< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/04/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في الجواب بالانكار‌.

 

مسألة (11): مع وجود البيّنة للمدّعي يجوز له عدم إقامتها -ولو كانت حاضرة- وإحلاف المنكر، فلا يتعيّن عليه إقامتها، ولو علم أنّها مقبولة عند الحاكم فهو مخيّر بين إقامتها وإحلاف المنكر، ويستمرّ التخيير إلى يمين المنكر، فيسقط حينئذٍ حقّ إقامة البيّنة ولو لم يحكم الحاكم. ولو أقام البيّنة المعتبرة وقبل الحاكم، فهل يسقط التخيير أو يجوز العدول إلى الحلف؟ وجهان، أوجههما سقوطه[1] .

 

عند التتبع لموازين القضاء في مقام التنازع بين الخصمين وإدعاء أحدهما على الآخر، يظهر لنا أن الأصل هو أن المدّعي مخيّر بين إحضار البيّنة مع وجودها وبين إحلاف المنكر، أو العفو عن الخصم من رأ وعليه فلا يتعين على المدّعي إقامة البيّنة حتى مع تحقق شرائط قبولها لدى الحاكم.

كما لا دليل على ترتب على عدم وجود البيّنة بل لو استحلف المدّعي غريمه وحلف سقطت دعواه وسقط حقه أيضًا.

ويمكن الإستدلال على ذلك بصحيحة عبد الله بن يعقور:

-(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن عليِّ بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميري، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا رضي صاحب الحقّ بيمين المنكر لحقّه فاستحلفه، فحلف أن لا حقّ له قبله، ذهبت اليمين بحقّ المدّعي، فلا دعوى له، قلت له: وإن كانت عليه بيّنة عادلة؟ قال: نعم، وإن أقام بعد ما استحلفه بالله خمسين قسامة ما كان له، وكانت اليمين قد أبطلت كل ما ادّعاه قبله ممّا قد استحلفه عليه)[2] .

كما يمكن الإستدلال بالصحيحة أعلاه أن حق المدّعي يسقط بمجرد استحلاف المنكر ولو لم يحكم الحاكم معه.

نعم لو أقام المدّعي البيّنة وقبلها الحاكم، فلا يبقى وجهٌ للحلف بعد عدول المدّعي عن البيّنة إلى الحلف، فإن دليل جواز الحلف منصرف عن المقام، وعليه فلا يجوز الإحلاف مع إقامة البيّنة وقبول الحاكم لها.

 

مسألة (12): لو أحضر البيّنة، فإن علم أو شهدت القرائن بأنّ المدّعي بعد حضورها لم يرد إقامتها فليس للحاكم أن يسألها، وإن علم أو شهدت الأحوال بإرادة إقامتها فله أن يسألها، ولو لم يعلم الحال وشكّ في ذلك فليس للحاكم سؤال الشهود. نعم، له السؤال من المدّعي: بأنّه أراد الإقامة أو لا[3] .

 

ليس مجرد إحضار المدّعي للشهود يسوّغ للحاكم أن يسألهم عن شهادتهم بالواقعة، بل المسألة هي في أن الأصل كما تقدم هو تخيير المدّعي بين الأمور الثلاثة المتقدمة (العفو، إقامة البيّنة، الحلف).

وعليه فلا يجوز للحاكم أن يسأل البيّنة في حال علمه بأن المدّعي لم يرد إقامتها، أو في حال توفر القرائن على عدم إقامتها من المدّعي، وكذا الحال عند شك الحاكم وعدم علمه بالإقامة وعدمها وذلك لعدم إحراز إرادة الإقامة لما تقدم من الأصل من الأصل في تخيير المدّعي بين الأمور الثلاثة، نعم يجوز للحاكم ههنا أن يسأل المدّعي ما إذا أراد إقامتها أو، لا.

وأما إذا علم الحاكم أو شهدت القرائن بإرادة إقامتها من المدّعي فله أن يسأل البيّنة عندئذ.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo