< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/04/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تأمل جديد في اختلاف نسخ صحيحة معاوية بن وهب:

تكلمنا في الدرس الماضي حول نسخ صحيحة معاوية بن وهب في الكافي والوسائل، وقلنا - حسب ما استفدنا من المصادر الناقلة - أن النسخة الصحيحة هي النسخة المشتملة على (ثلاثة) وأما النسخة المشتملة على (أربعة) فغير صحيحة.

لكن البعض كالسيد الخوئي قال: وما في الوسائل من ذكر (ثلاثة أخماس) غلطٌ، والصحيح ما أثبتناه (أي الأربعة) كما أشار إليه المعلق [1]

أما نحن فنقول: حسب الظاهر من عبارته، إن السيد الخوئي تصور أن "ثلاثة أخماس" في الوسائل فقط، وليس ذلك في الكافي، ولكن كما قلنا أن في الوسائل كذلك "ثلاثة أخماس" في كتاب الخمس و"أربعة أخماس" في كتاب الجهاد.

وأما في الكافي في أكثر نسخة - لو لم نقل الجميع- وردت "ثلاثة أخماس" وليس فيها "أربعة"، كما قال المحقق الغفاري، والذي نراه في الكافي المطبوع الذي بين أيدينا اليوم وفيه "أربعة أخماس"، ليس مستنداً إلى نسخة معينة ولا إلى المشهور بين النسخ، بل هو جعل شخصي من المحقق والمعلق الغفاري، من دون استناد إلى النسخة المخطوطة؛ لأنه هو في المقام نفسه في هامش الكافي أشار إلى أن الموجود في أكثر نسخ الكافي هو "ثلاثة أخماس" كما ذكرنا نص كلامه في بعض الدروس الماضية.

فبناء على ذلك: إنّ جعل عبارة أربعة أخماس في متن الكافي المطبوع خطأ بلا دليل ومستند،

مضافاً إلى ذلك أن بعض العلماء كالعلامة المجلسي الذي امتلك إمكاناتٍ عديدة في تحقيق متون الكتب ونسخ متعددة من الكافي، ذكر كذلك (ثلاثة أخماس) ولم يذكر (أربعة أخماس). [2]

لذا فإن جعل أربعة أخماس في نسخة الكافي من قبل المحقق خطأ، وكلام السيد الخوئي ليس صحيحاً، بل خطأٌ زائدٌ علي خطأ محقق كتاب الكافي؛ وهذه عادة المحققين وسيرتهم - جعلُ ما كان في المشهور من النسخ، - أو في النسخة التي تعين على صحتها قرائن عديدة - في متن الكتاب والإشارة إلى وجود الخلاف، وإلى النص الصحيح في الهامش وفي تعليقة المحقق. ولكن المحقق هنا قد عمل بالعكس؛ حيث جعل رأيه في نص الكتاب ونسبه إلى الكليني، وفي الهامش أشار إلى أن أغلب النسخ خالية من هذه العبارة.

مضافاً لذلك فإن بعض العلماء كالعلامة المجلسي الأول الذي لديه إمكانات في تحقيق النسخ، ذكر في مرآة العقول، وفي روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه "ثلاثة أخماس" ولم يذكر أربعة. [3] فكيف يقول السيد الخوئي بأن الصحيح هو عبارة أربعة أخماس؟

وبعض الأساتذه المعاصرين كالسيد الشبيري الزنجاني في درسه الخارج كذلك يصرح بأنه قابل بين عدة نسخ الكافي فلم يجد ولو في نسخة واحدة معتمدة "أربعة أخماس" بل كلها "ثلاثة أخماس".

فيستنج من ذلك كله، وبعد تأمل دقيق في مسألة نسخ الحديث، أن جعل عبارة "أربعة أخماس" في الكافي المطبوع جعلٌ اجتهادي من المحقق الغفاري، وليس منسوباً الى النسخ المخطوطة.

فبناء على ذلك: إنّ ما قاله السيد الخوئي ليس صحيحاً، وبعبارة أخرى: نحن لا نعتمد على عبارة أربعة أخماس لأننا نعتبر الرواية حجة ودليلاً ونستند إليها في الفتوى، ولكن إذا كانت جميع نسخ الكافي تحوي عبارة ثلاثة أخماس، ثم نأتي ونجعل عبارة أربعة أخماس في الكافي، ثم نعتمد عليها، فنحن في الواقع بذلك نؤسس حجة جديدة ونعمل عليها، وهذا غير صحيح وليس حجة في المقام وفي فتوى الفقيه، وهذا شيء غريب في الفقه، وجديد في سيرة محققي كتب القدماء وتراثهم.

هذا بالنسبة لصحيحة معاوية بن وهب، وكما قلنا في الدرس الماضي فنحن نقول بإسقاط الرواية عن الحجية وعن الصلاحية للاستدلال، ولا بد من أن نرجع لمرسلة العباس الوراق، وهنا لا بد أن نلتفت لبعض الأمور:

أولاً: لو قلنا أن الدليل منحصر بمرسلة العباس الوراق، فكيف نوجّه الإجماع الذي قال به شيخ الطائفة، والإجماع المنسوب لابن إدريس الحلّي بحسب ما ذكره صاحب كتاب المعتبر؟

ثانياً: هل نستطيع أن نقول أن مشهور الفقهاء اعتمدوا في فتاواهم على المرسلة فقط؟ أم استندوا على أدلة أخرى؟

نتحدث في الجلسة القادمة إن شاء الله عن أجوبة هذه الأسئلة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo