< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/03/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في جواب المدّعى عليه‌.

 

مسألة (5): لو كان المُقرّ واجداً الزم بالتأدية، ولو امتنع أجبره الحاكم، وإن ماطل وأصرّ على المماطلة، جازت عقوبته بالتغليظ بالقول حسب مراتب الأمر بالمعروف، بل مثل ذلك جائز لسائر الناس، ولو ماطل حبسه الحاكم حتّى يؤدّي ما عليه، وله أن يبيع ماله إن لم يمكن إلزامه ببيعه. ولو كان المقرّ به عيناً يأخذها الحاكم بل وغيره من باب الأمر بالمعروف، ولو كان ديناً أخذ الحاكم مثله في المثليات وقيمته في القيميات بعد مراعاة مستثنيات الدين، ولا فرق بين الرجل والمرأة فيما ذكر[1] .

 

يمكن الإستدلال على إلزام الحاكم للمقرّ بأداء ما عليه في ذمته للمقرّ له، بعموم الحديث المشهور المتقدم (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز).

-(روى جماعة من علمائنا في كتب الاستدلال عن النبيّ (صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله)، أنّه قال: اقرار العقلاء على انفسهم جائز)[2] .

وأيضًا بوجوب ردّ الحقوق إلى أهلها بلا مماطلة عند إستحقاقها، وهذا ما دلت عليه الأدلة الأربعة.

ولو امتنع المقرِّ عن تأدية الحق، فإن على الحاكم أن يجبره على ذلك لكونه ولي الممتنع، ومن وظائفه إحقاق الحق وإبطال الباطل، وهذا هو القدر المتيقن من شؤون الولاية الحسبية المأخوذة على عاتق الحاكم الشرعي.

وإن ماطل المقرُّ وأصرَّ على المماطلة جازت عقوبته بالتغليظ بالقول حسب مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإبتداء بالرفق أولًا ثم التغليظ من مثل نعته بالظالم والغاصب وغير ذلك. بلا فرق بين صدورها من الحاكم الشرعي وغيره بكون فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبة على العموم لعموم الدليل، ومنها: (من رأى منكم منكرًا...) وغيره.

نعم فيما لو أصرَّ المقر على المماطلة مع ذلك، فقد ذهب سيدنا الماتن (قده) إلى التخيير بين حبسه وبيع ماله الزائد عن مستثنيات الدين.

وهنا لا بأس بالتذكير بما تقدم من أن المقرَّ يلزم بما أقرَّ به على نفسه، وليس بما أقرَّ على غيره، ولذلك نقول بالتفصيل بين ما لو كان المقرُّ به عينًا أو دينًا، فإن كان عينًا فلا يجري الحكم بلزوم ردها إلى المدعي كما لا يصح عقوبته إلا في ما لو كان الحاكم يعلم بكون العين ملكًا للمدَّعي، كما لو حقق الحاكم وتفحّص الأمر ولم يكتفِ بلازم إقرار المقرّ لأنه ليس إقرارًا على نفسه بل كما تقدم فهو إقرارٌ للغير. بخلاف ما لو كان دينًا فإن الإقرار بإشتغال ذمته بدينٍ للمقرّ له فالحكم يجري هنا بإجباره بالوفاء وبأداء الدين لصاحبه، وحبسه وبيع ماله لأجل ذلك.

وأما تخيير الحاكم بحبس المقرّ أو بيع ماله فيمكن أن يكون لعدم مرجحية أحدهما على الآخر، ولا دليل على تقدم أحد الأمرين على الآخر. ولكن يمكن أن يردّ ذلك، بأن على الحاكم دراسة ما هو الأوفق والأقرب إلى مصلحة المقرّ له، فربما يكون أحيانًا أن بيع ماله الزائد عن حاجياته وعن مستثنيات الدين أقرب إلى وصول الحق لصاحبه، وأما الحبس أحيانًا قد لا يجدي للمدَّعي نفعًا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo