< فهرست دروس

الأستاذ السيد ابوالفضل الطباطبائي

بحث الفقه

41/06/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: رد على إشكال السيد الخوئي:

ظهر مما نقلنا عن السيد الخوئي أنه قد أشكل على السيد اليزدي في تفصيله في استثناء المؤونة بين الأمور المادية والأمور القُربية والمعنوية في ضرورة رعاية شأن الأشخاص في الأول وعدمه في الثاني.

والملاك في إشكال السيد الخوئي على السيد اليزدي وأيضا يعتبر إشكالاً على السيد الامام، وهو عدم اعتبار الشأن في الأمور الدينية والقُربية؛ لأنه من الواضح أن الأمور القُربية إذا أمر الله بها لا يعتبر إسرافاً فالمسلمون كلهم شأنهم شأن واحد ولا يختلف البعض عن بعض، بما أن كل واحد من المسلمين يحتاج إلى أجر وثواب وجنة ورضى الله.

وفي مقام الرد على إشكال السيد الخوئي فنقول:

أولا: لا شك في أن كل المسلمين يحتاجون إلى الثواب والأجر الأخروي ونيل الدرجات المعنوية، ولا شك في عدم الفرق بين العباد من هذه الجهة، ونحن نوافق السيد الخوئي ولا كلام لأحد في ذلك.

والكلام في أنه هل المقصود من المؤونة هي مؤونة المعاش أو يشمل مؤونة المعاد؟

لاشك في شمول عنوان المؤونة لمؤونة المعاش بحد متعارف واستثناؤه عن الخمس، وأما شموله لمؤونة المعاد فإذا كان خارجاً عما يحتاجه إليه في معاشه المتعارف فهو يحتاج إلى دليل.

نعم المقدار الذي يصرفه الإنسان المؤمن حسب عقيدته لمعاده المرتبط بمعاشه فهو داخل في العنوان؛ لأن الانسان يعيش بحسب عقيدته، فالمؤمن يؤمِّن معاشه من طريق الحلال فإذا كانت تكلفة الحلال أكثر فلا بد من تهيئته فتكون مؤونته أكثر.

واذا كان يعتقد بدفع البلاء بسبب الصدقة، فالصدقة تعتبر من مؤونة المعاش لا المعاد أصلا لكن كل ذلك بحد متعارف لا خارج المتعارف.

وحتى المرأة بما أنها تعتقد بالحجاب فلا بد من تأمين الحجاب ويحتاج إلى التكلفة وهو يدخل في المؤونة بحد متعارف.

وأما زيادة على ذلك فهو من نعومة المعاش ويحتاج إلى دليل.

فالقول باستثناء كل المؤونات حتى مؤونات المعاد بدون رعاية الحد الوسط فهو يحتاج إلى دليل وبالتالي القول بالتفصيل هو الصحيح.

وأما الجواب والرد الثاني لإشكال السيد الخوئي فنقول:

إن السيد الخوئي تصور أن القول بضرورة رعاية الحد الوسط وعدم الاسراف في استثناء المؤونة لأجل حرمة الإسراف في الشرع المقدس، فأشكل على التفصيل بأنه بعد أمر الشارع بالأمور القُربية والمعنوية والعبادية فلا إسراف في البين كي نقول بحرمته وعدم استثنائه عن الخمس.

ولكن لا بد من الالتفات إلى هذه النقطة وهي: إنه ليس القول بالتفصيل وعدم استثناء مؤونة الامور المعنوية لأجل حرمة الإسراف بل لأجل عدم صدق المؤونة في العرف؛ لأن العرف يحكم بصدق العنوان حسب المتعارف الموجود، لا بشكل مطلق وبشكل عام.

يُضاف إلى ذلك أنه ليس الكلام والبحث في جواز صرف المال فوق الحد الوسط في الأمور المعنوية وعدم جوازه بل الكلام في استثنائه.

ومن الظاهر الواضح أنّ البحث في الجواز وعدمه أمرٌ، والبحث في المؤونة المستثناة من الربح المتعلّق للخمس أمر آخر، فالشخص إن تصدّق بجميع ما زاد على مؤونته وإن لم يرتكب أمراً غير جائز، إلّا أنّ الكلام في استثناء هذا التصدّق وعدمه، وإذا زار المكلف العتبات المقدسة كل شهر وصرف المال الكثير في ذلك لم يرتكب فعلا حراما، ولكن الكلام في استثنائه بعنوان المؤونة .

فبناء على ذلك يكون الحق مع السيد الامام والسيد اليزدي في التفصيل.

وأما انحصار المؤونة وصدقها في المؤونة الفعلية لا التقديرية فهو أيضا بحسب الصدق العرفي صحيح ولا بد من القول به ولكن النقطة المهمة هنا أنه ليس المقصود من المؤونة الفعلية هو الذي صرفه سابقا بل يكفي العلم بصرفه ولو في المستقبل من الزمان لنفسه وعياله وما يتعلق بشأنه.

يعني لو تعلم باحتياجك إلى هذا المبلغ ولكن لم يسمح الوقت لصرفه أو لا بد من صرفه بعد عدة أيام فيجوز استثناؤه؛ لأن العرف يحكم بأنه من مصاديق المؤونة الفعلية.

يعني اننا نعلم أنك ما صرفته ولكنه نعلم ستصرفه إلى آخر السنة الخمسية قريبا ولذلك نعتبره من مصاديق مؤونتك فيُستثنى قطعا، لأن المقصود من الفعلية هي الفعلية حين التخميس. وليس المقصود من المؤونة الفعلية هو الصرف الفعلي، بل إنما يدور صدق العنوان مدار واقع الصرف يعني هو المقدار لا بد من الصرف ولكنه اما صُرف واما سيصرف قطعاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo