< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الفقه

45/03/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب الصلاة/ مقدمات الصلاة/ تتمة الكلام في الروايات + تحقيق المعنى اللغوي للزوال

 

في البداية نحمد الله سبحانه وتعالى ان ابقانا احياء في دار العبودية كما نسأله توفيق الطاعة في نهل علوم كتاب الله عز وجل وعترة رسول الله صلى الله عليه واله ونسأله تعالى ان يوفقنا لصرف اعمارنا فيما يرضيه وان يستعملنا فيما خلقنا من اجله انه قريب مجيب.

قبل البدء ايضا لابد من الاشارة الى انه طرق سمعنا بالامس وفاة عالم محقق من علماء مدرسة اهل صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين قضى عمره في علومهم وتحقيق متون كتبهم المنقولة عنهم والذب عن مذهب الحق وهو العلامة السيد محمد مهدي الخرسان رضوان الله تعالى عليه وهي اسرة علمية عريقة في النجف الاشرف فنسأل الله سبحانه وتعالى له الرحمة والرضوان وان يحشر مع سادته واجداده الطيبين الطاهرين.

وصل بنا الكلام الى المسألة الاولى من مسائل مواقيت الصلاة حيث اننا قد فرغنا في الابحاث السابقة من تحديد المواقيت وبيان مواقيت الفضيلة وعلى عادته فان الماتن أعلى الله مقامه الشريف يبدأ كل فصل بديباجة يوجز فيها في العادة الخطوط العريضة للبحث قبل البدء بمسائله وأحكامه وقد يتكرر نتيجة ذلك بعض المطالب وهذا ما حصل أيضا في العادة.

المسألة الاولى عقدها لبيان الوسائل التي بها تُعرف الاوقات بعد الفراغ عن تحديد الموضوعات حيث قال اعلى الله مقامه الشريف (يعرف الزوال بحدوث ظل الشاخص المنصوب معتدلا في ارض مسطحة بعد انعدامه كما في البلدان التي تمر الشمس على سمت الرأس كمكة في بعض الاوقات او زيادته بعد انتهاء نقصانه كما في غالب البلدان ومكة في غالب الاوقات ويعرف ايضا بميل الشمس الى الحاجب الايمن لمن واجه نقطة الجنوب وهذا التحديد تقريبي كما لا يخفى، ويعرف ايضا بالدائرة الهندية وهي اضبط وامتن) بعد ذلك يدخل في معرفة وقت المغرب.

في هذه الفقرة مبحثان احدهما فقهي لم يسلط الماتن الضوء عليه لكنه يُقتنص من تعبيره في اول المسألة يُعرف الزوال والثاني تقني علمي وهو انه في طول تحديد المواقيت التي تُشكل موضوعات الاحكام الشرعية والأوامر بالاتيان بهذه الصلوات ما هو السبيل والطريق لمعرفة هذه المواقيت أي الواسطة في الاثبات والذي يعنينا من البحث بشكل أساس هو المبحث الاول لأنه الجدير بان يسلط عليه الضوء اذ لا يؤخذ الا من الشارع الاقدس وهذا المبحث قد تقدّم جملة اذ قد تقدم معنا سابقا البحث عن آية الدلوك (اقم الصلاة لدلوك الشمس) وبيان الاختلافات في تحديد الدلوك وقد انتهينا هناك الى انه لا يمكن من نفس الآية الشريفة معرفة المراد بالدلوك إذ قد ورد في كلمات اللغويين تحديد الدلوك بالزوال مفهوما كما قد ورد تحديده باصفرار الشمس وميلها نحو الغروب ايضا والمراجع لكلمات اللغويين لا يستطيع ان يجزم باحد الامرين من نفس الآية في المقام وما رامه بعضهم من بيان المراد وأنّه الزوال بقرينة الغسق الذي عُدّي اليه بالى تقدم انه لا يتم ولا نريد اعادة ما مضى لمجرد بعدنا الزماني عنه.

البحث المطروح اليوم هو بحث متمم لذلك المبحث اذ قد انتهينا الى ان جملة من الروايات وصفت في كلام بعض المحققين بالمستفيضة وفي كلام بعض اخر بالمتواترة وهي لا ترتقي الى حد التواتر ان المراد زوال الشمس وانه اذا زالت الشمس فقد دخل الوقتان الا ان هذه قبل هذه اي الظهر قبل العصر وقد امكننا من خلال هذه الروايات وفيها الصحيح والمعتبر تحديد الوقت بالزوال.

المبحث الذي نحن بصدده هو لتحديد الزوال، ما هو الزوال في الحقيقة؟ هل الزوال وصول الشمس الى المنتصف فبمجرد ان وصلت زالت الشمس ام ان الزوال بزوال الشمس عن المنتصف وهو بداية حركة الشمس نحو النصف الثاني نحو الغروب. أرسل كثير من المحققين الاحتمال الاول ارسال المسلمات وان الزوال موضوع حقيقي لا دخالة للشارع بما هو شارع به وقد اخذه بما له من المعنى العرفي موضوعا لحكمه فاذا رجعنا الى العرف فلا اشكال ولا ريب في انه يتحقق بمجرد الوصول الى المنتصف ما بين الشروق والغرب وان لم يتجاوزه، بل نسبه بعضهم الى التسالم عند المسلمين وكما ترون فان البحث حينئذ في تحديد مفهوم الزوال في المقام لا مجرد كونه موضوعا لدخول الوقت في الجملة خصوصا وان زوال في بعض هذه الصحاح والمعتبرات قد جُعل تفسيرا للدلوك الوارد في الاية المباركة وقد تقدم الحديث عن ذلك اذ لا نمانع ابدا ولا ينبغي في ان الزوال مفهوم عرفي اخذ موضوعا لحكم شرعي بما له من المعنى العرفي انما الكلام فيما يتحقق به الزوال اذ يمكن ان يكون المراد من الزوال عندما اطلق زوال الشمس عن المنتصف وليس التلبّس به وهو الأقرب الى مفهوم الدلوك اذ الدلك كما هو المنسبق عرفا من إطلاقه والمقتنص من كثير من كلمات اللغويين هو إمرار شيء على شيء بنحو خاص وانما أدقّق النظر في هذا المعنى لأنّه ما لم يمكنّا حسم المراد من الزوال بالدقة لن نتمكن من فهم المراد بدقة من بعض الروايات التي وردت في المقام والتي لأجلها انعقد هذا المبحث حيث يظهر من غير واحدة منها بدوا على الأقل أنّ تحققه انما يكون بالميل نحو الغروب ونظرا لشهرة الذهاب الى ذلك فإنّ من تعرّض من المحققين لهذه الروايات الاتية سارع الى القول بأنّها محمولة على الواسطة في الاثبات وانها علامات لا محققات للزوال وهذا انما أمكنهم القول به لانهم فرغوا قبل ذلك عن ان المراد من الزوال نفس التلبس بدائرة المنتصف فحيث حملوا المعنى على ما أفادوه وزعموا من أنه المعنى العرفي للزوال والدلوك سارعوا الى تأول هذه الرواية بما أفادوا ومن هنا تتأتى حساسية عطف النظر من جديد على هذا البحث والموجود في الروايات إمّا عنوان الزوال في مقام تحديد وقت الصلاة وإمّا عنوان مضي القدم والقدمين اذا بتتذكروا هذي مرت معنا طوائف الروايات واما عنوان مضي الذراع والذراعين يعني القدمان والاربعة واما عنوان القامة والقامتين طبعا الطوائف الثلاث الاخيرة لم تتحدث عن مفهوم الزوال ولم تقاربه انما تحدثت عن مواقيت الصلاة للظهر والعصر وقد تقدم البحث مطولا في ذلك فالروايات لا تحدّد لنا مفهوم الزوال فإمّا هو واضح عند العرف وائمة اللغة واما انه غير واضح فان فرضنا الاول وهو ليس كذلك انفتح البحث عن هذه الروايات سواء انتهينا الى من انتهوا اليه ام لم ننته الى ذلك. اما اذا كان المفهوم اساسا غير واضح في الكلمات فلن يتسن لنا تأوّل هذه الروايات بانها واسطة في الاثبات لتحديد الكشف والعلام للمنتصف في طول تحقق الزوال بالبلوغ اليه الى المنتصف وحينئذٍ نجد أنفسنا من جديد أمام هذه الاشكالية بعد أن حسبنا اننا فرغنا من البحث بالكامل وعلى تقدير أنّ الزوال يتحقق بمجرّد الوصول الى المنتصف ألا يُمكن القول بأنّ هذه الروايات على تقدير استجماعها لشرائط الحجيّة من حيث السند والدلالة يُمكن ان تضيف في المقام شرطا ثبوتيًّا لا اثباتيًّا الى مواقيت الصلاة ولو لمصلحة نوعية وان اكثر الناس لا يمكنهم التعرّف الا بالاساليب المتعارفة فيكون الموضوع شرعا ثبوتنا ها كاحتمال متأخرا عن الموضوع الحقيقي فلا يكون الزوال الحقيقي على ذلك التقدير حقيقة هو الموضوع للحكم الشرعي، والروايات التي أشّرت اليها هي التي عقد لها المحدث الحر أعلى الله مقامه الشريف الباب الحادي عشر من ابواب المواقيت والذي عنونه باب ما يُعرف به زوال الشمس من زيادة الظل بعد نقصانه وميل الشمس الى الحاجب الأيمن:

الرواية الاولى في الباب ما يرويه الشيخ الطوسي أعلى الله مقامه الشريف في التهذيب بإسناده عن احمد بن محمد بن عيسى رفعه عن سماعة وهو ابن مهران قال قلت لابي عبدالله عليه السلام سند الشيخ الطوسي الى ابن عيسى سند صحيح له طرق متعددة خمس طرق بعضها مطلق وبعضها ومن جملة ما روّيته ذكره بهذا العنوان سماعة لا اشكال في وثاقته كما لا ينبغي الاشكال في واقفيته وان استشكل السيد الخوئي أعلى الله مقامه فيه ووقع في شبهة لكن الكلام في الوسائط او الواسطة بين ابن عيسى وبين سماعة اذ رفعه والسند غير موجود والمرفوع مرسل بلا اشكال طبعا البعض يخلط بين مصطلح المرفوع عند الامامية ومصطلح المرفوع عند السنة، المرفوع عند السنة هو المتصل الاسناد اله النبي وبعضهم يقول او احد الصحابة عموما الرواية غير معتبرة في نفسها قال قلت لابي عبدالله عليه السلام جعلت فداك متى وقت الصلاة؟ فاقبل يلتفت يمينا وشمالا كأنه يطلب شيئا فلما رأيت ذلك تناولت عودا فقلت هذا تطلب؟ قال نعم فاخذ العود فنصب بحيال الشمس فنصبه يعني او نصبه ثم قال ان الشمس اذا طلعت كان الفيئ طويلا بديهة علمية واضحة ثم لا يزال ينقص حتى تزول فاذا زالت زادت فاذا استبنت الزيادة فصل الظهر ثم تمهل قدر ذراع وصل العصر هذه الرواية الاولى بمعزل عن انها غير قابلة للاعتماد والرواية واضح ان ظاهرها التفرقة بين الزوال وبين البداية بالصلاة ان الشمس اذا طلعت ثم لا يزال ينقص حتى تزول فاذا زالت زادت يعني ما راح توقف الشمس حتضلها تمشي او الارض تمشي او كلاهما والمهم فاذا استبنت الزيادة فصل الظهر ظاهرها التفرقة بين الزوال ووقت الصلاة وأنّ وقت الصلاة وامكانية الشروع فيها تتوقف على ان تستبين الزيادة يعني تصبح زيادة حسية مش زيادة علمية والا علميا بعد مضي ثانية ثانيتين ما دام تمشي نعلم انها مشت اذا حددنا الزوال بدقة وهذا يمكن ببعض الاساليب حتى في تلك الازمنة لو واحد عرف الشروق بدقة والغروب بدقة قرص الشمس يستطيع ان يعرف المنتصف بدقة جيد ثم تمهل قدر ذراع وصل العصر.

الرواية الثانية واضح من هالرواية ان الزوال هو نقطة بحسب ظاهرها التلبس وانها تزيد بعد ذلك فالى ان تستبين الزيادة صلي الظهر.

الرواية الثانية باسناده اي الشيخ الطوسي عن الحسن بن محمد بن سماعة هذا الكندي ليس من عائلة سماعة ذاك واحد اخر وهو الثقة ايضا واقفي وسند الشيخ الطوسي اليه ايضا معتبر عن سليمان بن داوود المنقري الشاركوني وهذا ايضا ثقة لكنه ورد فيه انه ليس بالمتحقق بامرنا وهيدي بتفيدنا هون كثيرا عن علي بن ابي حمزة اي البطائني وصفت هذه الرواية بالرواية في كلام بعض المحققين وفي بعضها بالخبر ما يؤشر الى عدم الاعتبار والسبب لهذا الوصف هو علي بن ابي حمزة اذ هو بحسب الظاهر البطائني وهو الذي يروي عنه بكثرة سليمان بن داود على ان سليمان بن داوود لم يدرك الثمالي.

على كل حال الكلام في البطائني طويل الذيل يا اخوان وفي المحققين من اصر على ضعفه لانه ثبت كذبه في ما هو اعظم من فروع الاحكام الشرعية عندما انكر امامة الرضا صلوات الله وسلامه عليه وهو يعرف وفي المحققين من جزم بوثاقته كالسيد الخوئي واخرين جيد لوجوه ذهبوا اليها ونحن نفصّل بين زمان استقامته وزمان فساده اذ لا مجال للذهاب الى توثيقه بعد انحرافه وثبوت كذبه نعم لا اشكال ولا ريب في ان الرجل كان احد العلماء والمكثرين من الرواية عنهم صلوات الله وسلامه عليهم وانه قد اخذ عنه كثير من الاعاظم قبل انحرافه وله كتب في الروايات ونحن نستظهر ان ما اخذه علماؤنا وثقاتنا عنه كان قبل الانحراف اذ بعد الانحراف قد حصلت القطيعة الشديدة والمنافرة أيضًا معه ومع امثاله حتى ورد انهم لقبوا بالممطورة في اشارة اجلكم الله الى الكلاب التي يصيبها المطر كناية للابتعاد عنهم انه اذا نفض الماء ينجس ما حوله على بعد مسافة ما جيد فحيث يكون انا هذا المقتنع به على بحث في محله حيث يكون الراوي عنه ثابت الامامية والوثاقة وكلما جل اتضح هذا الامر اكثر تكون الرواية مأخوذة منه او من كتبه التي اخذت منه قبل الفساد.

أما حيث يكون الراوي من غيرنا او غير متحقق بامرنا او الى ما هنالك فلا يوجد مانع يمنعه من الاخذ عنه بعد فساده فحيث تنحصر رواية الراوي ولو كان ثقة عن علي بن ابي حمزة بالراوي غير الامامي فلا نستطيع ان نأخذ بالرواية لاننا لا نعتقد وثاقته بعد ذلك هذه خلاصة المباني طبعا مداركها والبحث الطويل فيها في محله قال ذكر عند ابي عبدالله عليه السلام زوال الشمس قال فقال ابو عبد الله عليه السلام تأخذون عودا طبعا النتيجة صارت واضحة يعني الرواية لا نستطيع ان نأخذ باعتبارها في المقام باعتبار ان سليمان بن داود ليس من المتحقق بنا، عودا طوله ثلاثة اشبار وان زاد فهو ابين فيقام فما دام ترى الظل ينقص فلم تزل فاذا زاد الظل بعد النقصان فقد زالت ظاهرها أنّ الزوال يتحقق بالزيادة مش انه واسطة في الاثبات فقط كما هو واضح الرواية الثالثة تأتي حتى لا نتعدى على بحث الاصول.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo