< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

44/11/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في جواب المدّعى عليه‌.

مسألة (3): الحكم: إنشاء ثبوت شي‌ء، أو ثبوت شي‌ء على ذمّة شخص، أو الإلزام بشي‌ء، ونحو ذلك. ولا يعتبر فيه لفظ خاصّ، بل اللازم الإنشاء بكلّ ما دلّ على المقصود -كأن يقول: «قضيتُ» أو «حكمتُ» أو «ألزمتُ» أو «عليك دين فلان» أو «هذا الشي‌ء لفلان»، وأمثال ذلك- من كلّ لغة كان إذا اريد الإنشاء، ودلّ اللفظ بظاهره عليه ولو مع القرينة[1] .

 

لا شك ولا ريب في كون الحكم من مقولة الإنشاء، وذهاب سيدنا الماتن (قده) في تعريفه من ذكر الإنشاء إنما هو للتوضيح، وهذا لا يُنافي كونه مأخوذًا على نحو الإلزام في قول الحاكم: (ألزمتُ) أو (قضيت) أو (حكمت) وغيرها مما دلّ على المراد، وذلك لأن المعيار هو إنشاء الحكم وظهوره عرفًا في المقصود وهو إنشاؤه خارجًا، وهذا هو المائز بين الإنشاء والإخبار و(حكمتُ) الإنشائية غير (حكمتُ) الإخبارية الحاكية عمّا تحقق في الزمن الماضي مثلًا ولا فرق في الظهور بين أن يكون بنفسه أو بقرينة دالة على المراد وذلك لكون ظواهر الألفاظ حجة معتبرة عند العقلاء سواءٌ أكانت حقيقية أم مجازية مع القرينة المعتبرة. وعليه فإن الحكم ليس إخبارًا قطعًا، لغة وعرفًا وشرعًا، وكونه من مقولة الإنشاء ههنا موضع إتفاق بين الأعلام (اعلى الله مقامهم) سواءً مَن قال بالأعم من ذلك ليشمل مثل الحكم بالهلال وهو الأرجح بالنظر كما تقدم، وذلك لإطلاقات وعمومات الأدلة، وإن كان موارد الحكم في رفع الخصومة هي الغالبة فيه، وهذا لا يعني كونها مقومة لحقيقته.

نعم، ذهب سيدنا الماتن (قده) إلى كون الدال على الحكم هو اللفظ بظاهره ولو مع القرينة، ولكننا نقول بأن اللفظ هو أحد الدلالات على الحكم ولكنه ليس منحصرًا به بل يحصل أيضًا بالفعل دون اللفظ كما إذا أخذ الحاكم المدّعى به من المدّعى عليه وأعطاه للمدِّعي، وذلك لصحة جريان العقود بالمعاطاة كالبيع مثلًا، وإن قلنا بمنعه في عقد الزواج لكونه فيه شائبة العبادة وللدليل الخاص على ذلك وكما مر في محله.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo