< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/05/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء

 

القول: في الجواب بالانكار‌.

مسألة (28): لا يشترط في الحكم بالبيّنة ضمّ يمين المدّعي. نعم، يُستثنى منه الدعوى على الميّت، فيعتبر قيام البيّنة الشرعية مع اليمين الإستظهاري، فإن أقام البيّنة ولم يحلف سقط حقّه. والأقوى عدم إلحاق الطفل والمجنون والغائب وأشباههم -ممّن له نحو شباهة بالميّت في عدم إمكان الدفاع لهم- به، فتثبت الدعوى عليهم بالبيّنة من دون ضمّ يمين. وهل ضمّ اليمين بالبيّنة منحصر بالدين، أو يشمل غيره كالعين والمنفعة والحقّ؟ وجهان، لا يخلو ثانيهما عن قرب. نعم، لا إشكال في لحوق العين المضمونة على الميّت إذا تلفت مضمونة عليه[1] .

هذه المسألة تتحدث عن القسم الثاني من أقسام طرق إثبات الدعوى الذي تقدم منه القسم الأول عند الكلام في المسألة العاشرة بقوله (قده): (لو قال المدّعي: (لي بيّنة) لا يجوز . . .).

وهذا القسم يتعرض إلى القضايا التي تحتاج في إثباتها إلى ضم يمين المدّعي إلى البيّنة، وهي حالة ما لو كانت الدعوى على الميت.

فإن الظاهر أنه لا يُشترط في الحكم بالبيّنة ضم يمين المدّعي إلا بدليل خاص وعليه الإجماع وهو الأساس في تطبيق موازين القضاء.

ويمكن الإستدلال على عدم اشتراط ضم اليمين بالآتي:

صحيحة محمد بن مسلم:

-(محمّد بن الحسن بإسناده عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن عاصم، عن محمّد بن مسلم، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل يقيم البيّنة على حقّه، هل عليه أن يستحلف؟ قال: لا)[2] .

ورواية أبي العباس:

-(عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، أو غيره، عن أبان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا أقام الرجل البيّنة على حقّه، فليس عليه يمين، فإن لم يقم البيّنة فردّ عليه الّذي ادّعى عليه اليمين، فإن أبى أن يحلف فلا حقّ له)[3] .

وموثقة جميل عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام:

-(محمّد بن عليِّ بن الحسين بإسناده عن أبان، عن جميل، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا أقام المدّعي البيّنة فليس عليه يمين، وإن لم يقم البيّنة، فردّ عليه الّذي ادّعى عليه اليمين فأبى، فلا حقّ له)[4] .

3 – قوله (صلى الله عليه وآله): (البيّنة على المدّعي واليمين على المدعى عليه).

(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن جميل، وهشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): البيّنة على من ادّعى، واليمين على من ادّعي عليه)[5] .

والواضح فيه أن التفصيل قاطع للشركة مع كونه (صلى الله عليه وآله) في مقام بيان وظيفة المتخاصمين.

وعلى أي حال فالظاهر من الروايات عدم اشتراط ضم يمين المدّعي للبيّنة في إثبات الحكم كما هو واضح. خصوصًا رواية أبي العباس المتقدمة، حيث إنها صرّحت بعدم لزوم اليمين مع بيّنة المدّعي.

ولا يعارضها بعض ما روي من اشتراط ضم اليمين إلى بيّنة المدّعي كما في خبر سلمة بن كهيل:

-(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن سلمة بن كهيل، قال: سمعت عليّاً (عليه السلام) يقول لشريح: انظر إلى أهل المعك والمطل، ودفع حقوق الناس من أهل المقدرة واليسار، ممّن يدلي بأموال الناس إلى الحكّام، فخذ للناس بحقوقهم منهم، وبع فيها العقار والديار فإنّي سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) يقول: مطل المسلم الموسر ظلم للمسلم. ومن لم يكن له عقار، ولا دار، ولا مال فلا سبيل عليه واعلم أنّه لا يحمل الناس على الحقّ، إلاّ من ورعهم عن الباطل. ثمّ واسِ بين المسلمين بوجهك ومنطقك ومجلسك، حتّى لا يطمع قريبك في حيفك، ولا ييأس عدوّك من عدلك. ورد اليمين على المدّعي مع بيّنته، فإنَّ ذلك أجلى للعمى، وأثبت في القضاء. واعلم أنَّ المسلمين عدول بعضهم على بعض، إلاّ مجلود في حدّ لم يتب منه، أو معروف بشهادة زور، أو ظنين. وإيّاك والتضجّر والتأذّي في مجلس القضاء، الّذي أوجب الله فيه الأجر، ويحسن فيه الذخر لمن قضى بالحقِّ. واعلم أنَّ الصلح جائز بين المسلمين إلاّ صلحاً حرَّم حلالاً، أو أحلّ حراماً. واجعل لمن ادّعى شهوداً غيّباً أمداً بينهما، فإن أحضرهم أخذت له بحقّه، وإن لم يحضرهم أوجبت عليه القضيّة. وإيّاك أن تنفذ قضيّة في قصاص، أو حدّ من حدود الله، أو حقّ من حقوق المسلمين، حتّى تعرض ذلك عليَّ إن شاء الله، ولا تقعد في مجلس القضاء حتّى تطعم)[6] .

حيث إنه يمكن حملها مع -ضعف سندها– على الإستحباب مع رضى المدّعي جمعًا بين الروايات مما تقدم، أو حملها على الدعوى على الميت كما سيأتي.

كما لا يعارضها صحيحة محمد بن الحسن الصفار:

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى قال: كتب محمّد ابن الحسن ـ يعني الصفّار ـ إلى أبي محمّد (عليه السلام): هل تقبل شهادة الوصيّ للميّت بدين له على رجل مع شاهد آخر عدل؟ فوقّع: إذا شهد معه آخر عدل فعلى المدّعي يمين، وكتب: أيجوز للوصيّ أن يشهد لوارث الميّت صغيراً أو كبيراً (وهو القابض للصغير) وليس للكبير بقابض؟ فوقّع (عليه السلام): نعم، وينبغي للوصيّ أن يشهد بالحقّ ولا يكتم الشهادة، وكتب: أو تقبل شهادة الوصيّ على الميّت مع شاهد آخر عدل؟ فوقّع: نعم من بعد يمين)[7] .

لإحتمال حمل الوصي على كونه المدّعي ولذا لا تقبل شهادته، أو لاحتمال خصوصية الوصي الذي يجرّ النفع إلى نفسه فلا بد من ضم اليمين إلى شهادة الشاهد الواحد.

وعليه فالاقوى عدم نهوض هاتين الروايتين لمعارضة ما تقدم من الروايات التي يظهر منها عدم الإشتراط.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo