< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

40/08/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: استدلال صاحب المدارك ومقتضى التحقيق:

بعد أن تحدثنا حول استدلال المشهور وأشكلنا على كيفية الاستدلال وصلاحية دليليته، لم يبق للمشهور دليل صالح يستدل به، لأن دليل المشهور كان منحصراً في أصالة البراءة، كما قال صاحب الجواهر، وأشكلنا عليه وقلنا بأن ما نحن فيه ليس مجرى لأصالة البراءة، مضافاً إلى ذلك لن تصل النوبة إلى الأصول العملية لأن الإطلاق اللفظي موجود، إنما يكون الأصل دليل حيث لا دليل.

والقول الأول هو الذي ذهب إليه صاحب المدارك، إذ استدل بإطلاق لفظ صحيحة البزنطي التي قال فيها سألت أبا الحسن عما أخرج من[1] المعدن قليل أو كثير هل فيه شي‌ء؟ فقال : ليس فيه شي‌ء حتى يبلغ ما يكون في مثله الزكاة عشرين ديناراً[2] .

فبناء على اعتبار إطلاق الدليل اللفظي، وتقدمه على الاستدلال بالأصول العملية، فالاستدلال بإطلاق هذا الحديث تام لا يرد عليه شيء.

ومن الواضح بعد هذا البيان أن الحق مع صاحب المدارك في القول باعتبار النصاب قبل استثناء المؤونة، وإن كان قوله خلاف المشهور، ولكن هذا مقتضى إطلاق الدليل اللفظي.

فإذن نقول بأن مقتضى التحقيق عدم استثناء المؤونة في اعتبار النصاب في تعلق الخمس بالمعدن، وهو الحق.

 

الأمر الثالث: هل أن المعتبر بلوغ النصاب ولو كان من إخراجات متعددة عن معدن واحد؟ أم أنه إخراج عن معادن متعددة؟ أو اشتراك البعض في معدن واحد؟.

إن هذا الفرع هو الأمر الذي بقي في اعتبار النصاب في خمس المعدن، وإن كان هو في الحقيقة أمور و فروع متعددة، ولكن لابد من الحديث حولها في جهات عديدة،

منها: وحدة الإخراج.

و منها: وحدة المستخرِج.

و منها: وحدة جنس المخرَج.

فأما الجهة الأولى : فهل يشترط في الإخراج أن يبلغ النصاب دفعة واحدة، فبناء على ذلك لو أخرج مثلاً عدة دفعات وكان كلٌّ منها لا يبلغ النصاب، ولكن المجموع بلغ نصاباً واحدا أو أكثر لا يجب الخمس فیه، أو لا یشترط؟

وأما الجهة الثانية: فمثلا لو شارك عدد من الأشخاص في استخراج المعدن، فهل يشترط بلوغ سهم كل مستخرِج إلى النصاب المعین، أو يكفي بلوغ سهم المجموع؟

و الجهة الثالثة: هل يشترط اتحاد الجنس الذي يخرج من المعدن أو المعادن، فلو اشتمل المعدن على جنسين أو أزيد، دون بلوغ كلٍّ منها بمفرده النصاب، ولكن بلغ قيمة المجموع نصاباً، لا يجب إخراجه، أو لا يشترط؟

فهذه المباحث وقعت موضعاً للبحث والحوار بين الفقهاء و ذكروها في كتبهم الفقهية، فنجدُ أقوالا متعددة في ذلك، ولكننا نظن أن المسألة ليست صعبة، بل من المسائل التي كان المعيار فيها العرف، لأن وحدة الإخراج هي مسألة عرفية يمكن الاعتماد على العرف في تعيينه.

ففي ذلك قال المحقق البحراني في الحدائق: المفهوم من كلام جملة من الأصحاب أنّه لا يعتبر في النصاب الإخراج دفعة، بل لو أخرج المعدن في دفعات متعدّدة، ضمّ بعضها إلى بعض واعتبر النصاب من المجموع، وإن تخلّل بين الدفعات الإعراض، وشرط العلّامة في «المنتهى» أن لا يكون بين الدفعات إعراض، فلو أهمله معرضاً ثمّ أخرج بعد ذلك لم يضمّ، وهو تقييد للنصّ بغير دليل؛ فإنّ ظاهر النصوص المتقدّمة وجوب الخمس في هذا النوع كيف اتّفق الإخراج. فالتقييد بهذا الشرط يحتاج إلى دليل وليس فليس.

ولنلتفت إلى ما قاله السيد الإمام في المقام في تحرير الوسيلة.

قال السيد الإمام:

ولا يعتبر الإخراج دفعة على الأقوى، فلو أخرج دفعات وبلغ المجموع النصاب وجب خمس المجموع حتى فيما لو أخرج أقل منه وأعرض ثم عاد وأكمله على الأحوط لو لم يكن الأقوى، ولو اشترك جماعة في استخراجه فالأقوى اعتبار بلوغ نصيب كل واحد منهم النصاب، وإن كان الأحوط إخراجه إذا بلغ المجموع ذلك، ولو اشتمل معدن واحد على جنسين أو أزيد كفى بلوغ قيمة المجموع نصابا على الأقوى، ولو كانت معادن متعددة لا يضم بعضها إلى بعض على الأقوى وإن كانت من جنس واحد، نعم لو عدت معدنا واحدا تخلل بين أبعاضها الأجزاء الأرضية يضم بعض إلى بعض.[3]


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo