< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/08/14

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تتمة الاستدلال على القول المشهور: بعد أن بينا أنّ المسألة ذات قولين:

الأول: القول باعتبار النصاب في المجموع قبل استثناء المؤونة.

والثاني: القول باعتباره بعد استثناء المؤونة.

و كما قلنا إن القول الثاني هو المشهور، وفي مقام الاستدلال فقد استُدل للمشهور بأمرين: أصالة البراءة، والمنساق من مجموع الأدلة.

قد بيّنّا الاستدلال بالدليل الأول، وبقي الدليل الثاني: وهو المنساق من مجموع الأدلة.

ولكن قبل الورود في استدلال المشهور بالدليل الثاني ينبغي لنا أن نكمل البحث في مقام الدليل الأول والاستدلال بالأصل العملي؛ وهو أصالة البراءة وإشكال السيد الخوئي وأمثاله على الاستدلال، لأن للسيد الشاهرودي كلاماً مفيداً في الاستدلال بأصالة البراءة وعلى إشكال مثل السيد الخوئي:

إن السيد الشاهرودي في هذا البحث بعد التعرض إلى استدلال المشهور والإشكال عليه يقول:

و ينبغي البحث في مسألتين:

المسألة: الأولى- في ما هو مقتضى الأصل والقاعدة عند الشك في أن النصاب معتبرٌ في أصل المعدن المستخرج، أو فيه بعد استثناء مؤونة تحصيله.

و الثانية- في ما يستظهر من دليل اعتبار النصاب.

أمّا المسألة الأولى: فقد ذكر في الجواهر أنّ مقتضى الأصل هو البراءة عن وجوب الخمس إذا لم يبلغ الباقي بعد المؤونة للنصاب.

و اعترض عليه: بأنّ أصل تعلق الخمس معلوم لا شك فيه على كل حال ولو من باب مطلق الفائدة، إلّا أن يريد بذلك أصالة عدم تعلق الخمس الخاص بعنوان المعدن ليترتب عليه وجوب الإخراج فعلا، فيكون مجرى الأصل بحسب الحقيقة فورية الوجوب وفعليته لا أصله، وهذا له وجه لولا الإطلاق في صحيح البزنطي المقتضي لوجوب الإخراج فعلا بعد بلوغ المجموع حد النصاب.

فيقول السيد الشاهرودي:وهذا الاعتراض،

أولا- خلاف ما تقدم من نفس هذا العلم من أنّ مقتضى الأصل العملي عند الشك عدم جواز الصرف في المؤونة ووجوب دفع الخمس فورا، لأنه مال الغير والأصل حرمته وحرمة صرفه في المؤونة إلّا بدليل.

و ثانيا- خلاف ما تقدم منه أيضا في مسألة الشك في المعدنية من أن مقتضى عموم دليل استثناء مؤونة السنة أنّ كل خمس يجوز صرفه فيها إلا ما خرج بالدليل، فإذا شك في إطلاق الدليل المخرج والمخصص كان من موارد دوران المخصص المنفصل بين الأقل و الأكثر، والقاعدة فيه الرجوع إلى عموم العام، وهو يقتضي جواز الصرف......

و هكذا يتضح: أنه لو شك في كيفية اعتبار النصاب في المعدن كان المرجع في مورد الشك إطلاق دليل خمس المعدن المقتضي لوجوب تخميسه ولو لم يبلغ ما يتبقى بعد الاستثناء مقدار النصاب، فيكون مقتضى الأصل في المسألة الأولى ثبوت الخمس فيما إذا بلغ قيمة مجموع المعدن المستخرج النصاب ولو نزل عنه بعد استثناء المؤونة، فيثبت ما ذهب إليه صاحب المدارك (قدّس سرّه) على القاعدة[1] .

فالمتأمل في كلام السيد يظهر له أن كلامه دقيق خصوصاً بالنسبة إلى تبيين مجرى أصالة البراءة واعتراض السيد الخوئي عليه، هذا بالنسبة إلى الدليل الأول للمشهور.

و أما الدليل الثاني للمشهور:

فالظاهر أن المستدل يستدل بهذا التقريب وهو أنه إذا كان وجوب التخميس بعد استثناء المؤونة فلابد وأن يكون النصاب أيضاً بعد المؤونة، وكما قلنا من قبل: إن الملاك ومدار تعلق الخمس (حتى بالفوائد) هو ما يصدق عليه عنوان الفائدة، ومن الواضح أنه لا يصدق على ما يخرج من المعدن قبل إخراج المؤونة عنوان الفائدة العائدة، وإنما يصدق بعد إخراج المؤونة.

فلذلك إذا بلغت الفائدة بعد صدق العنوان عشرين دينارا فيجب فيه الخمس.

فكأن المستدل يريد القول بعدم الانفكاك بين المقامين في نظر العرف، أي مقام وجوب التخميس ومقام اعتبار النصاب في تعلق الخمس.

ففيه أيضا:

أنّ كون وجوب إخراج الخمس بعد استثناء المؤونة لا يستلزم كون اعتبار النصاب بعده أيضاً، لأنه لا ملازمة بين المقامين، لأن مقام وجوب التخميس وإخراج الخمس غير مقام اعتبار النصاب في تعلق الخمس.

مضافاً إلى ذلك أنّ دليل استثناء المؤونة ظاهر في كون وجوب إخراج الخمس بعد استثنائها، كما قدمنا رواية علي بن مهزيار عن أبي جعفر(ع) التي صرح فيها باستثناء المؤونة ووجوب التخميس بعد المؤونة.

سأل السائل: أخبرني عن الخمس، أعلى‌ جميع‌ ما يستفيد الرجل من قليل وكثير من جميع الضروب وعلى الصناع، و كيف ذلك؟ فكتب بخطه: «الخمس بعد المؤونة».

لاشك في أن هذا ظاهر في استثناء المؤونة لأنه مسبوق بسؤال الراوي عن زمان إخراج الخمس، ولكن ظاهر صحيح البزنطي الوارد في مقدار النصاب اعتباره في أصل تعلّق الخمس بالمعدن؛ و تحديد النصاب وليس ناظرا إلى استثناء المؤونة، بل مطلق في ذلك.

فالظاهر من دليل اعتبار النصاب و هو صحيح البزنطي، اعتبار النصاب في أصل تعلّق الخمس بمجموع ما استُخرج من المعدن قبل استثناء المؤونة، ولكن يجب تخميسه بعد استثنائها، و أما الملازمة بين المقامين فغير قابلة للتصديق في المقام.

و يؤيد ما قلنا في عدم الملازمة وعدم ظهور الدليل في استثناء المؤونة، ما قاله صاحب «الحدائق» في كتابه حول استدلال المشهور، وإن كان كلامه في مورد الكنز، ولكنه يفيدنا فيما نحن فيه؛ حيث إنّه بعد تفسيره لصحيح البزنطي بأنّه في مقام تحديد مقدار تعلّق الخمس، قال:

«وبالجملة فالمقصود بالسؤال والجواب إنّما هو المساواة في مبدأ تعلّق الخمس كما في مبدأ تعلّق الزكاة[2] »

فكأن صاحب الحدائق يريد القول بأن الرواية تتكفل بيان مبدأ تعلق الخمس و مساواته في الخمس و الزكاة معا و لا فرق بينهما في ذلك.

فعلى هذا الاستدلال بهذا الدليل لا يفيد المشهور بل في غير محله.


[1] كتاب الخمس (السيد الشاهرودي)، 1ج130.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo