< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/04/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أقوال الفقهاء في متعلق الخمس فيما يفضل عن مؤونة السنة:

ذكرنا قول السيد الامام والسيد المرتضى لأجل تشخيص متعلق الخمس فيما يفضل عن مؤونة السنة، ونذكر اليوم عبارات سائر الفقهاء قديماً وحديثاً.

قول الشيخ الطوسي في الخلاف:

(يجب الخمس في جميع المستفاد من أرباح التجارات، والغلات، والثمار على اختلاف أجناسها بعد إخراج حقوقها ومؤونها، وإخراج مؤنة الرجل لنفسه ومؤنة عياله سنة. ولم يوافقنا على ذلك أحد من الفقهاء. دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك، لأنه إذا أخرج الخمس عما ذكرناه كانت ذمته بريئة بيقين، و ان لم يخرج ففي براءة ذمته خلاف). [1]

ويقول في المبسوط:(ويجب [الخمس] أيضا في ... و أرباح التجارات و المكاسب و فيما يفضل من الغلات من قوت السنة له و لعياله). وبعد صفحات من كتابه يقول:

(والغلات والأرباح يجب فيها الخمس بعد إخراج حق السلطان ومؤونة الرجل ومؤونة عياله بقدر ما يحتاج إليه على الاقتصار). [2]

يظهر من عبارات الشيخ في الخلاف والمبسوط أن الأساس عنده في متعلق الخمس هو الاستفادة بنحو مطلق حيث قال: يجب الخمس في جميع المستفاد من....

ولا ريب في أن المقصود من الاستفادة هو التكسب بمعناه العام الذي يشمل جميع ما ذكره الشيخ وكذلك السيد المرتضى في كتبهم.

وإن كان السيد البروجردي في كتابه قد ضيق مفهوم ما قاله السيد والشيخ في الاحتمال الثالث وهو ما يفضل عن مؤونة السنة في غير الهبة والإرث، مستدلا بأن الاستفادة التي
وردت في كلام الشيخ من باب الاستفعال، وفيه معنى الطلب والسعي لأجل كسب شيء، وبالتالي هذا المفهوم أي التكسب لا يشمل الهبة ولا الميراث، لأنهما لا يوجد فيهما لا الطلب و لا السعي لكسب شيء و لا قصد التكسب فيختص الخمس بغير الهبة والميراث.

ويمكن القول بأن الطلب مكنون في مادة الفائدة فضلا عن اشتقاقها واستعمالها في باب الاستفعال فلذلك في جميع مشتقات هذه المادة يوجد طلب وتعب.

ولكن المتأمل يجد أن الأمر ليس كذلك، بل لا يوجد في الفائدة والتكسب معنى الطلب ولا السعي ولا التعب بل من الممكن عدم وجود القصد فيه، وإن قال به المشهور من الفقهاء؛ لأن اللغويين عندما تحدثوا بشأن التكسب قالوا إن المقصود من التكسب مطلق الفائدة، وليس فيه طلب ولا تحصيل مال، بل الغنيمة في كثير من الموارد تحصل للإنسان فجأة من دون طلب مسبوق.

وكذلك الحال في غنيمة دار الحرب، فهي تحصل للإنسان فجأة، لأن المجاهد قصده الجهاد وقتال العدو وليس في ذهنه الوصول الى الغنيمة، وإن تحصل له بعد فراغه من الجهاد وغلبة العدو. فإذن لا يوجد في التكسب بمعناه العام طلب ولا السعي لكسب شي ولا غيرهما.

وإذا استخدم اللغويون هذه المادة ومشتقاتها في محاورات العرب فإنما يستخدمونها في مطلق الفائدة مثلا اذا قيل: "للشمس فوائد كثيرة"

هل يقال لمن يستفيد من فائدة الشمس وضياء الشمس وحرارة الشمس أنه يتحمل التعب أو يطلب الضوء و الحرارة؟

القيومي في مصباح المنير يقول:[ف ي د] الفَائِدَةُ : الزِّيَادَةُ تَحْصُلُ لِلْإِنْسَانِ وَهِيَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ قَوْلِكَ ( فَادَتْ ) لَهُ ( فَائِدَةٌ ) (فَيْداً ) مِنْ بَابِ بَاعَ وَ (أَفَدْتُهُ) مَالاً أَعْطَيْتُهُ و (أَفَدْتُ) مِنْهُ مَالاً أَخَذْتُ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ (الْفَائِدَةُ) مَا (اسْتَفَدْتَ) مِنْ طَرِيفَةِ مَالٍ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ مَمْلُوكٍ أَوْ مَاشِيَةٍ وَقَالُوا (اسْتَفَاد) مَالاً (اسْتِفَادَةً ) وَكَرِهُوا أَنْ يُقَالَ (أَفَادَ) الرَّجُلُ مَالاً (إِفَادَةً) إِذَا (اسْتَفَادَه ) وبَعْضُ الْعَرَبِ يَقُولُهُ قَالَ الشّاعِرْ : نَاقَتُهُ تَرْمُل فِي النِّقالِ مُهلِكُ مالٍ و مُفِيدُ مَالِ

وَ الْجَمْعُ ( الْفَوَائِدُ ) وَ ( فَائِدَةُ ) الْعِلْمِ وَالْأَدَبِ مِنْ هَذَا.[3]

وكذلك في مادة الكسب والتكسب إذا يقال في القرآن الكريم: ﴿لَها ما كَسَبَتْ‌ وَ عَلَيْها مَا اكْتَسَبَت﴾[4] من الواضح أن الانسان المطيع في الدنيا لم يكن يتصور أنه ينال أعلى درجات الجنة واكتسبها في الأخرة وأعطاه الجنة.

وإذا يقال: القمر يكسب الضياء من الشمس لا يعني أن القمر يطلب الضياء من الشمس أو يتعب نفسه في استفادة الضياء من الشمس بل المعنى واضح أنه يستنير من الشمس فهو يستفيد من ضوئها، فحينئذ المعنى عام يشمل الهبة والميراث حسب القاعدة في البحث لو لا وجود دليل خاص يخصص العام والقاعدة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo