< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/04/19

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الفقه

 

مسألة (09): لو استمهل المنكر في الحلف والردّ ليلاحظ ما فيه صلاحه، جاز إمهاله بمقدار لا يضرّ بالمدّعي ولا يوجب تعطيل الحقّ والتأخير الفاحش. نعم، لو أجاز المدّعي جاز مطلقاً بمقدار إجازته[1] .

 

لا إشكال في جواز إستمهال المنكر في الحلف والرد وذلك للأصل، وإطلاق الروايات في المقام، مضافًا إلى الإجماع بين الأعلام (أعلى الله مقامهم).

وجواز الإستمهال سواءٌ أكان من المدّعي صاحب الحق إحتمالًا ومن بيده حق إحلاف المنكر متى شاء وضمن المدة الزمنية التي يحددها للمنكر أو مطلقًا أم كان الإستمهال من الحاكم، شريطة أن لا يُفضي ذلك إلى وقوع المدّعي بالضرر ومن تعطيل حقِّه أو تأخيره الفاحش إلا أن يرضى المدّعي بذلك لما تقدم.

طرق إثبات الدعوى

مسألة (10): لو قال المدّعي: «لي بيّنة» لا يجوز للحاكم إلزامه بإحضارها، فله أن يحضرها أو مطالبة اليمين أو ترك الدعوى. نعم، يجوز له إرشاده بذلك أو بيان الحكم؛ من غير فرق في الموضعين بين علمه وجهله[2] .

 

شرع سيدنا (قده) في هذه المسألة ببيان طرق إثبات الدعوى وما يتعلق بها.

قد وقع الخلاف بين الأعلام (اعلى الله مقامهم) في الجواز وعدم الجواز للحاكم أن يأمر المدّعي بإحضار البيّنة فمن قال بالجواز _وهو المشهور_ ومنهم السيد علي الطباطبائي في رياض المسائل[3] حيث قال: (عند الإنكار يجب أن (يقال للمدعي: ألك بينة) إن جهل مطالبتها منه، وإن كان عالما بها جاز للحاكم السكوت عن ذلك، كما جاز له السؤال عنها (فإن قال) المدعي (نعم) لي البينة جاز للحاكم (أمره بإحضارها) مطلقا،).

والشهيد الثاني (قده) في مسالكه[4] حيث قال: (القول بأن الحاكم لا يقول للمدّعي: (أحضر بيّنتك) للشيخ في المبسوط، فقال: لا يقول للمدّعي: أحضر بيّنتك، بل يقول له: إن شئت أقمتها، ولا يقول له: أقمها، لأنه أمر. والحقّ له فلا يؤمر باستيفائه، بل إليه المشيئة).

والمحقق الحلي (قده) في شرائعه حيث قال: (ولو كان للمدعي بينة، لم يقل الحاكم: أحضرها، لأن الحق له. وقيل: يجوز وهو حسن. ومع حضورها لا يسألها الحاكم، ما لم يلتمس المدعي)[5] .

وغيرهم، فإنه من الواضح أنهم يريدون من الجواز إعطاء الرخصة للمدّعي بإحضار البيّنة وليس المراد منه الإلزام والوجوب، فيكون الجواز وطلب الإحضار من قبيل إرشاد الحاكم للمدّعي الجاهل بأحقيته في إحضار البيّنة، وعليه فلا وجه للقول بعدم الجوا

ومن قال بعدم الجواز كالشيخ (قده) في مبسوطه حيث قال: (هذا إذا لم يكن بينة فان كانت له بينة لم يخل من أحد أمرين إما أن تكون حاضرة أو غائبة، فإن كانت حاضرة لم يقل له الحاكم أحضرها لأنه حق له فله أن يفعل ما يرى، فإذا حضرا لم يسئلهما الحاكم عما عندهما حتى يسأله المدعي ذلك، لأنه حق له، لئلا يتصرف فيه بغير أمره، فإذا ثبت أنه لا بد من سؤال المدعي للاستماع منهما، فان الحاكم لا يقول لهما اشهدا، لأنه أمر و هو لا يأمرهما، و لكنه يقول تكلما إن شئتما، من كان عنده كلام فليذكر إن شاء)[6] .

وصاحب السرائر (قده) حيث قال: (وإن أنكر المدّعى عليه ما ادّعاه المدّعي، سأله ألك بيّنة على ذلك، فإن قال نعم هي حاضرة، نظر في بينته بعد سؤاله، وإن قال: نعم غير أنّها ليست حاضرة، فلا يقول له الحاكم أحضرها، بل يتركه، إلى أن يحضر بينته ويسأله سماعها)[7] .

وصاحب مختلف الشيعة حيث قال: (والوجه التفضيل، وهو أن نقول: إن عرف الحاكم إن المدعي يعلم ذلك لم يأمره، وإلا قال له ذلك، لئلا يضيع حقه)[8] .

فلأصالة عدم الولاية للحاكم على إلزام المدّعي بإحضار البينة بالإضافة إلى كون الحق للمدّعي نفسه، لأنه مخيّر بين أمور ثلاثة:

الأول: ترك أصل الدعوى.

الثاني: إحضار البيّنة.

الثالث: مطالبة اليمين من المنكر.

وعليه فلا وجه للقول بإلزام الحاكم المدّعي بإحضار البيّنة، وحسنًا ما ذهب إليه صاحب الجواهر(قده) في إعتبار الخلاف أعلاه بأنه لفظي لا حقيقي لما أسلفنا شرحه قبل قليل، والأحسن التفصيل بين كون المدّعي من العالمين في حقه بإحضار البيّنة والجاهلين بذلك، وعليه فيجوز للحاكم طلب إحضار البيّنة من الجاهلين، وعدم جواز إلزام المدّعي بإحضار البيّنة من العالمين بذلك لكونه له الحق في التخيير بين الأمور الثلاثة أعلاه.

ولذلك نقول بعدم الإشكال في جواز أن يبيّن الحاكم للمدّعي بكونه مخيّرًا بين الأمور الثلاثة مطلقًا وذلك لكون الحاكم مكلفًا بتوضيح ما يساعد على إظهار الحق، ولأصالة الاباحة الجارية في المقام دون منازع، سواءٌ أكان المدّعي جاهلًا بذلك أو عالمًا به، ومع علم المدّعي بذلك فيكون إعلام الحاكم للمدّعي من باب التوكيد وإتمام الحجة.

 


[3] رياض المسائل، السيد علي الطباطبائي، ج13، ص90، ط. مؤسسة النشر الاسلامي التابعة لجماعة المدرسين

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo