< قائمة الدروس

بحوث الفقه

الأستاذ الشیخ ناجي طالب

37/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع : الوضوء في المكان المغصوب
مسألة 4 : لا فرق في عدم صحة الوضوء بالماء المضاف أو النجس أو مع الحائل بين صورة العلم والعمد والجهل أو النسيان، وأما في الغصب فالبطلان مختص بصورة العلم والعمد، سواء كان في الماء أو المكان أو المصب، فمع الجهل بكونها مغصوبة أو النسيان لا بطلان، بل وكذا مع الجهل بالحكم أيضاً إذا كان قاصراً، بل ومقصراً أيضاً إذا حصل منه قصد القربة، وإن كان الأحوط مع الجهل بالحكم خصوصا في المقصر الإعادة.

لا شكّ في بطلان الوضوء بالماء المضاف، وبالماء المتنجّس، ومع الحائل، بين صورة العلم وصورة الجهل، والعمد والنسيان، وذلك لأنّ البطلان هنا واقعي، ولا يمكن تصحيح الوضوء بوجه .
أمّا في الغصب، فصحّة الوضوء متوقّفة على عدّة اُمور، فإن تواجدت كان الوضوء صحيحاً منها : (1) كون نفس الفعل محبوباً في نفسه عند المولى تعالى، فلا يمكن التقرّب إلى الله بظلم الناس، فالظلم مبغوض في نفسه، ولا يمكن أن يصير عبادة، كما في قيام النواصبِ في زماننا بتفجير الناس بادّعائهم أنه عبادة مقرِّبة إلى الله تعالى، فلو كان الناصبيُّ قد نذر أن يعبد الله بفعلٍ ما، ثم قام بتفجير الناس، ثم علم أنه حرام، فعليه أن يقوم بعبادةٍ غيرها ولو بصلاة نافلة، لأنّ ما قام به ليس عبادةً واقعاً . (2) أن ينوي القربة إلى الله تعالى . (3) أن يكون وضوؤه تامّاً من جميع الجهات المعروفة . فلو فرضنا أنّ هذا الشخص كان جاهلاً جهلاً موضوعيّاً بكون هذا الإناء مغصوباً، أو بكون المكان مغصوباً، أو بكون مصبّ الماء مغصوباً، ونوى القربةَ إلى الله تعالى، فلا يبعد أن يكون وضوؤه محبوباً في نفسه، بل ومأموراً به أيضاً تمسّكاً بإطلاق [إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم .. ] [1]، نعم يصعب جرّ هذا الكلام إلى الجاهل المُقَصِّر وإلى الناسي إذا كان هو بنفسه الغاصبَ، وذلك لأنّ العقلَ لا يَعْذُرُهُما، وبالتالي يصعب تصحيح وضوئهما، وذلك لأنّ فِعْلَهما هذا يكون مبعّداً لهما وموجباً للعقاب، فيصعب وصف الوضوء بكونه عبادةً مقرّبة . ولذلك يصعب جداً تصحيحُ وضوء الغاصب الملتـفت للغصب الجاهل بالحكم أي بالحرمة .
ولذلك مَن كان مستأجِراً لشقّةٍ بالأجرة القديمة في لبنان مثلاً، وبعد تنزّل قيمة الليرة تنزّلاً كبيراً غيرَ متوقَّع، هو لا يزال يعطي صاحبَ المنزل الأجرة القديمة التي تنزّلت جدّاً عن الأجرة السابقة، ورغم ذلك المستأجرُ يصلّي في البيت، مع أنه في هكذا حالة هو غاصب، وذلك لأنّ المفروض أنّ صاحب البيت لا يرضى ببقائه بالأجرة التي فقدت قيمتها السابقة، فعلى المستأجرِ أن يترك البيت فوراً وأنْ يعوّضَ ما فات صاحبَ البيت من أجرة المثل للبيت، وإلاّ كان غاصباً للأجرة أيضاً . وفي صلاته إشكال واضح لأنه يعلم بعدم رضا صاحب البيت، أي هو يعلم ـ بأدنى تأمّل ـ أنه غاصب، وذلك لأنّ صاحب البيت حينما أجّره البيتَ منذ ثلاثين سنة مثلاً لم يكن يتوقّع أن تنحدر قيمةُ الليرة إلى هذا الحدّ العجيب، لذلك كان من الواجب أن يعطي المستأجرُ الأجرةَ بحسب القيمة السابقة أي بحسب ما كان يُشترَى بالأجرة سابقاً ذَهَباً أو جمالاً أو بقراً أو غنماً .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo