< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/02/13

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المسألة الثانية من مسائل الخمس:

قال السيد الإمام :

>قد مرّ أنه لا فرق في تعلق الخمس بما خرج عن المعدن بين كون المستخرج مسلماً أو كافراً بتفصيل مرّ ذكره، فالمعادن التي يستخرجها الكفار من الذهب والفضة والحديد والنفط والفحم الحجري(معدن كربونيّ أسود برّاق، تكوَّن من أخشاب الأشجار التي طُمرت في جوف الأرض خلال عصور طويلة.) وغيرها يتعلق بها الخمس، ومع بسط يد والي المسلمين يأخذه منهم. لكن إذا انتقل منهم إلى الطائفة المحقة لا يجب عليهم تخميسها حتى مع العلم بعدم التخميس، فإن الأئمة (عليهم السلام) قد أباحوا لشيعتهم خمس الأموال غير المخمسة المنتقلة إليهم ممن لا يعتقد وجوب الخمس كافراً كان أو مخالفاً، معدناً كان المتعلق أو غيره من ربح التجارة ونحوه. نعم لو وصل إليهم ممن لا يعتقد الوجوب في بعض أقسام ما يتعلق به الخمس من الإمامية اجتهاداً أو تقليداً أو يعتقد عدم وج مع عدم تخميسه. نعم مع الشك في رأيه لا يجب عليه الفحص ولا التخميس مع احتمال أدائه، ولكن مع العلم بمخالفة رأيهما فالأحوط بل الأقوى التجنب حتى يخمس<[1] .

إن هذه المسألة بتمامها لها صدر و ذيل وهما يشكلان مسألتين مهمتين.

أما صدرها فهو شامل لكثير من أبواب الفقه، ويجرى في العديد منها، بل أسست له قاعدة فقهية مشهورة سميت بقاعدة (الكفار مكلفون بالفروع كما أنهم مكلفون بالأصول).

و هذه القاعدة في فرض إثباتها أو نفيها تؤثر في أكثر من باب من أبواب الفقه.

وأما وجه ارتباط البحث بما نحن فيه من كتاب الخمس فهو أنّ وجوب دفع الخمس تكليف شرعي فرعي فلو لم يكن الكافر مكلّفاً بالفروع لا يثبت وجوب الخمس في حقّه.

وأما ذيل المسألة فهو كذلك مسألة مهمة ولكنها مختصة بباب الخمس، وهو تحليل خمس الأموال التي تنتقل إلى الشيعة من غيرهم، لأن الأئمة (ع) قد أباحوها لشيعتهم حسب ما ورد في الروايات.

فلذلك هذه المسألة تحتاج إلى البحث في جانبين:

أما الجانب الأول فهو تكليف الكفار بالفروع وقد ذكره الفقهاء.

والجانب الثاني هو البحث عن تحليل الأئمة الخمس للشيعة وموارده.

تحقيق في قاعدة : الكفار مكلفون بالفروع كما أنهم مكلفون بالأصول

قد يعبر عن هذه القاعدة بقاعدة (اشتراك الكفار مع المسلمين في التكليف)

فهذه القاعدة لها أهمية من الجهتين:

الجهة الأولى: ما يترتب عليها من الآثار، بناءً على القول باشتراك الكفار مع المسلمين في التكليف؛ حيث لا بد حينئذٍ من جريان جميع آثار التكليف بالفروع في حق الكفار، من وجوب تعلّم الأحكام، ووجوب إجراء الحدود والتعزيرات عليهم، بل القضاءُ والكفارات، إلّا ما ارتفع عنهم بعد إسلامهم بقاعدة الإسلام يجبُّ ما قبله.

وقد وقع الكلام والنقض والإبرام في ترتب هذه الآثار بين الفقهاء والأصوليين.

ثانيتهما: بناء علی القول بإثبات هذه القاعدة تنقدح شبهة الإجبار والإكراه في الإسلام على قبول الدين والعمل بأحكامه، حتى الكفار والمشركين الذين لم يعتقدوا بأصل الإسلام ولم ينقادوا أحكامه.

فكيف يمكن إجبار من لم يعتقد ديناً ولم يلتزم بأحكامه على‌ العمل بأحكامه والعقوبة على ترك العمل بقوانينه؟!

و هذه العويصة والشبهة الاعتقادية إنّما تنشأ من القول بحجية هذه القاعدة ولا بدّ من حلّها والإجابة عنها ببيان منطقي برهاني.

و أما قبل البحث حول القاعدة فينبغي أن نشير إلى نقطة مهمة و هي التنويه إلى أن هذه القاعدة هي قاعدة أصولية وليست قاعدة فقهية.

لأن الفرق بينها وبين القاعدة الفقهية، أنّ القاعدة الأصولية هی قاعدة كبرى تقع في الحدّ الأوسط من قياس الاستنباط، ونتيجتها تعتبر حجّة على الحكم الفرعي الكلي، وليست بنفسها حكماً كلياً.

و هذا بخلاف القاعدة الفقهية؛ حيث إنّها وإن كانت أيضاً كبرى كلّية صالحة للاحتجاج بها على الحكم الفرعي، إلّا أنّها أحكامٌ كلية شاملة لمصاديقها وأفرادها التي هي أيضاً أحكام كلية ونطاقها أصغر من‌ القاعدة.

لأننا نستدل بالقاعدة الفقهية على الأحكام الفرعية من باب الاحتجاج بالكلي على مصاديقه وأفراده لا بعنوان الحجة علی الحكم الفرعی الكلي.

وما نحن فيه هو الاشتراك في الأحكام بين الكفار والمسلمين، وهو ليس حكماً شرعياً، بل هو كبرى كلية على سبيل القضية الحقيقة صالحة للاحتجاج بها على ثبوت الحكم الفرعي الشرعي.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo