< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ يوسف السبيتي

بحث الفقه

45/08/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب القضاء.

القول: في أحكام اليد.

مسألة (6): لو تنازع الزوجان في متاع البيت -سواء حال زوجيتهما أو بعدها- ففيه أقوال، أرجحها أنّ ما يكون من المتاع للرجال فهو للرجل، كالسيف والسلاح وألبسة الرجال، وما يكون للنساء فللمرأة كألبسة النساء ومكينة الخياطة التي تستعملها النساء ونحو ذلك، وما يكون للرجال والنساء فهو بينهما، فإن ادّعى الرجل ما يكون للنساء كانت المرأة مدّعىً عليها، وعليها الحلف لو لم يكن للرجل بيّنة، وإن ادّعت المرأة ما للرجال فهي مدّعية، عليها البيّنة وعلى الرجل الحلف، وما بينهما فمع عدم البيّنة وحلفهما يقسّم بينهما. هذا إذا لم يتبيّن كون الأمتعة تحت يد أحدهما، وإلّا فلو فرض أنّ المتاع الخاصّ بالنساء كان في صندوق الرجل وتحت يده أو العكس، يحكم بملكية ذي اليد وعلى غيره البيّنة. ولا يعتبر فيما للرجال أو ما للنساء العلم بأنّ كلًاّ منهما استعمل ماله أو انتفع به، ولا إحراز أن يكون لكلّ منهما يد مختصّة بالنسبة إلى مختصّات الطائفتين. وهل يجري الحكم بالنسبة إلى شريكين في دار: أحدهما من أهل العلم والفقه، والثاني من أهل التجارة والكسب، فيحكم بأنّ ما للعلماء للعالم وما للتجّار للتاجر، فيستكشف المدّعي من المدّعى عليه؟ وجهان، لا يبعد الإلحاق[1] ،

 

في المسألة قضيتان:

1 – الأولى: في تنازع الزوجين بمن أحق بمتاع البيت عند الاختلاف بينهما مطلقًا سواءٌ أفضى إلى الطلاق أم، لا؟

2 – الثانية: في جواز التعدي من حكم تنازع الزوجين إلى غيرهما من الشريكين والطالبين في حجرة واحدة وغيرهم.

أما القضية الأولى فقد إختلفت الأقوال:

ولكن الأشهر منها هو ما رجحّه سيدنا الأستاذ في متن المسألة، وهو (أن ما يكون من متاع الرجال فهو للرجل، كالسيف والسلاح وألبسة الرجال كالعمامة والقلنسوة مثلًا، وما يكون للنساء فهو للمرأة، كألبسة النساء وماكينة الخياطة والحلي والمقانع، والخلخال وغيرها، وما يكون للرجال وللنساء بلا إستثناء فهو بينهما على حد سواء(.

وعليه، فإن إدعى الرجل ما يكون للنساء فهو المدّعي وعليه البيّنة، وتكون المرأة هنا المدعى عليها وعليها الحلف مع عدم وجود البيّنة عند الرجل.

وهكذا لو قلبنا الصورة فإن إدعت المرأة ما للرجال فهي المدّعية وعليها البيّنة والرجل يكون المدّعى عليه وعليه الحلف مع عدم وجود البيّنة للمدّعي.

وأما ما بينهما من المشتركات كالفرش والأواني والأغطية مثلًا فمع عدم البيّنة لأحدهما دون الآخر وحلفهما فإنه يُقسّم بينهما بالسوية، لكونها تحت يديهما معًا، وهذا إنما يُعمل به شرط عدم كون الأمتعة تحت يد أحدهما، وإلا فلو كان المفترض أن المتاع الخاص بالنساء كان في صندوق الرجل وتحت يده أو العكس، فإنه عندئذ يحكم بملكية ذي اليد، وعلى من ادعى الخلاف البيّنة، وذلك لقاعدة اليد لقوله (عليه السلام): (ومَن إستولى على شيء منه فهو له).

-(عن عليِّ بن الحسن ، عن محمد بن الوليد ، عن يونس بن يعقوب ، عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) في امرأة تمُوت قبل الرجل ، أو رجل قبل المرأة ، قال: ما كان من متاع النساء فهُو للمرأة ، وما كان من متاع الرجال والنساء فهُو بينهما ، ومن استولى على شيء منهُ فهو له)[2] .

هذا، وقد ذهب إلى هذا القول مشهور الفقهاء قديمًا وحديثًا وإدّعى الشيخ (قده) الاجماع عليه في خلافه، حيث قال: (مسألة 27: إذا اختلف الزوجان في متاع البيت، فقال كل واحد منهما كله لي، ولم يكن مع أحدهما بينة، نظر فيه، فما يصلح للرجال القول قوله مع يمينه، وما يصلح للنساء فالقول قولها مع يمينها، وما يصلح لهما كان بينهما. وقد روي أيضا أن القول في جميع ذلك قول المرأة مع يمينها، والأول أحوط)[3] .

ولحقه ابن ادريس (قده) في سرائره حيث قال: (فلها ما يكون للنساء، وما يكون للرجال والنساء، قسم بينهما، وإذا طلّق الرجل المرأة، فادّعت أن المتاع لها، وادّعى أنّ المتاع له، كان له ما للرجال، ولها ما للنساء قال محمّد بن إدريس: هكذا أورده شيخنا في نهايته، وليس بين المسألتين تناف، ولا تضاد، أمّا القول في صدر الخبر: وفي بيتها متاع: فلها ما يكون للنساء، أي ما يصلح للنساء ولا يصلح للرجال، فهو عند أصحابنا للمرأة، من غير مشاركة الرجال فيه، بل تعطاه بمجرد دعواها، مع يمينها. وقوله بعد ذلك: وما يكون للرجال وللنساء، المراد به ما يصلح للرجال والنساء، يكون بينهما نصفين، لأنّ يديهما عليه ولم يذكر فيه ما يصلح للرجال، ويكون للرجال دون النساء، بل ذكر قسمين فحسب: أحدهما ما يكون للنساء، لا يشركهن الرجال فيه، والآخر ما يكون للرجال والنساء، قسم بينهما.

ثم قال في آخر الكلام: وإذا طلّق الرجل المرأة، فادّعت أنّ المتاع لها، وادّعى أنّ المتاع له، كان له ما للرجال، ولها ما للنساء، لا يشرك كل واحد منهما الآخر، فيما لا يصلح إلا له، فذكر قسمين فحسب، ولم يذكر الثالث، وهو الذي يصلح للرجال والنساء معا، بل ذكره في صدر الكلام، فالثالث يكون بينهما نصفين، على ما قدّمناه وذكره أولا، وشيخنا أبو جعفر الطوسي، يذهب في كتاب الاستبصار، ويعمل بان المتاع جميعه للمرأة، وأورد اخبارا في ذلك في صدر الباب، ثم قال في آخر الباب: فأمّا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى،

عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن مسكين، عن رفاعة النخاس، عن أبي عبد الله عليه‌السلام، قال: إذا طلّق الرجل امرأته، وفي بيتها متاع، فلها ما يكون للنساء، وما يكون للرجال والنساء قسم بينهما، قال: وإذا طلّق الرجل المرأة، فادّعت أنّ المتاع لها، وادّعى الرجل أنّ المتاع له، كان له ما للرجال، ولها ما للنساء قال رحمه‌الله: فهذا الخبر يحتمل شيئين، أحدهما أن يكون محمولا على التقية، لأنّ ما أفتى به عليه‌السلام، في الأخبار الأوّلة، يعني رحمه‌الله في الأخبار التي أوردها بأنّ المال جميعه للمرأة، لا يوافق عليه أحد من العامة، وما هذا حكمه، يجوز أن يتقى فيه، قال رحمه‌الله: والوجه الآخر أن نحمله على أن يكون ذلك على جهة الصلح، والوساطة بينهما، دون مرّ الحكم.

قال محمد بن إدريس: وخبر رفاعة هو مذهب شيخنا في نهايته، وفي مسائل خلافه، في الجزء الثالث، فإنّه قال: مسألة، إذا اختلف الزوجان في متاع البيت، فقال كل واحد منهما كله لي، ولم يكن مع واحد منهما بينة، نظر فيه، فما يصلح للرجال، القول قوله، مع يمينه، وما يصلح للنساء، فالقول قولها مع يمينها، وما يصلح لهما، كان بينهما، وقد روي، أنّ القول في جميع ذلك، قول المرأة مع يمينها، والأول أحوط، ثم قال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وقد أوردناها في الكتابين المقدّم ذكرهما.

فجعل رحمه‌الله: ما أورده في الإستبصار، في الأخبار الكثيرة، وجعله مذهبا له، واختاره رواية في مسائل خلافه، وما اختاره في مسائل خلافه، رواية في استبصاره، ثم دلّ على صحّته بإجماع الفرقة، وكذلك يذهب في مبسوطة، إلى ما يذهب إليه في مسائل خلافه، من مقالة أصحابنا ورواياتهم، ويحكى الرواية الشاذة التي اختارها، مذهبا في استبصاره)[4] .

ولحق بهم جمع كبير من الفقهاء (اعلى الله مقامهم) ومنهم:

صاحب الشرائع حيث قال: (السابعة إذا تداعى الزوجان متاع البيت قضي لمن قامت له البينة ولو لم تكن بينة فيد كل واحد منهما على نصفه قال في المبسوط يحلف كل واحد منهما لصاحبه و يكون بينهما بالسوية سواء كان مما يختص الرجال أو النساء أو يصلح لهما وسواء كانت الدار لهما أو لأحدهما وسواء كانت الزوجية باقية بينهما أو زائلة ويستوي في ذلك تنازع الزوجين و الوارث و قال في الخلاف ما يصلح للرجال للرجل و ما يصلح للنساء للمرأة و ما يصلح لهما يقسم بينهما: (و في رواية أنه للمرأة لأنها تأتي بالمتاع من أهلها) وما ذكره في الخلاف أشهر في الروايات وأظهر بين الأصحاب ولو ادعى أبو الميتة أنه أعارها بعض ما في يدها من متاع أو غيره كلف البينة كغيره من الأنساب وفيه رواية بالفرق بين الأب وغيره ضعيفة)[5] .

والمختصر النافع حيث قال: ((الثالث): في تعارض البينات: يقضى مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملك المطلق على الاشبه. ولصاحب اليد لو انفردت بينته بالسبب كالنتاج وقديم الملك وكذا الابتياع. ولو تساويا في السبب فروايتان، أشبههما: القضاء للخارج. ولو كانت يداهما عليه قضي لكل منهما بما في يد الآخر، فيكون بينهما نصفين. ولو كان المدعى به في يد ثالث قضي بالاعدل فالاكثر، فان تساويا عدالة وكثرة أقرع بينهما، فمن خرج اسمه أحلف وقضي له. ولو امتنع احلف الآخر. ولو امتنعا قسم بينهما. وفي المبسوط: يقرع بينهما إن شهدتا بالملك المطلق. ويقسم إن شهدتا بالملك المقيد. والاول أشبه)[6] .

وتحرير الاحكام حيث قال: (لو اختلف الزوجان في متاع البيت، قضي لمن قامت له البيّنة، ولو لم تكن بيّنة، فيد كلّ واحد منهما على النصف، فيحلف لصاحبه، ويكون بينهما بالسّوية، سواء كان ممّا يختصّ الرّجال أو النساء، أو يصلح لهما، وسواء كانت الدار لهما أو لأحدهما، وسواء كانت الزوجيّة باقية بينهما أو زائلة، وسواء تنازع الزوجان أو الوارث اختاره الشيخ (رحمه اللّه) في المبسوط وقال في الاستبصار: يحكم بجميع المتاع للمرأة لأنّها تأتي بالمتاع من أهلها، وقال في الخلاف: ما يصلح للرجال للرّجل، وما يصلح للنساء للمرأة، وما يصلح لهما يقسّم بينهما، واختاره ابن إدريس. وهو الأقوى عندي)[7] .

الدروس الشرعية حيث قال: (ولو تداعى الزوجان متاع البيت، ففي صحيحة رفاعة عن الصادق‌ عليه السَّلام له ما للرجال ولها ما للنساء، ويقسّم بينهما ما يصلح لهما، وعليها الشيخ في الخلاف، وفي صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عنه عليه السَّلام هو للمرأة، وعليها الإستبصار. ويمكن حملها على ما يصلح للنساء توفيقاً، وفي المبسوط يقسم بينهما على الإطلاق، سواء كانت الدار لهما أو لا، وسواء كانت الزوجية باقية أو لا، وسواء كان بينهما أو بين الوارث، والعمل على الأوّل)[8] .

وصاحب الرياض حيث قال: ((الخامسة: إذا تداعى الزوجان) أو ورثتهما أو أحدهما مع ورثة الآخر (متاع البيت) الذي في يدهما قضى لمن له البينة مطلقا بلا خلاف، وإن لم يكن لهما بينة (فله ما) يصلح (للرجال) كالعمائم والدروع والسلاح (ولها) أي للزوجة (ما) يصلح (للنساء) كالحلي والمقانع وقمص النساء (وما يصلح لهما) كالفرش والأواني (يقسم بينهما) نصفين بعد التحالف أو النكول، وفاقا للشيخ في النهاية والخلاف والحلي في السرائر والإسكافي وابن حمزة والكيدري، والماتن هنا صريحا، وفي الشرائع ظاهرا والفاضل في التحرير)[9] . وغيرهم.

ويمكن الاستدلال عليه ببعض الروايات المعتبرة ومنها صحيحة رفاعة الخناس:

(عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحسن ابن مسكين، عن رفاعة النخاس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: إذا طلّق الرجل امرأته، وفي بيتها متاع (فلها ما يكون للنساء، وما يكون للرجال والنساء قسّم بينهما، قال: وإذا طلّق الرجل المرأة) فادَّعت أنّ المتاع لها، وادّعى الرجل أنّ المتاع له، كان له ما للرجال ولها، ما يكون للنساء، (وما يكون للرجال والنساء قسّم بينهما))[10] .

والرواية وإن كانت واردة بالطلاق إلا أنه من الواضح عدم تخصيصها بالمورد، لكونها ظاهرة في مطلق الحكم وعدم تخصيص الحكم بالمفارقة.

ومنها موثقة يونس بن يعقوب:

-(عن عليِّ بن الحسن، عن محمد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في امرأة تمُوت قبل الرجل، أو رجل قبل المرأة، قال: ما كان من متاع النساء فهُو للمرأة، وما كان من متاع الرجال والنساء فهُو بينهما، ومن استولى على شيء منهُ فهو له)[11] .

والتعليل الوارد فيها (ومن استولى على شيء منه فهو له).

يفيدنا عدم التخصيص بل المرجع عندئذ إلى أن ذا اليد في الأمتعة المختصة من الرجل أو المرأة واضح، فيختص به، وفي الأمتعة المشتركة يكون لكلاهما.

وغيرها من الروايات.

وعليه فهو الرأي الأرجح وإن كان هناك بعض الروايات المتعارضة مع ما تقدم في القول الأوّل، إلّا أنه يمكن الجمع بينها، كما ذهب إليه الشيخ (قده) في المحكي عن إستبصاره حيث قال:

-(فلا تنافي بين هذين الخبرين والروايات المتقدمة لشيئين، أحدهما: أن نحمل هذين الخبرين على ضرب من الاستحباب دون الفرض والايجاب، والآخر: أن يكون إنما أجبر على نفقة من ليس له وارث غيره إن مات كل واحد منهما ورث صاحبه ولم يكن هناك من هو أولى منه، فلأجل ذلك أجبر على النفقة وليس كذلك حال الوالدين والولد والزوجة لأنه يجبر على نفقتهم وإن كان هناك وارث آخر أولى منه أو شريك له في الميراث)[12] .

وقال ايضًا: -(فهذا الخبر يحتمل شيئين، أحدهما: أن يكون محمولا على التقية لان ما أفتى به عليه السلام في الاخبار الأولة لا يوافق عليه أحد من العامة وما هذا حكمه يجوز أن يتقى فيه، والوجه الآخر: أن نحمله على أن يكون ذلك على جهة الوساطة والصلح بينهما دون مر الحكم)[13] .

كما ذكره الشهيد الثاني (قده) في المسالك حيث قال: (والشيخ في الاستبصار حمل هذه الرواية على التقيّة أو على الصلح، دون مرّ الحكم. الثالث: أن القول قول المرأة مطلقا. ذهب إلى ذلك الشيخ في الاستبصار، لصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: سألني كيف قضى ابن أبي ليلى؟ قال: قلت: قد قضى في مسألة واحدة بأربعة وجوه في التي يتوفّى عنها زوجها، فيجيء أهله وأهلها في متاع البيت، فقضى فيه بقول إبراهيم النخعي ما كان من متاع الرجل فللرجل، وما كان من متاع النساء فللمرأة، وما كان من متاع يكون للرجل والمرأة قسّمه بينهما نصفين. ثمَّ ترك هذا القول، فقال: المرأة بمنزلة الضيف في منزل الرجل، لو أن رجلا أضاف رجلا فادّعى متاع بيته كلّفه البيّنة، وكذلك المرأة تكلّف البيّنة، وإلا فالمتاع للرجل. ورجع إلى قول آخر، فقال: إن القضاء أن المتاع للمرأة، إلا أن يقيم الرجل البيّنة على ما أحدث في بيته. ثمَّ ترك هذا القول، فرجع إلى قول إبراهيم الأول)[14] .

وذلك لصحيحة عبد الرحمان بن الحجاج المذكورة في الاستبصار كما تقدم أعلاه وذكرها الشيخ الحر (قده) في وسائله:

-(محمد بن يعقوب، عن عليِّ بن إبراهيم، عن أبيه، وعن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعاً، عن ابن أبي عمير، عن عبد الرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سألني هل يقضي ابن أبي ليلى بالقضاء، ثمَّ يرجع عنه؟ فقلت له: بلغني: أنّه قضى في متاع الرجل والمرأة إذا مات أحدهما، فادَّعاه ورثة الحيّ وورثة الميّت، أو طلّقها، فادّعاه الرجل، وادَّعته المرأة بأربع قضايا، فقال: وما ذاك؟ قلت: أمّا أوَّلهنَّ: فقضى فيه بقول إبراهيم النخعي، كان يجعل متاع المرأة الذي لا يصلح للرجل للمرأة، ومتاع الرجل الذي لا يكون للمرأة للرجل، وما كان للرجال والنساء بينهما نصفان، ثمَّ بلغني: أنّه قال: إنّهما مدّعيان جميعاً، فالذي بأيديهما جميعاً (يدَّعيان جميعاً) بينهما نصفان، ثمَّ قال: الرجل صاحب البيت والمرأة الداخلة عليه، وهي المدّعية ؛ فالمتاع كلّه للرجل، إلاّ متاع النساء الذي لا يكون للرجال، فهو للمرأة، ثمَّ قضى بقضاء بعد ذلك، لولا أنّي شهدته (لم أروه عنه): ماتت امرأة منّا، ولها زوج وتركت متاعاً، فرفعته إليه، فقال: اكتبوا المتاع، فلمّا قرأه قال للزوج: هذا يكون للرجال والمرأة، فقد جعلناه للمرأة إلاّ الميزان، فإنّه من متاع الرجل، فهو لك، فقال (عليه السلام) لي: فعلى أيِّ شيء هو اليوم؟ فقلت: رجع ـ إلى أن قال بقول إبراهيم النخعي: ـ أن جعل البيت للرجل، ثمَّ سألته (عليه السلام) عن ذلك، فقلت: ما تقول أنت فيه؟ فقال: القول الذي أخبرتني: أنّك شهدته وإن كان قد رجع عنه، فقلت: يكون المتاع للمرأة؟ فقال: أرأيت إن أقامت بيّنة إلى كم كانت تحتاج؟ فقلت: شاهدين فقال: لو سألت من بين لابتيها ـ يعني: الجبلين، ونحن يومئذٍ بمكّة ـ لأخبروك أنَّ الجهاز والمتاع يهدى علانية من بيت المرأة الى بيت زوجها، فهى التي جائت به، وهذا المدّعي فإن زعم أنّه أحدث فيه شيئاً فليأت عليه البيّنة)[15] .

وإمكانية الجمع بين هذه الرواية وما شابهها وبين ما تقدم من الروايات، هو العمل بالعمومات المتقدمة من الطائفة الأولى من الروايات ما لم ترد قرينة معتبرة عرفية على الخلاف، ولذلك نقول بعدم معارضة رواية عبد الرحمان بن الحجاج للنصوص الصحيحة الصريحة التي هي بمثابة القاعدة العامة الموافقة لما عليه العرف الذي يعطي ما للرجال وما للنساء، ويكون لا بد من حمل رواية بن الحجاج على أنها مختصة ببعض البلاد التي يكون فيها العرف قائمًا على أن المدّعي هو الزوج في المقام لإعتبار أن العادة تقضي بأن المرأة تأتي بالجهاز من بيت أهلها كما في بعض البلدان من قبيل الهند وإيران.

وأما القضية الثانية: فهل يجوز التعدي من حكم تنازع الزوجين إلى غيرهما من الشريكين في مقام التجارة أو الطالبين في حجرة واحدة مثلًا؟

ذكر سيدنا (قده): (فيها وجهان).

أما الوجه الأول: فهو العدم وذلك لإختصاص الروايات في المقام بتداعي الزوجين، فلا يجوز التعدي إلى غيرهما.

وأما الوجه الثاني: فهو الجواز لأجل أن الملاك والمناط المعتبر في المقام هو ما يقضيه العرف وهو موافق للقواعد العامة، فيجوز التعدي إلى مورد الشريكين والطالبين والتاجرين أيضًا.

وقد اختار سيدنا (قده) الوجه الثاني وهو الأرجح وذلك لموافقة الروايات للقواعد العامة وحكم العرف كما تقدم، ولكن مع ذلك فالاحوط التراضي، وقوفًا عند مورد النص في خصوص الزوجين ولإحتمال أنه تعبدي ر يتعدى منه إلى غيره.

 


[7] تحرير الاحكام، العلامة الحلي، ج5، ص207، ط مؤسسة الامام الصادق عليه السلام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo