< قائمة الدروس

الأستاذ الشیخ حسان سویدان

بحث الفقه

45/04/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تكملة مبدأ صلاة الصبح

وصل الكلام الى الرواية الخامسة من الباب السابع والعشرين التي يرويها الشيخ الطوسي اعلى الله مقامه في التهذيبين باسناده عن سعد بن عبدالله هو الاشعري القمي عن احمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حديد الذي رُمي بالضعف وعبدالرحمن بن ابي نجران، عبدالرحمن معطوف على علي بن حديد وهو من الاجلاء المتفق على وثاقتهم، عن حماد بن عيسى عن حريز بن عبدالله عن زرارة،الرواية واضحة الصحة سند الشيخ الى سعد بن عبد الله واضح وبقية السند وان كان فيه علي بن حديد لكن في عرضه في نفس الطبقة عبدالرحمن بن ابي نجران، عن ابي جعفر عليه السلام اي الباقر صلوات الله عليه قال كان رسول الله صلى الله عليه واله يصلي ركعتي الصبح وهي الفجر اذا اعترض الفجر واضاء حُسنا التعبير كان يصلي مع الفعل المضارع واضح وظاهر في انه كانت عادته وديدنه ذلك لا أنه صلاها مرة كذلك، والامام انما يقولها لشيعته لكي يتأسّوا ويقتدوا، كان يصلي ركعتي الصبح وهي الفجر اذا اعترض الفجر، فاذا اعترض الفجر واضح مقابل الصعود الذي يكون قبل دقائق واضاء حسنا شو يعني اضاء حزن؟ هذا يعني بظاهره انه لا يُكتفى بظهور بياض قليل في الافق فان هذا لا يضيء حسنا، لا تزال السماء كلها ظلام يعني احنا بدنا نفترض هالتعبير في ليلة ليلاء مش في ليلة مقمرة باعتبار في الليالي المقبلة القمر مضيء ومهما اضاء هذا النور سيبقى القمر قاهرا له الى ان تقترب الشمس من الافق الشرقي قبيل الشروق بمدة يسيرة، في الليالي الظلماء هنا يظهر الضياء، واضح انه لا يراد منه لا الفجر الفلكي العلمي ولا حتى الفجر الحسي في اوائل نشوءه، وهذا الذي يناسب ايضا التعبير بالقبطيّة البيضاء، القبطية البيضاء اذا كان ثوب ابيض قماشة بيضاء ملقاة والاشارة بالقبطية الى انها شديدة البياض باعتبار القطن الخالص والا كان قال كالثوب الابيض فلماذا التعبير دائما بالقبطية؟ وكان مصدرها في الجزيرة العربية من مصر كما هو معلوم، فالثوب الملقى لا يعبَّر به عن خيط رفيع كما هو واضح، ايضا التعبير بنهر السورة ليس المقصود العرض العريض كما اشرت انا اشرت بالامس أنه نهر عريض، اقل ما يمكن ان يقال بانه يجب ان يكون يبين عرضه ليسكالشعرة، صحيح ان هذه المعاني لا تستفاد من الاية وحدها حتى يتبين لكم الخيط الخيط مهما رفع يبقى اسمه خيط ما قال الحبل ولا قال الجمل هو الخيط الغليظ، لكن هذه التعابير الواردة في الروايات تشير الى هذا المعنى بوضوح هذه جهة.
الجهة الثانية في الرواية ماذا نفهم من قوله عليه السلام كان النبي يصلي ركعتي الصبح وهي الفجر اذا اعترض الفجر واضاء حسناُ، تارة ننظر الى نفس الرواية مفردةً عن بقية الروايات لا اشكال ولا ريب في ان هذه الرواية بنفسها لا يستفاد منها اكثر من ان فعل وديدن النبي في فعل صلاة الفجر كان هو هذا، ولا اشكال ولا ريب في انه يستفاد منها ايضا وهي ظاهرة في مقام الحث على الاقتداء والتأسّي بفعل النبي ولو لم يصرح بهذه الجهة فانها جهة وأصل موضوعي مفروغ منه، يستفاد منها ان هذا الوقت هو الوقت الافضل الذي يؤتى بصلاة الصبح فيه لما نعلمه من ان رسول الله صلى الله عليه واله لا يتخلف عن الافضل الا لعلّة مانعة او قاهرة وهذه لا تلتقي مع الديدن والعادة كما هو معلوم، واذا ما خرجنا عن الرواية فلا اشكال ولا ريب في انّ الروايات ناطقة وواضحة في افضليّة الاتيان بالصلوات في اوائل مواقيتها وفي خصوص صلاة الفجر وردت الروايات التي تحثّ على الاتيان بها في اول وقتها وهو الذي عُبر عنه في الروايات بالتغليس او ما ناظر ذلك لقد تقدم بعضها عندما كنا نستشهد على ان منتصف الليل يُحتسب للفجر في الفرع السابق، فالافضل هو اول الاوقات جزماً، وعلى هذا الاساس تصبح الرواية دالة على ان اول وقتها هو هذا الوقت ومعه لا يبقى وجه لما افاده السيد الخوئي رضوان الله عليه من التعليق على هذه الرواية بانها لا يستفاد منها اكثر من انّ فعل المعصوم المبني على الاستمرار كما يستفاد من كلمة "كان" طبعا هو يستفاد من الفعل المضارع مش من كلمة كان، يقول مجمل لا لسان ليدل على التحديد ولعل المواظبة مستندة الى الافضلية وانساغ التقديم فالدلالة قاصرة وان صح السند، نعم اذا نظرنا الى الرواية في حد نفسها فقد يكون الافضل هو اول الوقت وقد يكون الافضل التأخير عن اول الوقت، لكن اذا نظرنا الى الروايات الحاثة لان ملائكة الليل وملائكة النهار تحضر - اذا بتتذكروها مر بعضها - لا اشكال ولا ريب حينئذ في ان الفعل الافضل هو الفعل في اول الوقت فيكون هذا اول الوقت، وهذا هو الذي يتناسب مع بقية الروايات في مقام الفهم المعبرة بالقبطية البيضاءواضاء حسنا، طبعا هذا سيدخلنا الى مطلب لم نركز عليه البحث بعد قليل، وعلى هذا الاساس الرواية دالة على ان اول وقت الفجر هو هذا وان وقت الفجر لا يكون قبل ذلك، وكأن السيد الخوئي رضوان الله عليه قال ما قاله للفرار من مسألة واضاء حسنا- ولو لم يركز البحث عليه - ظاهر في التأخر عن مجرد ظهور خيط البياظ المعترض في الافق الشرقي، فيريد ان يقول ليس هذا اول الوقت حتى لا يبتلى بالمعارضة بين هذه الرواية وبين بقية الروايات مثلا او بين هذه الرواية وبين الاية المباركة.
( نقاش مع طالب: مكون الفضيلة دائما في اول الوقت هي اولا مخنوقة بمثل وقت العشاء العشاء حدد وقتها وقتها هناك يوجد صلاة اولى وصلاة ثانية مش بس العشاء العشاء الظهر والعصر ايضا نفس الكلام واضح بس في افضل ايضا في الظهر الافضل تأخير الى الوقت الكذائي بالنسبة للعشاء قصدي واضحة المسألة شو دخل العشاء بهنا يا شيخنا نفصل الافضلية عن اول المطلب هنا الروايات صريحة ما انا استدليت بروايات صريحة واضحة دالة على ان صلاة الفجر يؤتى بها مغلسا ان صلاة الفجر لا بد ان تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار فحج البيئة في اول وقتها ولكن مش من ناحية ان الكبرى في الصلوات ان اول وقتها هو افضل وقت ماشي في وقت وجوب وفي وقت فضيلة في اوقات الفضيلة ايضا اول وقت بين اوقات الفضيلة هو الافضل صحيح اسا هذا لا يضرني ولا يفيدني في خصوص صلاة الفجر واضحة الروايات واضحة جدا جيد)
الرواية السادسة من الباب وباسناده عن محمد بن علي بن محبوب عن احمد بن محمد بن عيسى عن حسين بن سعيد يعني الحسين بن سعيد عن فضالة بن ايوب عن هشام بن الهذيل عن ابي الحسن الماضي اي الامام الكاظم صلوات الله عليه السند واضح الصحة ما في كلام الشيخ الطوسي له عدة طرق الى ابن محبوب محمد بن علي، بقية السند اجلاء الطائفة لا يوجد الا هشام بن الهذيل الذي هو غير معروف في عالم الروايةوهذا رجل مجهول الحال بالنسبة لنا ولا مجال لتوثيقه الا اذا بنينا على مبنى اصحاب الاجماع وانهم لا يروون جميعا الا عن ثقة وهو الذي حققناه في كتاب تنقيح المباني وان المبنى غير منحصر بالثلاثة وهو صريح عبارة الشيخ الطوسي اساسا وان لم يصرح بالاسماء "قال:ونظرائهم الذين عرفوا في الطائفة"وبالسبر التقسيم لا يوجد نظراء يمكن تشخيصهم لهم غير بقية اصحاب الاجماع وهذا بحث يطول اصل موضوعي فعلا، فاذا بنينا على هذا نحن نوثق هشام بن الهذيل الذي ليس له اي تضعيف برواية فضالة عنه باسناد صحيح، فالبحث مبنائي من هالجهة، عن ابي الحسن الماضي عليه السلام سألته عن وقت صلاة الفجر فقال حين يعترض الفجر فتراه مثل نهر سوراء النهر عريض كتير صحيح، مرة يكون الانسان فوق النهر فيراه معترضا، مرة يكون الانسان في مكان ينظر فيه الى النهر، ينظر الى النهر في جهة تعرج عادة ونهر سوراء هو محدد يعني شبيه الاهلّة الى حد ما المنطقة التي يؤشر اليها في الرواية، عندما تنظر اليه من افق لن ترى عرضه بالكامل سترى المقدار الذي يمكنك ان تراه افقيا المعترض يعني افرض عرضه مئة متر انت ستراه عريض من الافق بمقدار خمسة امتار او سبعة امتار لانك ستراه من افقه ليس من اعلى، لكن مع ذلك فيه شيء من الاعتراض واضح يعني ليس خيط رفيع كما هو واضح، تنبُّه المحقق الهمداني اعلى الله مقامه الشريف لطرح بحث في المقام وهو موجود قبله في الجملة وافضى عند بعظهم الى التأول، تنبهه الى ما يتبدّى من المنافاة بين هذه الروايات وبين الروايات التي كانت تتحدث عن التغليس وانّ رسول الله صلى الله عليه واله كان يغلّس في صلاته او ما ورد من شهادة ملائكة الليل التي تُسرع فكان يتعجل الصلاة لكي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار، والمرسل النبوي غير الموجود في اصولنا واخبارنا الذي ذكره الشهيد الاوّل في الذكرى بقوله: روي عن النبي انه كان يصلي الصبح فينصرف النساء وهن متلفعات بمروطهن لا يعرفن من الغلس حتى بعد انتهاء الصلاة طبعا لا وزن لهذه الرواية غير مروية في اصولنا وغير موجودة، لكن اجمالا مثل موثقة اسحاق بن عمار وغيرها الواضحة في انه يتعجل تقضي بغير ما دلت عليه هذه الروايات من تحديد اول وقت للفجر او تحديد ديدن فعل النبي الافضل فماذا نصنع؟ يقول المحقق الهمداني ان البعض من المحققين وقعوا في وهم في المقام حيث توهموا التنافي بين الطائفتين من الاخبار فبعضهم تأوّل الاخبار وافتى باستحباب التأخير عن اول طلوع الفجر فتأول طائفة الثانية لصالح الاولى، وبعضهم تأول الاولى لصالح الثانية مع ان هذا غيره صحيح لماذا؟ قال بأن مثل صحيح ابي بصير المتقدم التي شُبهت بالقبطية البيضاء حالة الفجر نص في ارادة اول الوقت الذي يحرم عنده الاكل للصائم فكيف يُحمل على استحباب التأخير،صحيحة ابي بصير متى يحرم على الصائم وتحل الصلاة صلاة الفجر قال اذا اعترض الفجر فكان كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام على الصائم وتحل يعني اول الوقت الصلاة صلاة الفجر قلت افلسنا في وقت الى ان تطلع الشمس قصة صلاة الصبيان ما لنا شغل فيها،يقول هذه نص واضحة ما تحتمل لا تأويلا ولا تخريجا، وعلى هذا الاساس يبدو الى هنا التنافي بين الطائفتين مستقر لكن المحقق المذكور اعلى الله مقامه افاد بان مقتضى التحقيق ان المعتبر في تحقق الفجر هو اعتراضه في الافق على وجه يشبه نهر سوراء والقبطية البيضاء وفي حصول المشابهة بهما في مبادئ اخذ الافق في البياض قبل ان يضيء حسنا-ايضا استقى الرواية خالف التعبير يضيء حسنا - تأمل بل صدق تبين الخيط الابيض من الخيط الاسود كما انيط به حرمة الاكل في الكتاب والسنة في الكتاب الاية في السنة الاشارة لصحيحة ابي بصيرلا يخلو عن خفاء فالاحوط ان لم يكن الاقوى هو التأخير في الجملة حتى تتبين استقالته في الافق بحيث يرى في سواد الليل كنهر مرئي من بعيد او كثوب ابيض رقيق منشور خلاصة ما يريد ان يقوله من دون جزم نهائي في المسألة بان مقتضى هذه الروايات عدم الاكتفاء بظهور بياض ما في الافق بل لا بد من التأخير عن ذلك، فان تمام التعابير الواردة في الروايات حينئذ تفيد ذلك.
اقول في هذه العبارة التي قرأتها المحقق الهمداني لم يتعرض للجمع بين الطائفتين، اقصى ما تعرض له ان الاخذ بظواهر هذه الروايات ونصّ صحيحة ابي بصير يقضي بالميل القوي الى الافتاء بان الفجر الذي تحل عنده الصلاة لا يكفي فيه ظهور بياض ما لابد ان يعترض البياض ويكبر في جهة المشرق، ويظهر من عبارته خصوصا بعد تمسكه بالنص في صحيح ابي بصير بدعوى النصوصية انه جازم بهذا الاستظهار - انتبهوا لي شوي - لكن الذي يمنعه من الفتوى والذهاب بعيدا في هذا الامر هو ان نفس صحيحة ابي بصير الناصّة جعلت الوقت الذي يحل الاكل فيه بقاء الى الوقت الذي تحل فيه الصلاة فاذا افتى في هذا الطرف يكون موافقا للاحتياط لكنه اذا افتى في ذاك الطرف سوف يكون مخالفا للاحتياط باعتبار ان الناس ستبقى تأكل بعد ما هو شبهة انه الفجر مقدار عشر دقائق او اكثر، باعتبار انه ما عندنا نحن شيء اسمه زمن الامساك في الشرع في الايات والروايات لذلك هو لم يجزم في هذا الطرف حتى لا يوقع نفسه في مشكلة من الطرف الاخر، اما مسألة الطائفة الاخرى فحلها باسلوب اخر قبل هذه العبائر وهو انه قال ان قوة البياض فوق الافق لا تتنافى مع التغليس فان البياض فوق الافق لا يعني البياض في كل السماء في وسط السماء وفي المغارب، اذا كان الانسان يصلي في اول اوقات حلية الصلاة للفصل بين اول ظهور البياض وظهوره معترضا كالقبطية او اضاء حسنا اضاء الافق حسنا مش اضاءت السماء حسنا من جميع الجهات حتى من جهة المغرب والوسط، فاذا كان كذلك حسناً يعني اذا بتشوف قطعة ظلام وتحتها قطعة بياض فأضاء حسنا، فحينئذ اذا صلى الانسان في اول الوقت وخرج يخرج ولا زال الظلام موجود كما هو واضح وهذا جيد انصافا حتى لا يتوهم التنافي بين الطائفتين، وقد يقال ان الروايات المذكورة في تحديد الفاجر تتنافى مع الاية حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر، فحينئذ بضميمة ان وقت التبين هو وقت الصلاة وهذا مفروغ منه وهو ضروري فلا اشكال ولا ريب قد يدعى بان ظاهر الاية حتى يتبين مطلق بياضٍ فيحصل تنافي بين الاية وبين هذه الروايات هذا جوابه واضح فان الاية لم تنصص على مقدار ذلك الخيط فجاءت الروايات وبينته هو مسكوت عنه في الاية، فيدور أمره بين مطلق التبين كما هو الظاهر الاولي للاية، وبين تبين خاص وهو التبين كالقبطية التبين كنهر سوراء التبين حسناً الاضاءة حسناً، فجاءت الروايات وبيّنت ان الخيط المقدار المطلوب منه هذا المقدار، وعلى هذا الاساس اقول ايضا الاية المباركة من داخلها ما بينت وقت صلاة الفجر فهمنا هذا من الخارج ان اول الفجر هو اول وقت صلاة الصبح، على هذا الاساس لا اشكال ولا ريب في ان الاقدام على الصلاة في اول ظهور البياض المعترض محل اشكال بل منع، ولا يوجد منافي معتد به لهذه الروايات التي اتفقت على حد يزيد على الحد الادنى بل لا يكتفى بالدرجة الاولى بعد الحد الادنى بل لابد وان ينظر الناظر طبعا لولا الموانع من اضاءات وغيرها كما في اوائل الشهور من دون اضاءة مصطنعة بحيث اذا نظر الى الافق كل ناظر عرفي بحسه المباشر يرى بياضا واضحا بعد ان لم يكن يُرى هذا البياض مش بده يدقق ليشوف خيط رفيعوهذا هو وقت صلاة الفجر بلا اشكال ولا ريب، نعم من طرف الاكل والشرب هناك احتاط وهنا لا مانع من الفتوى باعتبار توافق النصوص،(فهذا تغليس اذا طلع بمقدار عشرة سنتم فوق الافق لمن يرى من بعيد عشرة سنتم مثلا يراه بياضا في الافق يعني النهار صار موجود بس ما بيتناسب مع التغليس، الاضاءة من جهة المشرق لا تعني الاضاءة في الكون، الطائفة الاولى التي تتحدث عن الافق اضاء حسنا الافق يُرى كالقبطية الافق واضح مكان محدد التغليسغير ناظر للافق التغليس ناظر للمكان الذي فيه والمكان الذي تصلي فيه لا يزال مظلما هي صلاة الفجر كم تحتاج يا مولانا! اكثر من ربع لعشرين دقيقة حتى يبدأ النور يظهر بالسماء هذا واضح، هذا تمام الكلام في هذا الجانب.
هنا تفريع مهم في المقام تعرض له الفقيه الهمداني ولعله اول من تعرض له بشكل مباشر وهو البحث عن الفجر في الليالي المقمرة لكنه زَعم اعلى الله مقامه الشريف ان ظاهر كلمات وفتاوى الاصحاب وبحسب تعبيره مقتضى ظاهر الكتاب والسنة وكذا فتاوى الاصحاب اعتبار التبيّن الفعلي لا التبيّن التقديري وهذا يعني ان موضوع الحكم الشرعي هو رؤية الخيط الابيض بالفعل، رؤية الافق، الابيضاض معترض فيه كالقبطية بالفعل، فالعبرة بالتغير الى الابيضاضالحسي لا التقديري نظير ما يقال في ان الكر انما ينفعل بالنجاسة اذا تغير باوصاف النجس حساً لا تقديرا.
اقول اما ما نسبه الى الاصحاب فهو لا يزيد على التعبير الموجود في الاية والروايات ومنه تعبير صاحب العروة وغير صاحب العروة قديما وحديثا، لان المتقدمين كانوا يعبّرون بمتون الروايات وكأن فتاويهم نقل للروايات باملعنى حيث لا يمكنهم الحفاظ على النص الوارد، وعلى هذا الأساس يعبرون بالتعبير الوارد في الروايات وهذا الاقتباس في الفقه وفي علوم الحديث من الفاظ الروايات والايات واضح جدا لا شبهة فيه، الا ان احدا منهم لم يطرح بحثا من هذا القبيل ليكون مورداً للاخذ والرد فلا ندري هل يريدون من التبيّن التبين الاقتضائي لولا الموانع، ام يريدون من التبين اي الحسي الفعلي في جميع الحالات ام يريدون ذلك في بعضها دون البعض الاخر؟ اطلاقهم جميعا هذا التعبير الوارد في الاية والروايات يعني ان البحث لم يكن محلا للطرح والاخذ والرد بلا اشكال، فلا نستطيع ان نستظهر من كلامهم موقفاًفما يرتبط بهذا البحث، هذا البحث له مراتب تارة نقول العبرة بالتبيّن الفعلي في جميع الحالات يعني انت لن تصلي الا اذا رأيت الابيضاض بعينيك بالفعل، هذا ما يناسب التبيّن الفعلي في جميع الحالات وهذا قطعا غير مراد ولا يقول به احد حتى الفقيه الهمداني وحتى غير الفقيه الهمداني، هل هناك احد يقول اذا علمت ان الابيضاض قد حصل ولكنه لا يبدو لي بسبب ان الغيم موجود او المطر او الاسوداد الذي يتسبب به المطر حيث يكون منهمراً هل احد يقول بان الفجر لا يتحقق؟ لا يُترقب من احد ان يقول ذلك،هذه مرتبة، اذاً هذه قرينة على انه ليس المراد الرؤية الحسية الفعلية بل المراد الرؤية الحسية الفعلية اللولائية، يعني لولا وجود الغير لولا وجود المانع.
المرتبة الثانية ان يقال ان المراد التبيّن الفعلي لولا المانع العارض دون المانع الدائم المُصاحب يعني الغيم يعرض في بعض الاوقات الغبار يعرض في بعض ايام السنة خصوصا في الصحاري المطر كذلك، لكن يوجد مانع يعترض النور في كل ايام السنة في اوقات محددة من يوم 12 من الشهر الهجري القمري مثلا او ليلة 12 فصاعدا الى وقت معين وهو نور القمر، ومعه لن يبدو الفجر بالفعل، فيكون المراد من التبيّن التبين بهذا المعنى، وهذا لازمه ان يكون الموضوع وهو المتبيَّن عنه ليس مطلق تولّد النور بسبب اقتراب شعاع الشمس من الافق الشرقي بل سوف يصبح الموضوع مركّباً من الاضاءة الاقتضائية المتولدة بسبب اقتراب الشمس من الافق الشرقي وعدم وجود المانع الدائميالذي هو نور القمر في اوقات محددة لا أنه دائم في ايام السنة كلها بس دائما كل شهر يتكرر، لا محالة سوف يصبح الموضوع هو هذا، باعتبار ان التبين ان اخذناه طريقاً بنحو خاص فهو يكشف عن موضوع يتناسب مع هذا النحو الخاص، نظير ما نقوله في الهلال من ان الرؤية طريق الرؤية البصرية كما هو ظاهر الروايات طريق الى مرئي المرئي ما هو؟ المرئي الذي له قابلية الرؤية لا الهلال في المحاق ولا الهلال اول خروجه من المحاق الذي تستحل رؤيته، فالموضوع هو الذي له قابلية الرؤية بهذه الرؤية البصرية، فحينئذ لا اشكال في ان الموضوع لابد ان نتصرف فيه.
المستوى الثالث ان يقال بالرؤية التقديرية، فلنفسر الرؤية التقديرية اولا: اي الرؤية للابيضاضكالقبطية البيضاء لولا وجود المانع مطلقاً سواء كان عارضيا ام دائمياً ولا اشكال - انتبهوا خليكم معي - في انّ ضوء القمر ليس جزءا من اقتضاء الانارة في الافق الشرقي - انتبهوا لي لهالنقطة - بل ان الباعث على الابيضاض في الافق الشرقي هو اقتراب الشمس من جهة الشرق، بدليل ان هذا يحصل حتى لو حصل خسوف للقمر في هذا الوقت، هذا يحصل والقمر في المحاق على انه علميا في عصرنا واضح وضوح الشمس في رائعة النهار انه الاضاءة ما دخل القمر فيها بل القمر يأخذ ضوءه من شيء آخر، المهم على هذا الاساس لا اشكال ولا ريب ان ضوء القمر مانع من الموانع مش جزء من متمم اقتضاء تحقق البياض في الافق الشرقي واعتراضه، اذا كان الامر على هذا المنوال فما هو الموضوع؟ العمدة كما اتضح انه كلمات الفقهاء لا تقدم ولا تؤخر لانه البحث غير مطروح بينهم والتعابير اللي مستعملينها نفس تعابير الروايات، العبرة كل العبرة بالاستظهار من الاية والروايات فاما ان نلتزم بان الموضوع من النحو الاول او من النحو الثاني او من النحو الثالث تأتي تتمة الكلام ان شاء الله، لانه يوجد كلام للسيد الامام الخميني رضوان الله تعالى عليه لا يخلو من غرابة ما فقد حاول نقل الموضوع من الفجر الى التبين يأتي ان شاء الله.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo