< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء

 

القول: في الجواب بالانكار‌.

مسألة (20): لو تعارضت بيّنة الجرح والتعديل؛ بأن قالت إحداهما: «إنّه عادل» وقالت الاخرى: «إنّه فاسق»، أو قالت إحداهما: «كان يوم كذا يشرب الخمر في مكان كذا» وقالت الاخرى: «إنّه كان في يوم كذا في غير هذا المكان» سقطتا، فعلى المنكر اليمين. نعم، لو كان له حالة سابقة من العدالة أو الفسق يؤخذ بها؛ فإن كانت عدالةً حكم على طبق الشهادة، وإن كانت فسقاً تطرح وعلى المنكر اليمين[1] .

لا بدَّ أولًا قبل إبداء الرأي في المسألة من الإشارة إلى أن التعارض بين بيّنة الجرح وبيّنة التعديل تارة يكون على نحو التخالف بينهما ممّا يمكن إجتماعهما لعدم كونهما يفضيان إلى التضاد والمانع عن صدقهما، وأخرى يكون التعارض بينهما على نحو التكاذب الفعلي وهو ما يُسمى بالتعارض الحقيقي (التعارض المستقر) الذي لا يمكن الجمع بينهما.

ومثال الحالة الأولى: كما إذا قالت بيّنة التعديل أنه ذو ملكة ولا نعلم صدور معصية كبيرة منه، وقالت بيّنة الجرح: (رأيته يرتكب كبيرة ولم يتحقق منه التوبة) أو قالت بيّنة التعديل على نحو الإطلاق (هو عادل)، وقالت بيّنة الجرح على نحو التقييد (رأيته في اليوم الفلاني يرتكب كبيرة).

وهنا لا نجد تعارضًا مستحكمًا بين البيّنتين في البين، ويتعين الحكم في هذه الحالة بالجرح لتقدمها على التعديل بلا خلاف.

وهكذا لو شهدت بيّنة الجارح بقولها: (رأيت فلانًا بالأمس يشرب خمرًا)، وقالت بيّنة التعديل: (لقد تاب اليوم وعادت إليه ملكة العدالة بالتوبة) وهنا يحكم بالعدالة وذلك كما تقدم لعدم التعارض المستقر بين البيّنتين وإمكان الجمع بينهما.

نعم لا يضرّ التعارض فيما لو كانت إحدى البيّنتين أوجه من الأخرى كما لو كانت أكثر عددًا من الثانية لمقبولة عمرو بن حنظلة.

(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن الحصين، عن عمر بن حنظلة، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجلين من أصحابنا، بينهما منازعة في دين أو ميراث، فتحاكما إلى أن قال: ـفإن كان كلّ واحد اختار رجلاً من أصحابنا، فرضيا أن يكونا الناظرين في حقّهما، واختلف فيهما حكما، وكلاهما اختلفا في حديثكم؟ فقال: الحكم ما حكم به أعدلهما، وأفقههما، وأصدقهما، في الحديث، وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر، قال: فقلت: فإنّهما عدلان مرضيّان عند أصحابنا، لا يفضل واحد منهما على صاحبه، قال: فقال: ينظر إلى ما كان من روايتهما عنّا في ذلك الّذي حكما به، المجمع عليه عند أصحابك، فيؤخذ به من حكمنا ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور عند أصحابك فإنَّ المجمع عليه لا ريب فيه إلى أن قال: فإن كان الخبران عنكم مشهورين، قد رواهما الثقات عنكم؟ قال: ينظر، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنّة وخالف العامّة فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنّة ووافق العامة، قلت: جعلت فداك، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنّة، ووجدنا أحد الخبرين موافقاً للعامّة، والآخر مخالفاً لهم، بأيّ الخبرين يؤخذ؟ فقال: ما خالف العامّة ففيه الرشاد، فقلت: جعلت فداك، فإن وافقهما الخبران جميعاً؟ قال: ينظر إلى ما هم إليه أميل حكّامهم وقضاتهم، فيترك ويؤخذ بالآخر، قلت: فإن وافق حكّامهم الخبرين جميعاً؟ قال: إذا كان ذلك فارجئه حتّى تلقى إمامك، فإنَّ الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات)[2] .

ومثال الحالة الثانية ( التعارض المستقر)، كما لو قالت بيّنة الجارح مثلًا: (رأيت فلانًا بالأمس يشرب خمرًا في المكان الفلاني)، وقالت بيّتة التعديل: (إن فلانًا لم يكن بالأمس في المكان الفلاني، بل كان عندي في البيت يسألني عن قضايا مهمة) طبعًا مع إتحاد الوقت للبيّنتين، أو كل من البيّنتين أطلقتا إفادتهما للحال فالأولى قالت هو عادل والثانية قالت أنه فاسق.

وهذه الصورة هي محط البحث والكلام وفيها أربعة اقوال كما لاحظناه بعد التتبع لكلمات الأعلام (اعلى الله مقامهم)


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo