< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/06/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في الجواب بالانكار‌.

فروع‌

الأوّل: لو كان المدّعي على الميّت وارث صاحب الحقّ، فالظاهر أنّ ثبوت الحقّ محتاج إلى ضمّ اليمين إلى البيّنة، ومع عدم الحلف يسقط الحقّ. وإن كان الوارث متعدّداً لا بدّ من حلف كلّ واحد منهم على مقدار حقّه، ولو حلف بعض ونكل بعض ثبت حقّ الحالف وسقط حقّ الناكل[1] .

هذا الفرع يشتمل على أمرين:

الأول: هل أن لفظ المدّعي في رواية عبد الرحمان على خصوص المدّعي الأوّلي أو يشمل وارثه أيضًا؟

الثاني: فيما إذا كان الوارث متعددًا فهل يكفي يمين واحد أو يتعدد بتعددهم؟

أما الأمر الأول: لا فرق بين كون المدّعي على الميت هو صاحب الحق، وبين كونه وارثًا لصاحب الحق، ذلك تمسكًا بالإطلاق اللفظي لرواية عبد الرحمان بن أبي عبد الله المتقدمة بقوله (عليه السلام): (وإن كان المطلوب بالحق قد مات، فأقيمت عليه البيّنة فعلى المدّعي اليمين). وقضية لزوم ضم اليمين ههنا لما تقدم من عدم كفاية البيّنة على ثبوت الحق بذمة الميت لكونها تدل على اشتغال ذمة الميت بالدين خاصة، ولكنها لا تنفع ببقاء اشتغال ذمته به، فلعله قد أداه أو أبرأه منه قبل موته، فلا بد حينئذ من ضم اليمين لإستفادة بقاء تعلق الحق بذمته.

الأمر الثاني: ما إذا كان الوارث متعددًا، فلا بد من حلف كل واحد منهم على مقدار حقه، فلو حلف بعضٌ ونكل بعضٌ ثبت حق الحالف، وسقط حق الناكل، ولا يحتاج إلى تعدد البيّنة بتعدد الورثة، وذلك أن البيّنة قامت على أصل إثبات الحق في ذمة الميت للوارث سواءٌ أكان واحدًا أو متعددًا وبالتالي إنما أقيمت على مجموع الحق، بخلاف اليمين، بحيث إنهم متعددون وينحلّ الدليل إليهم، فلا يكفي يمين أحدهم عن الآخر، فلا بد من كل واحد منهم لإثبات حقه وعندئذ يثبت حق الحالف ويسقط حق الناكل.

الثاني: لو شهدت البيّنة بإقراره قبل موته بمدّة لا يمكن فيها الاستيفاء عادة، فهل يجب ضمّ اليمين أو لا؟ وجهان أوجههما وجوبه، وكذا كلّ مورد يعلم أنّه على فرض ثبوت الدين سابقاً لم يحصل الوفاء من الميّت[2] .

وقع الكلام في هذه المسألة بين الاعلام في قولين:

القول الأول: لزوم ضم اليمين إلى البيّنة في المقام، وهو ما ذهب إليه صاحب مستند الشيعة (قده) حيث قال: (ولذا قوّى بعض فضلائنا المعاصرين الضمّ، لإطلاق النصّ. وهو حسن)[3] ، وهو ما عليه بعض المعاصرين منهم سيدنا (قده).

القول الثاني: عدم لزوم ضم اليمين إلى البيّنة كما عن مسالك الأفهام حيث قال: (ولو أقرّ له قبل الموت بمدّة لا يمكن فيها الاستيفاء عادة، ففي وجوب ضمّ اليمين إلى البيّنة وجهان، من إطلاق النصّ الشامل لموضع النزاع، وقيام الإحتمال، وهو إبراؤه منه وقبضه من ماله ولو بعد الموت، ومن البناء على الأصل والظاهر من بقاء الحقّ. وهذا أقوى)[4] .

وكفاية الأحكام حيث قال: (وذهب جماعة من الأصحاب منهم: المحقّق إلى العدم قصراً للحكم على مورد النصّ. وهو غير بعيد وإن كان الحكم به لا يصفو عن الإشكال)[5] ،

وقواه السيد في ملحقاته العروة الوثقى (وكذا في الفرع الذي تعرضوا له وهو أنه إذا شهدت البينة باقراره قبل موته بمدة لا يمكن فيها الاستيفاء عادة، فانه لا يجب ضم اليمين كما عن جماعة)[6] .

وعمدة الاستدلال على القول الأول: هو التعليل المذكور في رواية عبد الرحمان المتقدمة، بقوله (عليه السلام): (لأنا لا ندري، لعله قد أوفاه حقه ببيّنة لا نعلم موضعها، أو غير بيّنة قبل الموت) فعمومه يشمل المقام.

ولكن يمكن القول بأن فرض الكلام ههنا ليس مشمولًا للتعليل الوارد في الرواية، وذلك لقيام البيّنة بالإقرار بالحق قبل الموت، والحال أن الزمان المتبقي لموته لا يكفي لإيفائه بما عليه عادة، ويعلم من إفتراض المسألة عدم تحقق الإبراء للإدعاء عليه، وعدم تحقق الموجب لسقوط الدين من الإيفاء به، وعندئذ الأقوى عدم شمول التعليل المذكور في الرواية وعليه فلا يقتضي وجوب ضم اليمين ههنا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo