< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/08/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

 

القول: في أحكام اليد.

القول: في أحكام اليد

تابع مقدمة:

د – إختلاف الفقهاء (اعلى الله مقامهم) في أن القاعدة أصل أو أمارة.

وقد استدل القائلون بأنها أمارة بالروايات في الطائفة الأولى، (موثقة يونس بن يعقوب، محمد بن مسلم، جميل بن صالح) وغيرها المتقدمة في فقرة (ج)، وهي واضحة الدلالة على كونها أمارة كما لايخفى.

واستدل القائلون بأنها أصلٌ، برواية مسعد بن صدقة المتقدمة بتقريب أن الامام (عليه السلام) بعد بيان قاعدة كلية في أصالة الحلية – قد ذكر بعض مصاديقها، كالثوب المشترى الذي يحتمل أن يكون سرقة، والعبد المبتاع الذي يحتمل أن يكون مخدوعًا وتم بيعه، والمرأة التي تحت الرجل ويحتمل أن تكون أخته بالرضاعة، وهذا إنما يتم بإعتبار اليد بعنوان الأصل لا الأمارة.

ويمكن أن يرد عليه، بأن هذه الأمثلة الواردة في الرواية هي ليست بعنوان إلا من باب التنظير والتمثيل، وليست بعنوان بيان المصاديق المذكورة، وإلّا فلو كانت الامثلة من مصاديق أصالة الحلية، لأمكن النقاش في الكل بعدم كونها مجرى أصالة الحلية، لوجود أصل حاكم عليها موافق أو مخالف، كإستصحاب عدم تحقق الملكية بالنسبة إلى الثوب والمملوك مثلًا لأصالة الفساد في في المعاملة في الشبهة الموضوعية، وإستصحاب عدم تحقق الرضاع في الزوجة التي يحتمل أن تكون أختًا بالرضاع مثلًا وهكذا.

ويؤيد أمارية اليد أنها لو كانت أصلًا شرعيًا معتبرًا فلا يكون هناك وجهٌ لتقدمها على الاستصحاب المخالف الجاري في أكثر مواردها، وذلك لكون كل واحد منهما حينئذ من الأصول التنزيلية كما ذكر ذلك السيد البجنوردي (قده) في قواعده الفقهية. بخلاف ما لو كانت أمارة معتبرة، فعندئذ لا مجال للمنافشة في تقدمها على الاستصحاب، وذلك لحاكميّة الأمارة على الأصل الموافق أو المخالف كما هو واضح. هذا، مع أننا لا نرى لإختلاف العلماء في أن قاعدة اليد هي أصل أو أمارة أي ّ ثمرة عملية وذلك لأن اليد موضوع مستقل لترتيب آثار الملكية عملًا بعموم السيرة والنصوص المتقدمة سواءٌ أكانت أمارة أم أصلًا.

ه – لا خلاف في شمول قاعدة اليد لكل من الاعيان والمنافع والحقوق، وذلك لإطلاق الأدلة والاجماع والسيرة وسيأتي بيان ذلك في المسألة الأولى من هذا الباب.

 

مسألة (1): كلّ ما كان تحت استيلاء شخص وفي يده بنحو من الأنحاء، فهو محكوم بملكيته وأنّه له؛ سواء كان من الأعيان أو المنافع أو الحقوق أو غيرها، فلو كان في يده مزرعة موقوفة ويدّعي أنّه المتولّي يحكم بكونه كذلك، ولا يشترط في دلالة اليد على الملكية ونحوها التصرّفات الموقوفة على الملك‌ فلو كان شي‌ء في يده يحكم بأنّه ملكه ولو لم يتصرّف فيه فعلًا، ولا دعوى ذي اليد الملكية. ولو كان في يده شي‌ء فمات ولم يعلم أنّه له ولم يسمع منه دعوى الملكية، يحكم بأنّه له وهو لوارثه. نعم، يشترط عدم اعترافه بعدمها، بل الظاهر الحكم بملكية ما في يده ولو لم يعلم أنّه له، فإن اعترف بأنّي لا أعلم أنّ ما في يدي لي أم لا، يحكم بكونه له بالنسبة إلى نفسه وغيره[1] .

أما أنه محكوم بملكيته له، سواءٌ أكان من الاعيان أو المنافع أو الحقوق وغيرها، وذلك لحجية اليد ودلالتها على الملك في الجملة لما تقدم من السيرة العامة بين الناس على إختلاف أديانهم ومذاهبهم ومشاربهم ولم يرد الردع من الشارع على هذه السيرة التي هي كثيرة البلوى عند الناس، فهي أمارة على الملكية مضافًا لما تقدم من الروايات الدالة على ذلك، ومنها معتبر حفص بن غياث:

-(محمّد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه وعليِّ ابن محمّد القاساني، جميعاً، عن (القاسم بن يحيى)، عن سليمان بن داود، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام )، قال: قال له رجل: إذا رأيت شيئاً في يدي رجل يجوز لي أن أشهد أنّه له؟ قال: نعم، قال الرجل: أشهد أنّه في يده ولا أشهد أنّه له فلعلّه لغيره، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أفيحلّ الشراء منه؟ قال: نعم، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فلعلّه لغيره، فمن أين جاز لك أن تشتريه ويصير ملكا لك؟ ثمَّ تقول بعد الملك: هو لي وتحلف عليه، ولا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك؟ ثمَّ قال أبو عبد الله (عليه السلام): لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق)[2] .

وأما شمولها للأعيان والمنافع والحقوق وغيرها، وذلك لإطلاق الأدلة، والاجماع والسيرة.

وأما ما ذكر سيدنا الأستاذ (قده) من الأمثلة التطبيقية للقاعدة كما في المزرعة الموقوفة، وهي تحت يده وادّعى التولية عليها وأنه لا يشترط في دلالة اليد على الملكية ونحوها من التصرفات الموقوفة على الملك، أو ما كان في يده شيء فمات ولم يُعلم أنه له، ولم يُسمع منه دعوى الملكية وغير ذلك، فإنه يحكم بأنه له، وإذا مات فلوارثه.

وذلك لما تقدم من إستفادة ذلك من السيرة، وبناء العقلاء والروايات، فاليد حجة بذاتها حتى مع عدم إشتراط ذلك بشيء كتصرف المالك بملكه، أو إدعاء الملكية لما تحت يده، وهكذا فلا يشترط في حجية اليد علم ذي اليد بمالكيته كما هو واضح.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo