< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في الشاهد واليمين‌

مسألة (6): لو أجاب المدّعى عليه بقوله: «ليس لي، وهو لغيرك»، فإن أقرّ لحاضر وصدّقه الحاضر كان هو المدّعى عليه، فحينئذٍ له إقامة الدعوى على المقرّ له، فإن تمّت وصار ماله إليه فهو، وإلّا له الدعوى على المقرّ بأنّه صار سبباً للغرامة، وله البدأة بالدعوى على المقرّ، فإن ثبت حقّه أخذ الغرامة منه، وله‌ حينئذٍ الدعوى على المقرّ له لأخذ عين ماله، فإن ثبتت دعواه عليه ردّ غرامة المقرّ. وإن أقرّ لغائب يلحقه حكم الدعوى على الغائب. وإن قال: «إنّه مجهول المالك وأمره إلى الحاكم»، فإن قلنا: إنّ دعوى مدّعي الملكية تقبل إذ لا معارض له يردّ إليه، وإلّا فعليه البيّنة، ومع عدمها لا يبعد إرجاع الحاكم الحلف عليه. وإن قال: «إنّه ليس لك بل وقف»، فإن ادّعى التولية ترتفع الخصومة بالنسبة إلى نفسه، وتتوجّه إليه لكونه مدّعي التولية، فإن توجّه الحلف إليه وقلنا بجواز حلف المتولّي فحلف سقطت الدعوى، وإن نفى عن نفسه التولية فأمره إلى الحاكم. وكذا لو قال المدّعى عليه: «إنّه لصبيّ أو مجنون»، ونفى الولاية عن نفسه[1] .

تقريب هذه المسألة أن المدّعى عليه لم يسكت بالمرّة، كما أنه لم يُقرّ بالمدعى به للمدّعي، ولم يَدّع بأنه مالك للغير.

ولكن حاله حال الناكر كون المدّعى به ليس للمدّعي ولا له، بل هو لطرف ثالث وهذا الطرف الثالث يمكن تصويره في صور:

1 – أن يكون لشخص حاضر، أو لغائب.

2 – إذا أجاب المدعى عليه بأن العين هي لمجهول المالك.

3 – أن يقول بأن المدّعى به هو للوقف.

4 – أن يقول بأن المدّعى به هو لصبي أو لمجنون.

أما الصورة الأولى: (ليس لي وهو لغيرك) وهو شخص حاضر وقد صدّقه الحاضر بإقراره وكون المدّعى به هو له، وعليه يتحول الحاضر المقرّ له إلى مدّعٍ عليه، ولكن لا لأجل إقراره المقرّ، لما تقدم منّا إن إقرار الانسان مقصورٌ على نفسه دون سواه، خصوصًا مع إحتمال وجود التواطىء والمؤامرة بين المقرّ والمقر ّله، بل إن المقرّ له يتحول إلى المدّعى عليه لأجل تصديق المقرّ في كونه هو المالك للمدّعى به دون المدّعي.

وعليه، جاز للمدّعي إقامة الدعوى على المقرّ له، وعندئذ، فإما أن يحصل المدّعي على حقه ويرجع ماله إليه، وإما أن لا يحصل على ماله، وعلى الافتراض الأول (يرجع ماله إليه)، فليس له أن يطلب بأي شيء آخر كالغرامة مثلًا.

وعلى الافتراض الثاني (عدم حصوله على ماله)، لعدم توفّر الأدلة الكافية مثلًا، جاز عندئذ أن يقيم الدعوى على المقرّ لأنه بإقراره أن المدّعى به هو للشخص الثالث (المقرّ له) صار موجبًا للحيلولة بين المدّعي وبين ماله، فيدّعي عليه بدل الحيلولة.

وقد ذهب سيدنا الأستاذ (قده) إلى جواز أن يرجع المدّعي على المقرّ إبتداءً، فإن ثبت حقه أخذ الغرامة منه، ويجوز أن يدّعي على المقرّ له لأخذ عين ماله، فإن ثبتت دعواه عليه ردّ غرامة المقرّ، وذلك لعدم إمكان الجمع بين المبدل والبدل، وبين العوض والمعوّض، مع أنه لا معنى للغرامة مع وصول المالك إلى ماله.

وأما إذا أجاب بأن العين لشخص غائب، وهذا يلحقه حكم الدعوى على الغائب وقد تقدم الكلام فيه، وخلاصته بأن على المدّعي عندئذ أن يثبت دعواه بالبيّنة فإذا تمّت أخذ حقّه، ولا خلاف في ذلك، ولكن وقع الكلام في لزوم الكفيل وعدمه بإختلاف الآراء التي تقدمت، وعلى كل حال، فالغائب على حجته إذا قدم.

الصورة الثانية: وهي أن يكون جواب المدّعى عليه بأن العين التي في يده ليست للمدّعي بل هي من أموال مجهول المالك وأمره إلى الحاكم الشرعي، وهنا، إن كانت دعوى المدّعي بملكية العين التي في يد المدّعى عليه مقبولة إذ لا معارض للمدّعي، فلا إشكال في إستئذان الحاكم بأخذ حقه، وإن قلنا بعدم مقبولية الدعوى، فلا بد للمدّعي عندئذ بإقامة البيّنة لإثبات حقه، فإن أقامها أخذ حقه بلا إشكال، وإلا فالأقرب إرجاع اليمين إلى المدّعي، فإن حلف ثبت حقه وإلا سقط.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo