< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/06/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء

القول: في الجواب بالانكار‌.

الثالث: لو تعدّدت ورثة الميّت، فادّعى شخص عليه وأقام البيّنة، تكفي يمين واحدة، بخلاف تعدّد ورثة المدّعي كما مرّ[1] .

وذلك لعدم دخالة وارث الميت (المدّعى عليه) في المقام سواءٌ أكان واحدًا أم متعددًا، لكون البحث ههنا في توجه اليمين على المدّعي سواءٌ أكان صاحب الحق الأوليّ، أم ورثته، فتعدد اليمين يكون بتعدد ورثة المدّعي وتعدد الحق كما مرّ، وليس في ورثة الميت أصلًا.

الرابع: اليمين للاستظهار لا بدّ وأن تكون عند الحاكم، فإذا قامت البيّنة عنده وأحلفه ثبت حقّه، ولا أثر لحلفه بنفسه أو عند الوارث[2] .

وذلك لما تقدم من كون الحلف هو أحد العناصر الدخيلة في تحقق حكم الحاكم، وبه تتم بعض موارد فض الخصومة، ورفع النزاع بين المتخاصمين ويمكن أن نستشعر ذلك من قول نبيّنا الاكرم (صلى الله عليه وآله): (البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه)

(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبي، عن جميل، وهشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): البيّنة على من ادّعى، واليمين على من ادّعي عليه)[3] .

-(عن ابن أبي عمير، عن بريد بن معاوية، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألته عن القسامة؟ فقال: الحقوق كلّها، البيّنة على المدّعي، واليمين على المدّعى عليه، إلاّ في الدم خاصّ)[4] .

(عن أبي عليِّ الأشعري، عن محمّد بن عبد الجبّار، عن صفوان بن يحيى، عن عبد الله بن بكير، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إنَّ الله حكم في دمائكم بغير ما حكم به في أموالكم، حكم في أموالكم: أنَّ البيّنة على المدّعي، واليمين على المدّعى عليه، وحكم في دمائكم: أنَّ البيّنة على من ادّعي عليه، واليمين على من ادّعى، لئلاّ يبطل دم امرىء مسلم)[5] .

(محمّد بن عليِّ بن الحسين قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): البيّنة على المدّعي، واليمين على المدّعى عليه، والصلح جائز بين المسلمين، إلاّ صلحاً أحلَّ حراماً، أو حرَّم حلالاً)[6] .

فكما أن البيّنة لا بد أن تكون عند الحاكم ويعرف عدالته ليحكم على طبقها فكذلك اليمين في مواردها لا بد أن تكون عند الحاكم وهكذا كما ظاهر بعض الروايات:

(عن أحمد بن محمّد، عن عليِّ بن الحكم، أو غيره، عن أبان، عن أبي العبّاس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا أقام الرجل البيّنة على حقّه، فليس عليه يمين، فإن لم يقم البيّنة فردّ عليه الّذي ادّعى عليه اليمين، فإن أبى أن يحلف فلا حقّ له)[7] .

(جميل وهشام، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): البيّنة على من ادّعى، واليمين على من ادّعي عليه)[8] .

وإذا كان الأمر كذلك فلا أثر في ذلك فيما لو كان الحلف عند الحاكم المولج على النزاع في القضية المرفوعة إليه.

الخامس: اليمين للاستظهار غير قابلة للإسقاط، فلو أسقطها وارث الميّت لم تسقط، ولم يثبت حقّ المدّعي بالبيّنة بلا ضمّ الحلف.

 

إن منشأ الكلام في المسألة هو أن اليمين هل هو حق من الحقوق، أو أنها حكم من الأحكام، والواضح أنها على الافتراض الأول يمكن إسقاطها وعلى الثاني فلا تسقط بمجرد الإسقاط.

والجواب عن ذلك:

أولًا: لم يثبت بدليل ما أنها من الحقوق بل ثبت بالدليل أن حق المدّعي – كما المسألة – متوقف على ضم اليمين، فلو لم يحلف سقط حقه.

ثانيًا: لأصالة عدم السقوط، والمقام ثبوت حق المدّعي بالبيّنة والحلف معًا، فلو أتى بأحدهما دون الثاني ولم يثبت حقه، ولا أقل من الشك فالأصل عدم الثبوت إلا بتحقق الأمرين معًا، مضافًا إلى أن ما يفهم من قوله (صلى الله عليه وآله):

(إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان) هو أن عملية فض النزاع ورفع الخصومات بين المتخاصمين إنما هو بيد الحاكم دون سواه وعليه أن يجري عليه القضاء بحسب الموازين الشرعية التي دلت عليها الأدلة كما هو واضح وقد دلت على أن ليس للحاكم أن يحكم إلا بحجة والحجة أحد أمرين البيّنة واليمين فمع عدم وجود البيّنة فلا بد من اليمين لإثبات الحق وإلا سقط. وبهذا لم الكلام في الفروع الخمسة ويليه القول في الشاهد واليمين.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo