< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/10/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في شروط سماع الدعوى‌.

مسألة (04): لو ادّعى اثنان- مثلًا- بأنّ لأحدهما على أحد كذا تسمع، وبعد الإثبات على وجه الترديد يقرع بينهما[1] .

كما تقدم في الشرط (التاسع) عدم إشتراط سماع الدعوى بأن يكون المدّعى عليه متعينًا، فكذا الحال فإن الدعوى تسمع ولا يشترط في سماعها تعيّن المدّعي، فلو كان لإثنين حقًا على أحد معين فدعواها تسمع، فلو أقاما بينة مطابقة لدعواهما، بأن شهدت البينة بثبوت حق في ذمة المدّعى عليه لأحد المدّعيين لا على نحو التعيين وحكم القاضي على طبقها يثبت الحق على نحو الترديد لإطلاق أدلة سماع الدعوى وعموماتها وهنا مع عدم إمكانية معرفة صاحب الحق على نحو التخصيص فاللازم الرجوع إلى القرعة لكونها لكل أمر مشكل (مشتبه) والمسألة منها فإنه بعد ثبوت الحق ومعلوميته مع إجمال صاحب الحق فإنه لا سبيل من تعيينه إلا بالقرعة، أو التقسيط بين الاثنين المدّعيين كما ذهب بعضهم إلى ذلك.

مسألة (5): لا يشترط في سماع الدعوى حضور المدّعى عليه في بلد الدعوى، فلو ادّعى على الغائب من البلد؛ سواء كان مسافراً، أو كان من بلد آخر-قريباً كان أو بعيداً- تسمع، فإذا أقام البيّنة حكم القاضي على الغائب، ويردّ عليه ما ادّعى إذا كان عيناً، ويباع من مال الغائب ويؤدّى دينه إذا كان ديناً. ولا يدفع إليه إلّا مع الأمن من تضرّر المدّعى عليه لو حضر وقضي له؛ بأن يكون المدّعي مليّاً أو كان له كفيلٌ. وهل يجوز الحكم لو كان غائباً وأمكن إحضاره بسهولة، أو كان في البلد وتعذّر حضوره بدون إعلامه؟ فيه تأمّل. ولا فرق في سماع الدعوى على الغائب بين أن يدّعي المدّعي جحود المدّعى عليه وعدمه.

نعم، لو قال: «إنّه مقرّ ولا مخاصمة بيننا» فالظاهر عدم سماع دعواه، وعدم الحكم. والأحوط عدم الحكم على الغائب إلّا بضمّ اليمين. ثمّ إنّ الغائب على حجّته، فإذا حضر وأراد جرح الشهود أو إقامة بيّنة معارضة، يقبل منه لو قلنا بسماع بيّنته

في هذه المسألة وما بعدها ست صور يمكن تقسيمها بالآتي:

الصورة الأولى: لا يشترط حضور المدّعى عليه في سماع الدعوى، فليس للحاكم أن يرد الدعوى إذا كانت على الغائب مطلقًا، سواءٌ أكان مسافرًا، أم كان في البلد لكنه غاب عن مجلس القضاء وامتنع عن الحضور وهنا فلو أقام المدّعي البينة حكم القاضي على الغائب بحسب موازين القضاء فيما ذهب نظره إليه.

ويدل عليه بالإضافة إلى الاجماع بقسميه كما ذهب إليه صاحب الجواهر (قده)، حيث قال: الذي لا إشكال ولا خلاف بيننا في مشروعية الحكم عليه في الجملة بل الإجماع بقسميه[2] .

ويدل عليه إطلاق الروايات في المقام وخصوصها ومنها:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن أبي القاسم جعفر بن محمّد، عن جعفر بن محمّد بن إبراهيم، عن عبد الله بن نهيك، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن جماعة من أصحابنا عنهما (عليهما السلام) قالا: الغائب يقضى عليه إذا قامت عليه البيّنة، ويباع ماله، ويقضى عنه دينه وهو غائب، ويكون الغائب على حجّته إذا قدم، قال: ولا يدفع المال إلى الّذي أقام البيّنة إلاّ بكفلاء)[3] .

_(عبد الله بن جعفر في (قرب الاسناد) عن السندي بن محمّد، عن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ (عليه السلام) قال: لا يقضى على غائب)[4] .

وبذلك نحفظ حق المدّعي ونجتنب الاضرار به، وسيأتي في الصورة الأخيرة مراعاة وحفظ حق المدّعى عليه فيما لو حضر وأقام بينة معارضة أو أراد حرج الشهود فإنه يُقبل منه.

لا يُقال بأن الأصل عدم قبول الدعوى على الغائب ولانصراف عمومات الأدلة عن صورة غياب المدّعى عليه، لأن وظيفة القاضي إدارة الدعوى بين المتخاصمين، وعليه فلا تسمع الدعوى.

بل يُقال: بأن الأصل ومقتضى القاعدة في المسألة هو سماع الدعوى وللمنع من الانصراف المذكور بالإضافة إلى الاجماع على جواز الدعوى على الميت وهو من المؤكد أنه لا يمكن للقاضي أن يستفسر منه مطلقًا.

نعم ما روي عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) في قوله: (لا يُقضى على غائب).

فإنه يمكن أن يُحمل إما على صورة ما إذا كان قصورٌ في أصل الدعوى، كما لو لم تكن جازمة على من يعتبر ذلك، أو تُحمل على القضاء الذي لا يلحق به الحفاظ على حق المدّعى عليه فيما لو حضر وأقام بينه على الخلاف أو أراد الجرح بالشهود وغيرها من المحامل، ولكن مع ذلك فلو تمّت المعارضة بين الروايات فإننا نأخذ بالطائفة الأولى منها لكونها مشعورة وهذا الترجيح من طرف علاج التعارض كما لايخفى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo