراد والمدَّعى وذلك لعدم وضوح كون الضمير في (يمينه) راجعًا إلى خصم أو إلى الوالي أو القاضي، ومع الإجمال يسقط الإستدلال.

وأما الثانية صحيحة سندًا فغاية ما تدل عليه أن النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) كان يقدّم صاحب اليمين في المجلس بالكلام، وليس فيها ما يشير بدلالتها على مجلس القضاء والتمسك بإطلاقها لشمول مجلس القضاء لا يخلو من تأمل وإشكال.

اللّهم إلا أن يقوم الإجماع على ذلك كما حكي عن السيد المرتضى[4] ، والشيخ الطوسي[5] .

الثالثة: وهي صورة ما لو كان أحد الخصمين حاضرًا والثاني مسافرًا، فقد ذهب سيدنا الماتن (قده).

أنهما سواء ما لم يستضر أحدهما بالتأخير فيقدم دفعًا للضرر، ثم تردد في ذلك.

أما أنهما سواءٌ فذلك لعدم وجود الدليل على أفضلية احدهما على الآخر ذاتًا.

نعم لو استضر أحدهما بالتأخير فإنه يُقدم عل خصمه لإطلاق حديث نفي الضرر[6] .

ولا أرى وجهًا للتردد الذي ذهب إليه سيدنا الماتن (قده) سوى ما يمكن أن يُقال: بأن منشأ الضرر على المتضرّر ليس متأتيًا من خصمه لكي يُلزم برفعه عنه. والله العالم.