< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/03/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

 

القول: في الجواب بالانكار‌.

مسألة (02): ليس للحاكم إحلاف المنكر إلّا بالتماس المدّعي، وليس للمنكر التبرّع بالحلف قبل التماسه، فلو تبرّع هو أو الحاكم لم يعتدّ بتلك اليمين، ولا بدّ من الإعادة بعد السؤال، وكذا ليس للمدّعي إحلافه بدون إذن الحاكم، فلو أحلفه لم يعتدّ به[1] .

أما أنه ليس للحاكم إحلاف المنكر إلا بإلتماس المدّعي فلكون إحلاف المنكر من حق المدّعي، وله الحق في ترك الدعوى والتخلي عنها، والمدّعي مخيّر بين إقامة البيّنة وبين إحلاف المنكر وبين تخليه عن الدعوى من رأس، فإذا أحلف القاضي المنكر دون طلب من المدّعي قلا يُعتد بتلك اليمين ولا بد من الإعادة بعد السؤال، ولا يترتب الأثر على ذلك لأصالة العدم. ولأجل أن رضا المدّعي بالحلف شرط في صحته، ويمكن الاستدلال على المقام بصحيح عبدالله بن أبي يعفور:

(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميري، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا رضي صاحب الحقّ بيمين المنكر لحقّه فاستحلفه، فحلف أن لا حقّ له قبله، ذهبت اليمين بحقّ المدّعي، فلا دعوى له، قلت له: وإن كانت عليه بيّنة عادلة؟ قال: نعم، وإن أقام بعد ما استحلفه بالله خمسين قسامة ما كان له، وكانت اليمين قد أبطلت كل ما ادّعاه قبله ممّا قد استحلفه عليه)[2] .

 

مسألة (03): لو لم يكن للمدّعي بيّنة واستحلف المنكر فحلف، سقطت دعوى المدّعي في ظاهر الشرع، فليس له بعد الحلف مطالبة حقّه، ولا مقاصّته، ولا رفع الدعوى إلى الحاكم، ولا تُسمع دعواه. نعم، لا تبرأ ذمّة المدّعى عليه، ولا تصير العين الخارجية بالحلف خارجاً عن ملك مالكها، فيجب عليه ردّها وإفراغ ذمّته؛ وإن لم يجز للمالك أخذها ولا التقاصّ منه، ولا يجوز بيعها وهبتها وسائر التصرّفات فيها. نعم، يجوز إبراء المديون من دينه على تأمّل فيه، فلو أقام المدّعي البيّنة بعد حلف المنكر لم تسمع، ولو غفل الحاكم، أو رفع الأمر إلى حاكم آخر، فحكم ببيّنة المدّعي لم يعتدّ بحكمه[3] .

تسقط دعوى المدّعي إن لم يكن لديه البيّنة وحلف المنكر بعد أن استحلفه المدّعي، وعندئذ ليس للمدّعي بعد الحلف أن يطالب المنكر بحقه ولا بمقاصته، ولا يرفع الدعوى ثانية إلى نفس الحاكم ولا إلى غيره من الحكام، وإن فعل فلا تسمع دعواه ولا يُعتد بها، وذلك مضافًا إلى الإجماع للروايات ومنها صحيح عبد الله بن يعفور المتقدم

-(عن ابن أبي عمير، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن القسامة؟ فقال: الحقوق كلّها، البيّنة على المدّعي، واليمين على المدّعى عليه، إلاّ في الدم خاصّة)[4] .

ومنها: (محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن خضر النخعي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الرجل يكون له على الرجل المال فيجحده، قال: إن استحلفه فليس له أن يأخذ شيئاً، وإن تركه ولم يستحلفه، فهو على حقّه)[5] .

ومنها: (محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن ياسين الضرير، عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله، قال: قلت للشيخ (عليه السلام): خبّرني عن الرجل يدَّعي قبل الرجل الحقَّ، (فلم تكن) له بيّنة بما له، قال: فيمين المدَّعى عليه، فإن حلف فلا حقّ له، (وإن ردّ اليمين على المدّعي فلم يحلف، فلا حقَّ له)، (وإن لم يحلف فعليه)، وإن كان المطلوب بالحقّ قد مات، فاُقيمت عليه البيّنة، فعلى المدّعي اليمين بالله الّذي لا إله إلاّ هو، لقد مات فلان، وأنَّ حقّه لعليه، فان حلف، وإلاّ فلا حقَّ له، لأنّا لا ندري لعلّه قد أوفاه ببيّنة لا نعلم موضعها، أو غير بيّنة قبل الموت، فمن ثمَّ صارت عليه اليمين مع البينة، فإن ادّعى بلا بيّنة فلا حقَّ له، لأنَّ المدّعى عليه ليس بحيّ، ولو كان حيّاً لاُلزم اليمين، أو الحقّ، أو يردّ اليمين عليه، فمن ثمَّ لم يثبت الحقّ)[6] .

ومنها: (محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن داود بن رزين قال: قلت لأبي الحسن موسى (عليه السلام): إنّي أُخالط السلطان فتكون عندي الجارية فيأخذونها، والدابّة الفارهة فيبعثون فيأخذونها ، ثم يقع لهم عندي المال فلي أن آخذه؟ قال: خذ مثل ذلك ولا تزد عليه)[7] .

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo