< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/07/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

 

القول: في أحكام الحلف.

مسألة (7): لا إشكال في تحقّق الحلف إن اقتصر على اسم اللَّه، كقوله: «واللَّه ليس لفلان عليّ كذا»، ولا يجب التغليظ بالقول، مثل أن يقول: «واللَّه الغالب القاهر المهلك»، ولا بالزمان كيوم الجمعة والعيد، ولا بالمكان كالأمكنة المشرّفة، ولا بالأفعال كالقيام مستقبل القبلة آخذاً المصحف الشريف بيده. والمعروف أنّ التغليظ مستحبّ للحاكم، وله وجه[1] .

أما عدم الاشكال في تحقق الحلف فيما لو اقتصر على إسم الله تعالى كقوله (والله ليس لفلان عليّ كذا)، أو قوله (والله لي عليه كذا)، وكذا عدم وجوب التغليظ بالحلف كما لو ضمّ إلى إسم الله تعالى بعض صفاته ك (العزيز الحكيم القاهر المهلك الخ) أو يضم للزمان والمكان الشريفين كالجمعة والمواقف المشرفة، أو التغليظ بالافعال، كما لو اقسم واقفًا وما شابه، بأن ذلك لأجل أن وظيفة الحالف تتحقق بمجرد حلفه بالله ليس إلّا.

نعم ذهب جمع من الفقهاء (اعلى الله مقامهم) إلى استحباب التغليظ بالحلف كما مرّ، واعتبر صاحب المسالك بأن ذلك هو المشهور بين الاصحاب حيث علق بقوله: (هذا التفصيل هو المشهور بين الأصحاب، وذكروا أنه مرويّ، وما وقفت على مستنده. وللعامّة اختلاف في تحديده بذلك أو بنصاب الزكاة، وهو عشرون دينارا أو مائتا درهم. وليس للجميع مرجع واضح) على متن العلامة (ويستحبّ التغليظ في الحقوق كلّها- وإن قلّت- عدا المال، فإنه لا يغلّظ فيه بما دون نصاب القطع)[2] .

وقال صاحب رياض المسائل بعدم الخلاف في ذلك حيث قال:

((ويستحب) بلا خلاف (للحاكم تقديم العظة) على اليمين لمن توجهت إليه والتخويف من عاقبتها، بذكر ما ورد فيها من الآيات والروايات المتضمنة لعقوبة الحلف كاذبا (ويجزئه) أي الحالف (أن يقول) في يمينه: (والله ما له قبلي كذا) بلا خلاف، عملا بالإطلاق، وفي النبوي: من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله تعالى فليرض، ومن لم يرض فليس من الله. ويجوز) للحاكم بل يستحب كما هو المشهور (تغليظ اليمين) عليه (بالقول) كوالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم الطالب الغالب الضار النافع المهلك المدرك الذي يعلم من السر ما يعلمه من العلانية، كما في الصحيح المتضمن لإحلاف الأخرس)[3] .

وادعى الشيخ (قده) في خلافه الاجماع عليه حيث قال: (مسألة 31: الأيمان تغلظ عندنا بالمكان والزمان، وهو مشروع. وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا تغلظ بالمكان بحال، وهو بدعة. دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، فإنهم رووا: أنه لا يحلف عند قبر النبي (عليه السلام) أحد على أقل مما يجب فيه القطع. فدل ذلك على أنه إذا كان كذلك أو زاد عليه تغلظ، وانه ليس ببدعة، ولست أجد خلافا بينهم في ذلك)[4] .

واستدلوا على ذلك بما ورد في قضية الأخرس المتقدمة.

وما ورد في يمين الاستظهار:

-(محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن ياسين الضرير، عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله، قال: قلت للشيخ (عليه السلام): خبّرني عن الرجل يدَّعي قبل الرجل الحقَّ، (فلم تكن) له بيّنة بما له، قال: فيمين المدَّعى عليه، فإن حلف فلا حقّ له، (وإن ردّ اليمين على المدّعي فلم يحلف، فلا حقَّ له)، (وإن لم يحلف فعليه، وإن كان المطلوب بالحقّ قد مات، فاُقيمت عليه البيّنة، فعلى المدّعي اليمين بالله الّذي لا إله إلاّ هو، لقد مات فلان، وأنَّ حقّه لعليه، فان حلف، وإلاّ فلا حقَّ له، لأنّا لا ندري لعلّه قد أوفاه ببيّنة لا نعلم موضعها، أو غير بيّنة قبل الموت، فمن ثمَّ صارت عليه اليمين مع البينة، فإن ادّعى بلا بيّنة فلا حقَّ له، لأنَّ المدّعى عليه ليس بحيّ، ولو كان حيّاً لاُلزم اليمين، أو الحقّ، أو يردّ اليمين عليه، فمن ثمَّ لم يثبت الحقّ)[5] .

وما ورد في قضية إستحلاف اليهود والنصارى في بِيَعهم وكنائسهم والمجوس في بيوت نيرانهم.

ولكن ثبوت الاستحباب مطلقًا في الحلف في جميع موارده مما لا دليل عليه مع أن التغلظ نحو من انحاء التعظيم لاسم الله جل ّوعز.

هذا، ولا خلاف في عدم وجوب التغليظ، لإطلاق الأدلة من جهة، ومن جهة ثانية لأصالة البراءة عن الوجوب.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo