< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/02/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حكم منكر ضروري الدين :

ذكرنا القول الثاني في المسألة، وهو الحكم بكفر منكر الضروري على سبيل السببية المقيدة، ويمكننا اعتباره قول المشهور (أي مشهور الفقهاء الذين تناولوا مسألة ضروري الدين). وهو لا يختلف عن القول الأول إلا من جهة تقييده بكون المنكر عالماً أنّ ما ينكرهُ من ضروريات الدين.

وقد صرّح عدد من الفقهاء بهذا القول؛ كالعلّامة في كتاب الحدود من "قواعد الأحكام" عند كلامه عن الارتداد قال: وهو (الارتداد) يحصل إمّا بالفعل ... وكلّ فعل يدلّ على الاستهزاء صريحاً. وإمّا بالقول كاللفظ الدالّ بصريحه على جحد ما علم ثبوته من دين الإسلام ضرورةً، أو على اعتقاد ما يحرم اعتقاده بالضرورة من دين محمّد صلی‌الله علیه و آله سواءٌ كان القول عناداً أو اعتقاداً أو استهزاءً([1] ).

وللفاضل الهندي في كشف اللثام عبارةٌ أكثر تصريحاً حيث يقول: وكل من أنكر ضرورياً من ضروريات الدين مع علمهِ بأنهُ من ضرورياته([2] ).

وكذلك يقول الشهيد الأول العاشر: الكافر أصليا أو مرتداً، أو منتحل الإسلام جاحداً لبعض ضرورياته كالخوارج والغلاة([3] ).

ويقول الشهيد الثاني والكافر أصلياً ومرتداً، وإن انتحل الإسلام مع جحده لبعض ضرورياته، وضابطهُ منْ أنكر الإلهية أو الرسالة أو بعض ما علم ثبوته من الدين ضرورة([4] ).

ويقول صاحب رياض المسائل الثامن: الكافر، أصلياً ومرتداً، وإن انتحل الاسلام مع جحده لبعض ضرورياته، وضابطه: من أنكر الإلهية أو الرسالة أو بعض ما علم ثبوته من الدين ضرورة([5] ).

ولصاحب الجواهر نقاشٌ في القول الثالث الذي سيأتي ذكره، ثم تصريحٌ بأن الصحيح هو القول الثاني، حيث قال:

فدعوى أنّ إنكار الضروري يثبت الكفر إن استلزم إنكار النبيّ مثلًا، فمتى علم أنّ ذلك كان لشبهة- وإلّا فاعتقاده صلی‌الله علیه و آله مثلًا ثابت- لم يحكم بكفره، لا شاهد عليها، بل هي مخالفة لظاهر الأصحاب. وكأنّ منشأها عدم وضوح دليل الكفر بدونها ... فالحاصل: أنّه متى كان الحكم المنكَر في حدّ ذاته ضروريّاً من ضروريّات الدين، ثبت الكفر بإنكاره ممّن اطّلع على ضروريّته عند أهل الدين، سواءٌ كان ذلك الإنكار لساناً خاصّةً عناداً، أو لساناً وجناناً([6] ).

ويقول المحقق البحراني في أقسام الكافر المنتحل للإسلام وهو جاحد لبعض ضرورياته([7] )0

فظهر أن العديد من الفقهاء قائلون بالقول الثاني؛ أي القول بسببية إنكار الضروري مقيداً بالعلم بكونه ضرورياً في الدين، ويمكن نسبة هذا القول إلى المشهور، خصوصاً بالنظر إلى عبارة صاحب الجواهر حيث قال: هي مخالفة لظاهر الأصحاب. ومن الواضح أنه إذا كان القول الثالث الآتي مخالفاً لظاهر الأصحاب فالقول الثاني - وهو السببية المقيدة - هو قول الأصحاب.

القول الثالث: الحكم بكفر منكر الضروري على سبيل "الأمارية":

أي أن إنكار الضروري بنفسه ليس له خصوصية، بل المناط هو أن يؤدي إنكاره إلى إنكار الرسالة، فيكون أمارةً على إنكار الرسالة، وليس سبباً مستقلاً للحكم بالكفر. فلوكان إنكار الضروري لا يستلزم إنكار الرسالة فلا يوجب الكفر، كما هو الحال في الجهل البسيط والجهل المركب.

وهذا القول هو الذي اختاره جماعة من المتأخرين؛ كالمقدس الأردبيلي، والمحقق السبزواري، والمحقق القمي، والمحقق الخونساري، والامام الخميني وغيرهم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo